بقلم: حميد الشاكر
عندما كنت شغوفا بقراءة النظريات الفكرية الفلسفية والاخرى العلمية وخاصة منها الغربية في بداية مطالعاتي الثقافية ، صادفت ان قرأت في كتب الفكر والفلسفة بابا مطولا لنظرية النشوء والارتقار لعالم الطبيعيات الانجليزي تشارلز دارون ، والحقيقة وبما ان عادتي في القراءة هي الدخول لمحراب التأمل بغير اي رؤية مسبقة لهذا الموضوع او ذاك من المواضيع الانسانية ، تفاعلت وبكل ما أوتيت من تأمل روحي لافهم ما استطعت هذه النظرية ، والتي كانت في بدايات القرون الحديثة الفتح الاعظم لفهم مسيرة الانسان من البداية وحتى النهاية بصورة تجريبية علمية !.والواقع اني فهمت من مجمل هذه النظرية العلمية : ان الانسان كائن طبيعي متطور من المرحلة الادني طبيعيا الى المرحلة الاعلى تكوينيا حتى وصل الانسان الى ماهو عليه بعد القفزة النوعية التي امتطى صهوتها الانسان من الحيوانية الى البشرية بمساعدة القانون الكوني الاوحد الذي يوفر البقاء للاقوى وللاصلح وجوديا في هذا العالم الغريب الصورة !.ان هذه الصورة التي تشرح مسيرة الانسان الطبيعية ، لاريب انها اضافت لافاقي الفكرية الضيقة آنذاك فكرا اخر وسع من هذا الضيق الثقافي الذي كنت احمله وراثيا ودينيا عن مسيرة الانسان الطبيعية ، ولم اجد ( بصراحة ) اي تصادم يذكر وانا اتامل هذه النظرية ، بين ما احمله فكريا ووراثيا ودينيا أسلاميا ، وبين ماكانت تتحدث به نظرية النشوء والارتقاء الداروينية من ان الانسان كائن طبيعي متطور باعتبار ان الفكر الاسلامي الديني الوراثي فيه من السعة والمرونة مايجعل اي مسلم يستقبل الرأي الاخر بلا حرج يذكر ، ولاسيما ان الفكر الاسلامي الاصيل لايجد هناك اشكالية كبيرة ان قيل ان الانسان كائن متطور من مخلوق ادنى منه خلقيا ، باعتبار ان السؤال الفلسفي الاسلامي الكبير سيبقى موجودا ايضا في علاقة الانسان بخالقه حتى بعد الايمان بأن الانسان اصله قرد او ان القرد اصله كائن زاحف وان الكائن الزاحف اصله كائن مائي .... ، فكل هذا يأتي بعده سؤال من الذي حرك ومن الذي طور ومن الذي خلق ؟.وعلى اي حال ومع ان الاسلام يرى في الانسان انه مخلوق مكرّم وأعلى منزلة من باقي الموجودات العالمية ، فانه لايمانع ان يؤمن اي انسان بانه مخلوق متطور له خالق رعى هذه المسيرة من التحرك من الادنى حتى الوصول للانسانية البشرية اليوم ، ألا وهو الله سبحانه وتعالى !.نعم : - للنظرية القرءانية بعدا آخر في الرؤية لمسيرة الانسان الكونية والعالمية ، والتي هي ان تتبعنا جميع الخطوات والافكار والتأملات والنصوص القرءانية والرسالية سنجد انها النظرية التي تقول بالمسيرة المعاكسة لنظرية التطور الداروينية ، فالانسان حسب الرؤية الفكرية للاسلام مخلوق خلق من أب وأم واحدة ، بصورة يكون فيها هذا الانسان مخلوقا مكرمأ عاقلا مكلفا ... ومسؤولا أمام الله سبحانه وتعالى ، وهذه العملية من الخلق لم تأتي عبثا او بلامبرر ، وانما كانت عملية خلقية مدروسة تماما لتكون الشاهد والدليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وبرهان واضح على سلطنته الكاملة على الوجود بشكل مطلق !.وهنا ليس لنا من حق ان قارنا بين النظرية الاسلامية القرءانية هذه لمسيرة الانسان ووجوده البشري ، وبين ما نقرأه في رؤية نظرية التطور الداروينية الا ان نستفهم عن : من هي الرؤية الحقيقية النفعية اولا ؟.وماهو الاتجاه المعاكس بين النظرية القرءانية والاخرى الداروينية ؟.ومن هي الرؤية التي تحافظ على معنوية الانسان وعلو منزلته الاخلاقية ؟.ومن هي النظرية الاقرب للرؤية الانسانية المحترمة ، وهل الانسان يصبح اكثر تقديرا ان قلنا ان مرجعيته حيوانية ؟.أم انه سوف يصبح اكثر احتراما انسانيا لحقوقه الوجودية ان قلنا ان مرجعية الانسان هي مرجعية انسانية محترمة ايضا ؟.بمعنى اخر : هل عندما ننظر للانسان على اساس انه حيوان متطور ستكون حقوقه الانسانية في الحياة وحفظ الكرامة والتعامل معه بقداسة متوفرة في نظرية التطور هذه ؟.ام انه سيكون اكثر احتراما لحقوقه الانسانية من قبل الاخرين المشاركين له في الادمية عندما ننظر اليه على اساس انه خليفة لله سبحانه وانه مخلوق مقدس ومحصن النفس والدم والحياة والفكر ؟.تمام ُ : انها اسألة كبيرة وبحاجة حقيقية لدراسة فكرية منفصلة عن مانحن بصدده الان من فهم معادلة (( الكيفية التي استطاعت من خلالها فئة من الخوارج في الاسلام يسمون وهابية في العصر الحديث قلب هذه المعادلة لتؤكد الرؤية القرءانية في مقابلة الرؤية الداروينية في العصر الحديث )) فأذن ماهي الرؤية القرءانية المعاكسة لنظرية النشوء والارتقاء الطبيعي ؟.وكيف جسدت الوهابية المعاصرة تطبيقا يؤكد النظرية المعاكسة لعملية التطور ؟.في الاطروحة الاسلامية بصورة عامة ومنها رؤية القرءان الكريم مقولة تتحدث عن الاتي وهي : بأن الانسان كائن خلق بتمام الخلقة البشرية :(( ان الله خلق ادم على صورته / حديث شريف / اي على نفس هذه الهيئة الانسانية ))، وهو مكرّمُ من خلال هذه الخلقة المعنوية :(( ولقد كرّمنا بني آدم / قرءان كريم )) ، وهو لم يكن ليتأهل ليكون خليفة لله سبحانه لولم يكن بهذه الخلقة :(( اني جاعل في الارض خليفة /قرءان كريم )) وهذه المنزلة المعنوية الاخلاقية الرفيعة التي هو عليها منذ الخلق البشري الاول آدم عليه السلام وحتى الانسان في العصر الحديث هي هي نفسها لم تتغير او يصيبها مرض التطور في الفطرة السليمة ، ولكن ومن خلال عوامل انسانية واخرى اجتماعية وثالثة سياسية ورابعة عقدية ، وخامسة اسرية ، وسادسة جغرافية ، وسابعة طبيعية .....، ترى الاطروحة الاسلامية انه قد ينتكس الانسان انتكاسة معنوية خطيرة جدا ، بحيث تكون هناك عملية ارتداد خلقية وخُلقية ، ترجع بالانسان معنويا ونفسيا وروحيا وعقليا واخلاقيا ، من المنزلة الانسانية البشرية الادمية ، الى المرتبة والمنزلة الحيوانية :(( ان هم كالانعام بل هم اضلّ سبيلا / قرءان كريم )) ليكون الانسان في الظاهر والمادة والصورة انسانا ، ولكنه في الواقع وفي الحقيقة وفي الفكر وفي العقلية وفي النفس مجرد وحش كاسر من وحوش الحيوانات الغير داجنة ، بل المفترسة التي ترى اي شيئ يتحرك على هذا الوجود اما خطرا وأما فريسة بالامكان التهامها بكل بساطة وبلا وخز ضمير يذكرباعتبار ان للوحوش طبائع خلقية جبلت على ان تفترس الاخرين بلا رحمة كي تعيش بلا امان !.لاريب ان هذه الرؤية الاسلامية قد قلبت معادلة او نظرية التطور الطبيعي رأسا على عقب ، فبدلا من ان نرى الانسان وهو يسير من الادنى الى الاعلى في نظرية النشوء والارتقاء الطبيعي ، وجدنا ان الانسان ينحدر من الاعلى الى الادني في مشوار طريقته السلوكية الانسانية في الفكر الاسلامي ، ولافرق بين الرؤيتين الا كون النظرية الاسلامية ترى الانسان معنويا ، بينما تراه نظرية الارتقاء والنشوء ماديا فحسب !.اي بمعنى اوضح : انه ليس هناك مشكله او عقدة حقيقية في الفكر الاسلامي في شكل الكائن الحي خارجيا وماديا ، فالربما كان الانسان على شكل قرد قبيح جدا ماديا وظاهريا ، الا انه يحمل انسانا معنويا اخلاقيا عالي القيمة الادمية داخليا وباطنيا ، ففي مثل هذه الصورة يكون الانسان انسانا وان كان بمظهرية قرد يمشي على اربع أرجل ، بينما ترى نظرية الارتقاء والنشوء الطبيعي الانسان انسانا عندما غادر شكلا المشي على الاربع ليصبح ماشيا على اثنين ، فعندها قررت النظرية التطورية انسانية الانسان ظاهريا ولم تعتني بتطوره داخليا ومعنويا ايضا ، فلا مشكلة على هذا الفهم العلمي التطوري ان يكون الانسان انسانا من الخارج بينما هو لم يزل حيوانا شرسا من الداخل وهذا هو الفرق بين ان نرى التطور من منظور اسلامي وبين ان نرى التطور من منظور علمي غربي ايضا !.ان هذا الانقلاب في النظرية الذي اسس له الاسلام وجهة نظر مغايرة الى الانسان سيهب لنا الكثير من الفهم للانسان بصورة اسلامية راقية الانسانية تماما ، وسيدفعنا للسؤال ب : لماذا أسس الاسلام نظريته الثورية الانقلابية هذه على هذه الصورة من الرؤية ليرى ان تطور الانسان كان ينبغي ان يكون معنويا لاماديا كما تتوهمه النظريات المادية الظاهرية ؟.ولماذا أكدت الرؤية الاسلامية بكل قوة على نظرية الارتداد المعاكسة لتحذر منها بشكل مكثف ؟.بمعنى أسلامي : ما الحكمة من شرح الاسلام لنظريته المعاكسة لانتكاسة الانسان وارتداده من الانسانية الى الحيوانية ؟.ولماذا رأى الاسلام ان انسانية الانسان بروحه وفكره فقط وليس بشكله ؟.اذا اردنا حقيقة ً معرفة الاجوبة للاسألة الانفة الذكر علينا اخذ نموذج عملي وانساني ليقرب لنا الصورة الاسلامية بكل تجلياتها الفكرية والعلمية ، فمن المستحيل وحسب مانعتقد فهم الفكرة القرءانية الاسلامية بصورة واقعية اذا لم ننزل هذه او تلك من الرؤى الاسلامية على واقع الحياة الاجتماعية الانسانية ، لنرى من ثم مصداق كل حرف من الحروف الاسلامية مجسدة على ارض الواقع ، ونفهم بعد ذاك لماذا حذر الاسلام من نظرية الارتداد الانسانية في القرءان الكريم ولم يعتني في المقابل بنظرية التطور الداروينية الصورية تلك !. في نموذج الفكرة الوهابية - (على سبيل المثال) - الكثير من الاجوبة عن لماذية كون الاسلام حذر من الارتدادة الانسانية اكثر من التفاته الى عملية التطور الظاهرية ، ففي الفكر والممارسة البشرية للمؤمنين بهذه الفكرة الكثير من الظواهر السلوكية اللادمية التي تؤكد ان نظرية القرءان المعاكسة للنظرية التطورية هي الاسلم رؤية والاكثر واقعية انسانية ، ولنأخذ من الظاهرة الوهابية بعدين اساسيين للتطبيق الاسلامي :الاول : لماذا نظر القرءان بالخصوص الى بعض البشر بانهم مرتدون حيوانيا ؟.الثاني : كيف تحول الوهابي من كائن انساني ادمي كان متفوقا ، الى منتكس حيواني اصبح متوحشا ؟.ان الاسلام وكما ذكرنا انفا لايريد اهانه الكرامة الادمية عندما وصف بعض المنتمين ظاهريا الى الانسانية على اساس انهم بشر مرتدون خلقيا وواقعون في حضيض الحيوانية معنويا وفكريا :(( أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون / قرءان كريم )) ، وكيف ذاك والقرءان مليئ بفكرة :(( ولقد كرمنا بني ادم / قرءان كريم )) على اساس ان البشرية كلها مكرمة بغض النظر عن الشكل او اللون او القومية او الدين او الانتماء ........الخ ، ولكن بني ادم عليه السلام كلهم مكرمون بهذه الرؤية الاسلامية ، و منشأ هذا التكريم هو الاشياء المعنوية للانسان حسب ماذكرنا وليس الاشياء الخارجية لهذا السيد ، فعقل الانسان وروحه واخلاقه ومعنويته ، وتوجهاته النفسية .... هذه هي العوامل التي استحقت التكريم الالهي الاسلامي للانسان ، وليس شيئ آخر !.وعليه كان الانسان كلما كان مقارنا لصفاته المعنوية عقلا وفكرا وروحا واخلاقا ومعنوية .... كان قريبا حسب الرؤية الاسلامية للانسانية والبشرية والتكريمية والادمية للاحتفاظ بمنزلته الانسانية العالية ، أما ان قرر اي انسان ان يعتزل عقله ويحتجب عن التفكير تحت اي مبرر انساني او فكري او ديني او اقتصادي ، وان تتحول اخلاقياته الطبيعية من الرحمة الى القسوة ومن الانفتاح والحب الى الانغلاق والكراهية ، وان يعتقد بامتلاكه للحقيقة التي تؤهله لأن يكون مالكا لكل شيئ ....الخ ، عندما يصل اي انسان لهذه المرحلة عندئذ يقرر الاسلام ان هذا الانسان سقط من المنزلة الادمية الى المرحلة الحيوانية بانتكاسة وارتدادة من الصعب فهم عواملها الطبيعية ، وعندئذ يكون الانسان من وجهة النظر القرءانية انسان بالشكل والمادة ، وحيوان بالفكر والروح والنفس والطبع والاخلاق ايضا !.هنا يأتي دور التطبيق العملي الذي يؤكد لنا صواب هذه المسألة ، لنرى ان الوهابي فكرا وان كان شكله شكل انسان ظاهري ، الا انه ومع شديد الاسف من المنتكسين خلقيا والمرتدين حضاريا وبشريا ، فهو انسان يرى التفكير والفكر والانفتاح وباقي الشؤون العقلية لاي انسان ، ماهي الا مجرد زندقة حسب التعبير الديني وفتنة يجب الابتعاد عنها وبدعة يجب محاربتها والنيل من الدعاة لهذا المرض الخطير المسمى فكرا حسب عرفه العقلي والفكري والايدلوجي ايضا !.كذالك عندما تدرس اي حالة وهابية صغيرة او كبيرة كانت ، لتعرف وتدرك تصوره لاشياء : كالعقل والتفكير والفلسفة والمنطق والحب ولين السجايا والاخلاق الانسانية ..... وباقي الادوات التي تمثل في الاسلام هوية الانسانية المكرمة ، تراه ومع الاسف يحتقر كل ما من شأنه ان يضع الانسان قرءانيا بالمنزلة الادمية ، ولهذا وحسب الرؤية القرءانية للمخلوق الوهابي لاتستطيع الدفاع عن انسانيته امام المنطق القرءاني ، وهذا لالشيئ معقد بقدر ماهو رؤية قرءانية ترى ان انسانية الانسان مقترنة بفكره وعقله وروحه واخلاقه وتوجهاته العاطفية والاخرى الايدلوجية ، وكل هذا لايتفق مع دعوة اي وهابي يكره التفكير ويناهض العقل وينغلق عن التأمل ، ويبتعد عن المعنويات .... وهكذا !.وهكذا رأى القرءان والاسلام ان مشكلة المرتدين انسانيا انهم لايحملون فكرا وعقلا ووعيا يهيئهم لفهم الاسلام والانسان الاخر ، فهم :(( لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم ءاذان لايسمعون بها ، أولئك كالانعام بل هم أضلّ / قرءان كريم )) !.بل الانكى ان الوهابي المسكين ليس هو عدوا للفكر ومعطلا للحواس ومبتعدا عن التأمل فحسب بل ويعتقد دينيا وقداسيا انه يجب ان لايعمل عقله وفكره وحواسه في اي تفكير يفضي الى التغيير والتطوير الداخلي لحياة الانسان المعنوية ، بل هو باقي على نمط موحد من الايمان ومن الفكر يرى فيه مطلق الحقيقة الغائبة عن جميع البشر ، ولايدرك هذا المتحجر المسكين ان اساس اي حقيقة في هذا العالم اذا لم تعكس نمط يتغير داخل الانسان فكريا وعاطفيا كل يوم لايصاله لقمة التطور المعنوي ، فهي بدلا من ان تكون حقيقة تنقلب الى وثن يعبد من دون الله بلا اي روية !؟.ان الفرق في الرؤية الاسلامية بين اي انسان محترم واي حيوان كمخلوق لم ينل شرف التكريم الالهي ، هو في مدى ديناميكيته العقلية التي تستوعب الحركة لتكتشف كل يوم حقيقة جديدة تضيف الى كينونته الانسانية بعدا اخر من البشرية والادمية المكرمة خلقيا ، وهذا بعكس تماما من يبقى على فكرة واحدة ترى زاوية الحقيقة اصغر من ثقب ابرة في ظلمات بحر لجيّ ، واي حيوان كمخلوق موجود هو يملك حقيقة تنسجم مع وجوده العملي في هذا العالم ، الا ان الفرق بين الحقيقة الحيوانية عن الحقيقة البشرية ، ان الحقيقة الاولى جامدة وميتة وغير متحركة ولاهي متطورة حسب الرؤية القرءانية لهداية كل شيئ في الوجود ، أما الحقيقة التي تقارن انسانية الانسان فهي الحقيقة المتحركة والمتطورة والفاعلة والمنفعلة والعقلية والفكرية والاخذة والعاطية والمنتجة على المستوى الانساني للانسان !.صحيح ان الرؤية لاي مخلوق وهابي ستدلك بلا ادنى ريب على مدى الارتدادة الانسانية التي يعيشها أولئك المساكين اللذين كانوا من بني البشر ، الذي اراد الله سبحانه لهم الكرامة العقلية ولكنهم ابو الا الارتداد عن المسيرة الانسانية ليتحولوا ومع شديد التألم من واقع القمة البشرية الى حضيض الكارثية الحيوانية بمسيرة عكسية وارتدادية تؤكد ان الرؤية الاسلامية المناقضة للرؤية التطورية المادية هي الاوفر دقة لشرح مسيرة البشرية وكيفيتها عندما تنقلب من الاعلى الى الاسفل بدلا من الاسفل الى الاعلى !.ولكن وبعد كل هذه الحقيقة المؤسفة التي ارتنا كيفية ان يرتد الانسان من قمة الادمية الى مستوى الحيوانية هل انتهت لعبة نظرية التطور في مقابل رؤية الارتداد الاسلامية هذه بمثلها الناصع المخلوق الوهابي ؟.أم انه عندما أسس الاسلام لرؤية ترى : بأن الانسان مخلوق مكرّم لعقله وفكره ، وبالامكان انتكاسته حيوانيا ، اراد ان ينبهنا على ان الانسان المرتد انسانيا مخلوق رهيب ومرعب ومتوحش وكاسر .... وباقي الصفات الحيوانية ستنتقل اليه طبعا ورؤية وفكرا ؟.بمعنى مغاير : اذا اتينا بنموذج المخلوق الوهابي المنتكس خلقيا الى المرتبة الادنى وجوديا ( على حد تعبير القرءان الانعام ) فهل ستنتهي ارتداداته الخلقية الى حد الحيوانية ؟.أم انه سيتفوق على الحيوانية بصفاته وطبائعه الخلقية ليكون اضل سبيلا من حتى الانعام الوادعة التي لاترى في العالم شيئ مختلف ؟.الحقيقة لو اخذنا الظاهرة الانتحارية الوهابية الشائعة في العالم اليوم ( مثلا ) واردنا ان نحللها قرءانيا لنرى الكيفية التي من خلالها تحول هذا المخلوق الوهابي من انسان مفكر الى كاره وطارد للاخر الانساني وقاتل له ، فسوف لن نستطيع فهم هذا السلوك مطلقا من خلال العلوم النفسية او الاخرى الفلسفية او الثالثة السياسية او الرابعة الاقتصادية ....... وهكذا ، وانما نستطيع فهم وادراك وكشف وتحليل هذا السلوك الانتحاري اذا ارجعناه للرؤية القرءانية التي ترى في المخلوق الوهابي كائن مرتد انسانيا هذا !. فالكائن المرتد خلقيا في الرؤية الاسلامي كائن يحمل جميع مواصفات المخلوق الادنى منه وجوديا ، فهو ليس فحسب كائن لايمتلك عقلا يرشده للحقيقة فحسب ، او انه الكائن الذي يمتلك الحواس الطبيعية كما يمتلكها اي حيوان اخر بدون ان يستطيع الاستفادة من هذه الحواس الفكرية ، ولكن هو كائن بالاضافة الى انه شبيه الانعام في انعدام طاقة الفكر والتعقل للاشياء العالمية ، هو كذالك ايضا وبنفس اللحظة التي اصبح فيها كائن انساني مرتد عن انسانيته ، هو ايضا حمل فيروسات الطبائع الحيوانية ايضا ، فالحيوان المفترس يرى من طبيعته افتراس الاخرين بشكل لايعير اي اهتمام اخر لحالة الهجوم الحيوانية ، فليس هناك افعى او اسد او نمر ( مثلا ) او اي كاسر من الكلاب المتوحشة لديه الشعور والاحساس والتفكير بعواقب هذا الافتراس الطبعي للمخلوق الحيواني الاخر !.ونفس هذه الطبيعة الحيوانية الافتراسية التي ترى كل متحرك اخر هو هدف للافتراس والعنف والمعركة ، يرى الوهابي ان اي انسان اخر يتحرك في قبالته ومن غير فصيلته الحيوانية هدف مشروع للاقدام والجرأة والانتحار مع لذة غريبة لمعانقة الموت بصدر تملئه طبيعة ونشوة ولذة افتراس الاخرين !.نعم : وبكل صراحة ان الكائن الوهابي وحسب الرؤية القرءانية للارتداد الانساني لم يأخذ فحسب مرض تعطيل العقل والذي هو موجودا في باقي الكائنات الاقل منزلة من الانسان فقط ، بل هو زاد فوق هذه الحيوانية انه المخلوق الذي تشبع بطبائع الحيوانية المفترسة ليتحول هذا المسكين تماما في ارتداداته البشرية هذه من كونه حيوانا الى اضل سبيلا !.ولانستطيع في الحقيقة فهم اي كائن وهابي في هذا العالم اذا لم نفهم طبائع الحيوانات المفترسة بصورة دقيقة لترى اخيرا ان كل مافي طبائع هذه المخلوقات المفترسة تحول الى طبائع مخلوق كان بشرا مكرما الا انه انتكس مرتدا على عقبيه ليصبح كائنا غريبا متوحشا قاتلا يرى في الدماء لونا احب اليه طبيعيا من لون مياه صلاة المتعبدين الى الله سبحانه وتعالى ، ويرى في رائحة اللحوم المحترقة مايثير لعابه بشدة ليشارك باكل ما احترق من لحوم البشر وهي تتفجر تحت مسمى القتال وغير ذالك ، ولايرى في صراخ طفل او نواح ثكلى وهي تفترس لايفهم عندما يلتهمها لماذا هي تبكي ولماذا يرتعب الطفل من منظر الاسد وهو يمزق احشائه ليمضغ كبده بكل شهية تحت مسمى قتل ابناء الكفار والمشركين ....الخ ؟!.كل هذه القسوة والوحشية اذا لم نفهمهاعلى اساس الرؤية القرءانية الاسلامية للمرتدين انسانيا فسوف نكون بحيرة مابعدها حيرة في كوائن لهم وجوه كباقي وجوه البشر ولهم اجساد كباقي اجساد ابناء ادم ، الا ان لهم طبائع وسلوك لاتوجد الا في اشرس الكائنات عنفا وقسوة ، فهل يعقل ان يكون الوهابي انسانا راقيا ومكرما من قبل الله سبحانه وتعالى ؟.أم انه مخلوق بشكل انسان الا انه مع الاسف بروح مسخ حيوان متوحش الطبيعة ومفترس الاخلاق !.هذا هو الفرق ببساطة بين نظرية التطور الداروينية ، وبين نظرية الارتداد الاسلامية القرءانية .__________________
al_shaker@maktoob.com
https://telegram.me/buratha