بقلم المهندس والاعلامي : حازم خوير
بالامس القريب وحيث كنا نلمس الازدواجية في التعامل الدولي مع قضية العراق والحصار الاقتصادي المفروض عليه ابان حكم الطاغية المقبور كانت الماكنة الاعلامية الغربية تخص العراق بالذكر عند قياس احد القرارات على دولة ما بان (العراق حالة خاصة) وكثيرا ما كان المثقفون والسياسيون وحتى الناس البسطاء تأخذهم تحليلاتهم البسيطة والمعقدة حول هذا التشخيص للحالة العراقية دونما معرفة الاسباب الحقيقية ،وكنتجية حتمية وضعتها الستراتيجيات الامريكية المتعاقبة فقد كان مخطط للعراق ان يكون قاعدة الامريكيين الابدية التي منها ينطلقون الى كافة بقاع العالم فضلا عن استحكامهم على اخر مصدر للطاقة النفطية في العالم بعدان تنفذ جميع مصادرها.فعندما جرى على العراق تغيير سياسي جذري وشامل وهذا بالطبع ليس ماكانت كما خططت له الادارة الامريكية و والرعيل الذي تسوقه فرضت الارداة العراقية اجندات لم تكن بمجملها خاضعة لحسابات المحللين والساسة الستراتيجيين الامريكيين بل انها اشعرتهمبالصدمة وهم الذينكانوا يتصورون ان العراق افغانستان ثانية و يمكن وبسهولة تسويق بضاعتهم الرخيصة عليه ليصدقها التافهين ممن اكل الدهر عليهم وشرب فراحو ا يمرغون انوفهم بعمالة المحتل، لكن ابت تلك الارادة الا ان ترسم وتضع مستقبل زاهر في ظل حياة حرة كريمة لشعب مورست ضده شتى انواع القمع والتعسف كالمقصلات ودفن الاحياء تحت التراب والاقصاء والتهميش والتشريد فراح ابناؤه يخططون لدولة المؤسسات ويقيموا حكم العراق الدستوري ويرجعوا الحقوق لذويها وليظهروا للعالم كيف يستطيع الشعب العراقي الاعتماد على نفسه وان ينجح في بناء دولته دولة القانون وامتلاك زمام المبادرة في ادارة كافة شؤون البلاد.
والحدث الابرز اليوم على الساحة العراقية هو تساؤلات الشارع العراقي التي تضمنت اسباب عقد الاتفاقية الامنية العراقية الامريكية والابعاد الستراتيجية على المدى المنظور والبعيد وانعكاساتها على الواقع العراقي والاقليمي والدولي.
فبالرغم من ان الحكومة العراقية ممثلة برئيس الوزراء الاستاذ نوري المالكي لديها رؤاها الخاصة بتحقيق ورعاية مصالح العراق وتحديد اطر العلاقة مع الجانب الامريكي الا ان الشعب العراقي لا يجد بدا من ابرام مثل تلك الاتفاقيات بالرغم من توقيع اتفاق تمهيدي مسبق بين رئيس الوزراء العراقي ورئيس امريكا الذي افضى هذه الايام الى مناقشات ومداولات وتفاوض حول مسودة قرارات يلتزم بها الجانبان للمستقبل المنظور والستراتيجي اهمها :ضمان حصانة الجندي الامريكي في العراق وسيطرة امريكا المطلقة على الاجواء العراقية وبناء قواعد عسكرية دائمة لها في العراق.... .
ورغم ان ذلك التوقيع قدحدث فعلا فقد كان من الاولى عرض حيثيات هذا الاتفاق مسبقا على المرجعية الدينية والشعب العراقي من اجل تهيئة الارضية الشرعية لما ستؤول اليه هذه الاتفاقية فيما بعد.
وهنا يرى المواطن العراقي ان اعتبار التوقيع على هذه الاتفاقية مقابل خروجه من البندالسابع ان امريكا تمسك بالعصا من الوسط في مسالة مصير العراق وكرامته في الوقت الذي يسجل عدة نقاط سلبية وغامضة تحيط بمجمل هذه الاتفاقية هي:
· عدم وجود المسوغ القانوني لعقد مثل هذه الاتفاقية بعدما ازيل نظام الطاغية المقبور من الوجود.
· تهميش دوره في اصل عق دمثل هذه الاتفاقية ومثيلاتها.
· التعتيم المتعمد على مسودة الاتفاقية واسماء الاعضاء المفاوضين فيها.
· جدوى عقدها بعد رفع الحصار الاقتصادي تلقائيا بعد نسيان 2003م.
واذا اخذنا بنظر الاعتبار مصالح العراق الاقتصادية والسياسية والستراتيجية نجد ان السيادة العراقية يمكن ان تخترق في كثير من بنود هذه الاتفاقية التي هي اشبه بالمقايضة غير المتكافئة فرضتها الولايات المتحدة الامريكية دون غيرها من الدول المشاركة عسكريا معها في احتلال العراق في مسعى يبدو للوهلة الاولى استعمار حديث يختلف نمطيا وايديولوجيا عما جرت عليه العادة في تاريخ استعمار الدول في القرون الماضية رغم انهما يعتبران في السابق والحاضر وجهان لعملة واحدة وهدفه اليوم معروف وهو استنزاف طاقات الدول والهيمنة على مقدراتها ورسم سياسات ثقافية وتجارية واقليمية تؤدي بالنتيجة الى مزيد من الخراب والتفكك الاجتماعي وشيوع ايديولوجيات سياسية وثقافية واجتماعية وتجارية جديدة على المجتمع العرقي في الوقت الذي تتصارع فيه القوى المحتلفة في الداخل والخارج لنقل ايديولوجيات دول اخرى وفرضها على العراق بشتى الوسائل .
وهنا اود الاشارة انه كان من الاولى على رئيس الوزراء العراقي عند توقيعه التمهيد مع بوش بيان مظلومية العراق عندما كان تحت نير حزب البعث الكافر وقوعه في مقصلة افكاره الهدامة والعدوانية ما ادى بالنتيجة الى فرض تلك القرارات المجحفة بحقه لكن الامر يبدو اليوم اقرب الى الاستبعاد والمكوث لمئات سنين قادمة وهذا يجعل الوضع في العراق اكثر تعقيدا ،فالوسط الاقليمي ابدى رايه بصراحة تجاه هذه الاتفاقية المشؤومة وهذا بالتاكيد سيكون له اثره الستراتيجي المستقبلي السلبي ان لم يكن المحلي على واقع العلاقات العراقية_ الاقليمية والدولية والذي سيؤدي بالنتيجة الى عزل العراق عن محيطه العربي والاقليمي والدولي بعدما تظهر نوايا الولايات المتحدة الامريكية الحقيقية في العراق على ارض الواقع التي تتعدى سوى كونها همينة على منابع النفط الرئيسية في العالم ورسم خارطة سياسة للمنطقة تهدف الى حماية اسرائيل ومنع جعل ارض العراق منطلقا لهجوم ايراني محتوم عليها والحؤول دون انطلاق اشعاع التغيير من قلب العالم النابض وهو العراق الى جميع بقاع الارض.
ان هذا المخطط وتبعاته وخيوطه العنكبوتية الكثيرة والمتشعبة قد المح الى بداياته وحيثياته التي انطلت على الكثيرين من خلال اعتبار امريكا للعراق ساحة لتصفية الارهاب الدولي على حساب الانسان العراقي والبنى التحتية فمحورت حربها ضدالارهاب بدعمها وربيبتها اسرائيل لكثير من حركات وعناصر التطرف في العالم ودفعها عبر وكلاء لها في جميع الدول على اجتذاب كل ذوي التطرف من اجل السفر الى العراق بحجة محاربة الاستكبار العالمي بعدما اسست الولايات المتحدة الامريكية نظامها الدفاعي والاستخباراتي المحكم بعد احداث سبتمبر الى ان وصل بها الحال بعد النجاحات التي حققتها خطة فرض القانون في مراحلها الاولى الى نقل الارهابيين وبثهم في المناطق السنية والشيعية على حد سواء في بغداد خصوصا وباقي محافظات العراق عموما عبر ارتال قواتها العسكرية تحت مراي العديد من المواطنين العراقيين الذي اعطوا جميع مواصفات القتلة الارهابيين من ناحية الشكل واللبس وطول القامة ولون البشرة وغيرها اضافة الى نوع الرتل وعرباته وعديده!!.
وهنا يتحتم على المشرع العراقي اخذ كل هذه الاعتبارات على محمل الجد فضلا عن القادة السياسيين الذين يقبضون بايديهم على زمام الامور في العراق ،كذلك فان تصريح المرجع الاعلى الامام السيستاني(دام ظله) بعدم موافقته وتاييده لتلك الاتفاقية مادام حيا يظهر بشكل واضح وجلي عدم شرعيتها رغم التنازلات الامريكية الاخيرة حول حصانة الشركات الامنية الامريكية الخاصة والضمانات الهشة التي يراد تسويقها للعراقيين في الوقت الذي تمارس فيه ضغطا شديدا من اجل ابرامها في موعد اقصاه شهر تموز عام 2008 الموعد الذي يسبق الانتخابات الامريكية وانتهاء الفترة الرئاسية لجورج بوش وهذا هو ديدن الخلافة السياسية الامريكية الجوفاء فالرئيس الجديد يحتاج للبدء بمهام عمله بشيء مثير يفتتح به سجل اكاذيبه على الشعب الامريكي الذي عادة ما ينعت بـ (دافعي الضرائب).
وبالـ(استهجان القدر) فنجاح أي رئيس امريكي مرهون دوما بتقليل الضرائب على الناخب الامريكي والولاء الاعمى للوبي الصهيوني في الكونغرس من خلال التعهد بضمان امن اسرائيل لكن اليوم يضاف لها شرط اخر هو البقاء الى الابد في العراق وهذا ما لن يكون ان شاء الله.
https://telegram.me/buratha