( بقلم : محمد الوادي )
قد لايجد هذا المقال طريقه للنشر في ايلاف على وجوه الخصوص , لكن ذلك ان حدث لاينفي الحقائق و الوقائع على الارض . ولاتساعد طريقة " راس النعامة " التي تتبعها بعض الجهات الاعلامية والسياسية في التعامل مع هكذا مسائل جوهرية وخطيرة . فلقد تناقلت وسائل الاعلام خبر اعتقال حوالي 700 ارهابي في يوم واحد في السعودية . كان هدفهم الاكبر احداث اعمال ارهابية وتفجيرية خاصة في المنشات النفطية لتوجيه ضربه موجعة الى الاقتصاد العالمي الذي يعاني مسبقا من مشاكل انخفاض قيمة الدولار وصعود اسعارالنفط . خبر القاء القبض " الفلكي " هذا وفي يوم واحد يشير الى عدة امور قد يكون الجديد البارز فيها ان اجهزة الامن السعودية ومنذ فترة تحقق نجاحات أمنية كبيرة في ضرب القاعدة والارهاب في السعودية والارقام والاحداث تشير الى تطور سريع وملموس في طريقة عمل هذه الاجهزة مقارنة بكل تاريخها وسجلها السابق . وهذ ايجابية تسجل دون أدنى مجاملة , لكن للاسف الامر لاينتهي عند عمل هذه الاجهزة وحسب .بل أن سؤال كبير يبحث عن جواب ( لماذا في السعودية ؟ ) . رغم ان السعودية نفسها عانت من هذا الارهاب , لكن مع ذلك دائما وبنفس الوقت الكثير من اعمال الارهاب تنطلق من السعودية وقياداتها من السعوديين . ومثال على ذلك جرائم ايلول في نيويورك وايضا اكثر ارهابي التفجيرات في العراق كانوا من السعودية . وانخفضت النسبة هذه في الفترة الاخيرة بعد ان ضيقت الخناق دمشق على هولاء , حيث كانت تستخدم سابقا كباب خلفي للدخول للعراق لارهابي الموت والتفجيرهولاء . ان العملية النوعية الامنية السعودية الاخيرة كشفت ان بعض الارهابيين قد تجمع في السعودية من تشاد والنيجر والجزائر وغيرها . ومرة اخرى يعاد السؤال طرح نفسه لماذا السعودية ؟ . لايجاد علاج لهذا المرض الفتاك يجب الاعتراف اولا بوجود مشكلة , ومشكلة من النوع الخطير .
ان التجمع والانطلاق من السعودية لم ياتي مصادفة بل هو عمل منظم بشكل كبير ومدعوم بنفس الحجم ماديا ولوجستيآ وايضا والاخطر مدعوم من خلال " فتاوى الطلب " التدميرية الارهابية . وعادة الامراض لاتعالج من خلال القضاء على الاعراض بل من خلال القضاء على اسباب المرض نفسه . والعمليات والانجازات الامنية ستبقى ناقصة وغير ذات فائدة كبرى طالما بقيت تلاحق وتقبض فقط على الادوات المتمثلة بالمغرر بهم او ممن تعرضوا لغسل الادمغة , بل المطلوب وبشدة اجتثاث هذا المرض من الجذور من خلال ملاحقة شيوخ الفتاوئ والتغرير انفسهم والذين يصورون لبهائم التفخيخ هذه أن طريق الجنة مفروش امامهم من خلال استهداف الانسان والثروات والاوطان وانتهاك الحرمات الانسانية , بل ان نفس هذا الطريق يقف في نهايته مستقبلا لهم بحفاوة النبي العربي الصادق الامين محمد بن عبد الله "ص" . والاكبر والأدهى ان ينتظرهم نبي الرحمة "ص" . " لتناول الفطور معه !!" .
وايضا هذه الحرب الامنية بحاجة الى حرب تصحيح فكر بنفس القوة والاندفاع والعزيمة , والا ستبقى كل هذه الانجازات الامنية مجرد دوران بحلقة مفرغه . واذا اصابت هدفها هذه المرة فقد لاتصيبه مرات عديدة فتنفذ هذه البهائم الى اهدافها , وتكون الخسائر مضاعفه واكثر ايلام , وايضا ذات ردود افعال توثر في الحاضر وترسم الخطوط السوداء للمستقبل العربي والاسلامي الداخلي قبل الخارجي . لان الكثير من العرب وفي مقدمتهم العراقيين وهم الاكثر تضرر على الاطلاق , ليس بالسهولة اقناعهم ان مثل هولاء شيوخ التجنيد والموت والتدمير البهائمي , أنما هم بعيدين عن نظر وسلطة القانون في السعودية . لذلك ليس المطلوب الفرح والتهليل والتكبير لهذه الانجازات الامنية بل المطلوب الاكبر محاربة هذا الفكر الظلامي الذي صنع دروب الموت الجماعي , والمطلوب تجفيف المنابع المادية والتي تبدوا انها تجري بزخم كبير على هولاء الارهابيين . حينها وفقط حينها سيكون من المنطقي الاحتفال بهذه الانجازات , اما غير ذلك فسيكون مثل من ينام وفي داره افاعي وثعابين تتربص به . فلتقضي السعودية على اوكار الافاعي والثعابين لتعيش بسلام وأمان بعيدا عن التهديدات الداخلية التي هي اخطر بكثير من التهديدات الخارجية .
محمد الوادي
https://telegram.me/buratha