الكاتب د. رفعت سيد أحمد
* فجأة أعلنت وزارة الداخلية السعودية يوم 25/6/2008 اعتقال 701 إرهابياً من جنسيات مختلفة بتهمة الإرهاب، وأطلقت عليهم المصطلح الأثير لدي إعلام السعودية المدجن، مصطلح (الفئة الضالة)، ولو كان إعلاما أمينا لمد المصطلح إلي نهايته، وأطلقه علي الفئة الضالة الحقيقية، التي أنبتت كل هذه الشوائب الدينية الشاذة، ونقصد بها رجال السياسة السعودية الموالية لواشنطن، ولدعاة الفكر الوهابي المتطرف الذين لا يفتأون صباح مساء علي تكفير خلق الله من أصحاب المذاهب الإسلامية والسياسية الأخرى، بلا شعور بذنب أو جريرة إلي أن انقلب السحر علي الساحر وخرج تلاميذهم عليهم ليكفروهم ويفجروهم وفق نظريتهم الجديدة (التكفير والتفجير) كما أوردت صحيفة الحياة اللندنية علي لسانهم (29/6/2008).* * * ** علي أية حال.. وبعودة إلي ما أذاعته الداخلية السعودية نجدها تقول أنه تم اعتقال 520 شخصا يشتبه في علاقتهم بجماعات إرهابية، وقال مصدر مسئول بوزارة الداخلية، إنه تم القبض علي نحو 701 من جنسيات مختلفة وتم وفقا للإجراءات النظامية استمرار اعتقال520 لارتباطهم التنظيمي والفكري بأنشطة (الفئة الضالة) وإخلاء سبيل المتبقين وعددهم 181، حيث لم يتضح حتى الآن ما يشير إلي ثبوت ارتباطات تنظيمية لهم بتلك الجماعات، وقال المصدر نفسه، إن الأجهزة الأمنية وهي تقوم بواجباتها استجابة للتداعيات الأمنية التي أملتها الظروف الإقليمية والدولية منذ بداية العام الحالي، قامت بتنفيذ العديد من العمليات الأمنية التي استهدفت (الفكر الضال) وأتباعه والذين جعلوا من أنفسهم أدوات في أيدي أعداء الوطن وفق تعليمات جاءت من الخارج لتستهدف الوطن والمواطن في ثوابته واقتصاده ومنهج حياته، وأضاف المصدر أنه نتيجة لتلك العمليات التي نفذتها قوات الأمن في مناطق مختلفة من المملكة، فقد تم العمل من خلال التخطيط والتجنيد والتجهيز علي إعادة إحياء الأنشطة الإجرامية في جميع مناطق المملكة، وذلك في محاولة للوصول بالوضع الأمني الداخلي إلي مرحلة شبيهة بما هو عليه الحال في المناطق المضطربة.* * * ** وليسمح لنا القارئ أن نسجل ما يلي حول دلالات هذا الحدث لعل ما نكتبه يفيد في كشف أصل البلاء، ويساهم في تدارك ما فات.فأولا: هذه ليست المرة الأولي التي تعلن فيها الحكومة السعودية عن كشف خلايا إرهابية من الفئة الضالة، وكأن باقي فئات (الوهابية) غير ضالة(!!) وفي تقديرنا أن مثل هذه الاكتشافات لو ثبت صدقها فهي مرتبطة بالأوضاع السياسية داخل المملكة وبصراعات الحكم وبالخلافات الدافئة للأسرة السعودية بأعداء المسلمين الحقيقيين: واشنطن وتل أبيب، والإعلان المدوي عن مثل هذه الأحداث مقصود به لفت الأنظار بعيدا عن (الضلال الحقيقي) وهو خيانة مقدسات المسلمين، وثرواتهم النفطية لصالح واشنطن عبر اتفاقات أمنية مذلة ومهينة وفاضحة مع أمريكا.ثانيا: لم يسأل حكام المملكة وإعلامها المدجن نفسه سؤالا بسيطا وسط الضجيج الذي صاحب الاعتقالات وهو: من المسئول عن ظهور هذه (الفئة الضالة) وفقا لتعبيرهم المضحك! أليس من زرع في عقول هؤلاء الشباب الصغار عقيدة التكفير وإقصاء الآخر هو السبب، أليس من كفر من قال بدوران الكرة الأرضية، وبتحريم إهداء الزهور للمرضي، وبتكفير كل ما عدا (الدين الوهابي) في الواقع والتاريخ، حتى الدولة الفاطمية البعيدة عنا بألف عام هم السبب، أليس من كفر المقاومة وحزب الله ، وبحرمة الدعاء لمن يقاتل إسرائيل منهم، وبكفر عبد الناصر والقذافي وصدام حسين وأخيرا ابن لادن ونصر الله والظواهري بل والقرضاوي، وبتحليل الجهاد الأفغاني عندما كان لصالح واشنطن ثم بتحريم ذات الجهاد من غير إذن ولي الأمر خادم الحرمين صديق واشنطن عندما أضحى ضدها! أليس هؤلاء العلماء (الكبار) من ابن باز إلي آل الشيخ، وأولياء أمورهم من سلمان إلي نايف وسلطان.. إلي عبد الله بن عبد العزيز، هم النبع الحقيقي الذي منه نشأت وتربت وارتوت، وانتشرت دعوات وتنطيمات (الفئة الضالة) تلك! وإذا كانت هي فئة (ضالة) فعن أي فكر أو سياسة عادلة رشيدة معتدلة ضلت؟ هل سياسات وأفكار آل سعود من المؤسس (عبد العزيز) حتى الحفيدين (بندر والوليد) هم الصواب.. وبأي دليل يمكننا أن نصدق هذا الهراء!!ثالثا: إن العلاج الحقيقي للإرهاب في مملكة آل سعود يكون بتغيير حقيقي يطال (الفكر الوهابي التكفيري) ويطال سياسات الأسرة الحاكمة وخاصة علاقات الموالاة والتبعية لواشنطن المهينة لمقدساتنا الإسلامية الأسيرة في مكة والمدينة، ولأن مثل هذا التغير الجذري لن يحدث بسهولة في تلك المملكة، لذلك نتوقع مزيداً من الصدامات بين الفئات الضالة بعضها ضد بعض، فالذين ألقي القبض عليهم وتم اعتقالهم هم بالفعل فئة ضالة، إلا أن الأكثر ضلالا منهم هو من اعتقلهم لأنه النبع الذي منه ارتوت وترعرعت، وسيظل الصراع قائما بينهم وستلعب واشنطن عليه وستغذيه، وربما تراهن علي جيل جديد من (الضالين) البراجماتيين أمثال بندر والوليد ومن شابههم، إلا أن ذلك لن يغني عن حضورها بنفسها وبقواتها وأسلحتها فوق أرض النفط ولعل الاتفاقات الأمنية الأربع الأخيرة الموقعة في (17/5/2008) خير شاهد علي ذلك.* إن المملكة مقبلة علي أحداث جلل، وما يتم فيها من صراعات وصدامات هو قمة جبل الثلج الذي يخفي جبلا متفجرا من العنف والإرهاب والفوضي.. حمى الله أرض الحجاز ومقدساتها منها، وخلصها من الضالين حكاما وفئات تكفيرية ضالة.آمين،،،اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha