( بقلم : علاء الموسوي )
لم يأت اصرار المجلس الاعلى على استخدام الدعاية الدينية من رموز واماكن مقدسة كالمساجد والحسينيات في حملته الانتخابية، عبثا او نتيجة فقره للدعم الجماهيري لما يريد تحقيقه على الساحة، حسب ما يموه اليه البعض، ممن يعيشون على ركام الازدواجية المعيارية في برامجهم ورؤاهم السياسية في العراق الجديد. وانما اصرار المجلس الاعلى على تلك الدعاية متأت من الوعي والرؤية الاسلامية التي يحملها المجلس الاعلى بين طيات افكاره ورؤاه. اذ لايمكن لاحد ان ينكر مدى الثقل المحوري الذي تمثله المرجعية الدينية في قرارات المجلس الاعلى في اي قضية تمس المجتمع العراقي، حيث لايمكن تخيل وجود تناقض يذكر بين ماترنو اليه المرجعية الدينية الرشيدة، وبين مايسعى الى تحقيقه المجلس الاعلى على الواقع السياسي في العراق. من هنا تجد العلاقة وثيقة وواضحة للعيان مدى الاتصال الجوهري بين توجهات المجلس الاعلى ورؤى المرجعية الدينية حول مستقبل العراق السياسي والثقافي في آن واحد. ولعل ما يميز المجلس الاعلى كتيار سياسي اسلامي عن غيره من الاحزاب والتشكيلات الاسلامية على الساحة، هو رؤيته الخاصة في الرجوع الى توجهات واراء المرجعية الدينية حول اي قضية سياسية مبهمة او غامضة لدى الساحة السياسية.
وما كانت من الاحداث والمواقف التي اعتلتها الساحة العراقية وبروز القرار السياسي والوطني من قبل المجلس الاعلى تجاهها وبمباركة من قبل المرجعية الدينية الا دليلا جازما على قوة الاتصال والارتباط الروحي والفكري بين المرجعية الدينية والمجلس الاعلى. لهذا ليس من الاستغراب في شيء ان يتمسك المجلس الاعلى بالدعاية عبر رموزه الدينية، وانما الاستغراب في محاولة فك هذا الارتباط السياسي عن توجهات ورؤى المرجعية عبر شعارات زائفة تحاول النيل من الوجود الاسلامي على الساحة السياسية في العراق لاغير، والدليل على ذلك ان الحملة التي يحاول ان يشنها البعض تجاه الاسلاميين في الانتخابات هي موجهة بالذات تجاه المجلس الاعلى بالتحديد، في الوقت الذي نجد فيه من يدعي الاسلام في برنامجه السياسي يتملص ويتنكر للظاهرة والواجهة الدينية لانبساطه السياسي في العراق، وبما ان التيار الاسلامي يحتاج الى ادوات اسلامية في حملته الانتخابية، جاء حرص المجلس الاعلى على استخدام الدعاية الدينية من خلال تواجده بين المؤمنين في الجامع والحسينية، فضلا عن طرحه للرؤية الاسلامية تجاه الحكم السياسي في اية قضية، انطلاقا من القاعدة الاسلامية التي تقول (مامن واقعة الا وللاسلام فيها من حكم). الاراجيف والتكهنات التي تثار بين الحين والاخر بخصوص منع الاسلاميين من استخدام رموزهم الدينية في الانتخابات بحجج وذرائع واهية، هي حالة من التصور الخاطىء لدى الكثيرين او ممن يحاولون اثبات تلك الترهات ، وهي ان الاسلام لايصلح لان يقحم نفسه في السياسة الدنيوية، وعليه ان يتفرغ للسياسة الاخروية فقط!. لهذا لايصلح ان يستخدم المجلس الاعلى (كتيار اسلامي) الواجهة الدينية في استقطاب الناس، خوفا منهم لتحريك القاعدة الدينية الراسخة في جسد المجتمع ، الذي حاول النظام الصدامي البائد طيلة العقود الثلاثة الماضية ان يمحي تلك العقيدة الراسخة في اذهان العراقيين.
لهذا ما تحاول الماكنة الاعلامية المغرضة اليوم من تحريف الواقع وسلخ الحقائق حول تمسك المجلس الاعلى بادواته الاسلامية في الانتخابات ،هي جزء من الصراع السياسي الذي تراهن عليه العولمة الغربية في فرضها هيمنتها على الساحة مقابل الوجود الاسلامي الذي بدأ يتمحور سياسيا مؤخرا، والذي سيكون العراق المنطلق الاول لذلك المحور الفاعل في العالم.
https://telegram.me/buratha