ضياء المياح ||
الاحتلال هو احتلال طال أمده أم قصر وحق الشعوب في تحرير بلدانها من المحتل أمر مفروغ منه. وللشعوب حق استخدام ما متاح لها من قوة لإرهاب المحتل وطرده ما أمكنها إلى ذلك سبيلا. حدود الاحتلال ومداه يختلفان من حالة لأخرى. وليس غريبا أن تكون هناك دولا ليست قليلة العدد بعضها تسمي نفسها بالدول المتقدمة لكنها مٌحتلة عبر إرادتها المسلوبة وقراراتها التابعة لقرارات دولة أكبر منها، فتحارب الحق وتدعم الباطل رغما عنها؛ إذ تدين حق الشعوب في تقرير مصيرها أو في الدفاع عن نفسها وتؤيد نظاما غاصبا يبيد شعبا ويحرق زرعا، بل وتحرك جيوشها وأساطيلها البحرية بقرار خارجي لدعم المغتصب.
فلسطين نموذجا يحمل كل المعاني والتناقضات والمتداخلات. فهي دولة اُحتلت بالقوة في غفلة من الزمن كان العرب والمسلمين فيها ضعافا مشغولين بحالهم. وأستمر إحتلالها بسبب تفرقة حكام العرب أولا والمسلمين تبعا لمواقف العرب وعدم اهتمام الجميع بها طوال وقت كان فيه الكيان الصهيوني اللقيط يتلقى دعما غربيا وعالميا بعضه عربيا خوفا أو تخاذلا. ولم ينال القضية الفلسطينية الاهتمام أو تظهر على السطح وتقوم المؤتمرات وتنعقد الاجتماعات، إلا بسبب التضحيات العظيمة لشعب فلسطين وبسالته وصموده أو بسبب خيانات الزعامات العربية وعمليات البيع والتطبيع التي قامت بها مرغمة أو راغبة.
في القضية الفلسطينية، اختلفت وتبدلت وانعكست المواقف والمواقع والتسميات شأنها في ذلك ما يجري اليوم من تغير في المفاهيم والأخلاق والأصول والموازين، ولم يعد يعرف من هو الصادق ومن هو المدعي الصدق، من هو الوطني ومن هو الخائن، من هو المؤمن الحقيقي ومن هو المتظاهر بالإيمان، من هو المدافع عن الفلسطينيين ومن هو البائع لهم ولقضيتهم ما دامت هناك وسائل إعلام ممولة بأموال النفط تٌصرح وتَصرخ بمواقف هذا وذاك. وهكذا صار المحتل ابن البلد الأصيل المسالم الوديع وصار الفلسطيني هو الطارئ والمٌختلق الحروب والإرهابي الذي يجب إبعاده إن لم يمكن التخلص منه وبتعاون الجميع راغبا أو راضخا ومحاربة المعترضين إن وجدوا.
الاحتلال هو احتلال وسينقضي يوما وان بَعد هذا اليوم الذي يراه الغاصبون بعيدا ونراه قريبا بإذن الله. سيعود الحق لأهله وإن كَثر المتخاذلون وتعددت طرائق بيعهم ووصلت اساليبهم حدود النخاسة. سيعود الحق الفلسطيني رغما عن أنوف المطبعين والخائنين، سيعود الحق الفلسطيني بقوة شعبه ودعم الشرفاء من العرب والمسلمين دولا وافرادا. ولأنني عراقي ولا أريد أن اقول ان للعراق على الدوام دورا كبيرا في قضية فلسطين، ولكن سيكون للعراق وأبناء العراق بإذن الله الدور الأكبر في خلاص فلسطين من مآسيها.
https://telegram.me/buratha