سعيد البدري ||
اعلنت عملية طوفان الاقصى عن ولادة جيل جديد من المقاومين الفلسطينيين ،هذا الجيل الذي الحق الهزيمة والعار بكيان الاحتلال ومرغ أنف جيشه وجنرالاته بالوحل بل وهزم اقوى منظومة استطلاع أستخباراتية ،وماكان يُعتقد انه مفخرة جيش الاحتلال الصهيوني تجهيزا وتدريبا وتقنيات ،نعم انهم فتية أمنوا بربهم وقضيتهم ، فازدادوا أصرارا على بدء مرحلة جديدة من الصراع ،تلك المرحلة التي دفعت نتنياهو للاقرار بالهزيمة ،وطلب عون اميركا والغرب بعد صدمة عملية طوفان الاقصى ،والتي كما يبدو انها ستنهي حياته السياسية بالعار ،كما اسقطت فرضية "اسرائيل ولدت لتبقى ".
هزيمة الاحتلال النفسية ترويها الارقام ،فهناك 1600 صهيوني بين قتيل وجريح ،و250 أسير بينهم جنرالات وضباط ومجندين ،فضلا عن كم هائل من المعلومات وقواعد البيانات ا العسكرية ،والأشد من ذلك حجم الذعر المتمثل بالهجرة الجماعية للمستوطنين داخل الاراضي المحتلة وخارجها ،وفي الشق المالي ،فهناك الكلف الباهضة للحرب ،وما يترتب على ذلك من تراجع بقيمة ( الشيگل ) وتصنيف الشركات والمؤسسات ،والامر يطول شرحه وسرد تفاصيله ،حيث تكبدت قطاعات شتى خسائر فادحة ،يتطلب اعادة الثقة بها سنوات طويلة وعملا شاقا.
هذا الجيل الجديد من المقاومين المليء بالثقة والمعرفة اللازمة بتكتيكات حروب من هذا النوع وبادواتها ،جيل ثوري يضرب بقوة فيقلب معادلات التفوق ،وهو ما نوه لخطورته غير مركز متخصص وشخوص ذوي تجربة لهم تأثيرهم الكبير في الاوساط الصهيونية بقراءتهم الواقع وتحليله ،واستشراف مستقبل الاحتلال ومدى صموده امام التحديات ،وكثيرا ما ارتفعت لهجة التحذيرات الموجهة لساسة الكيان ،من أن كلفة الحرب كبيرة وهي تتعدى الكلف المالية ،ولا ريب ان المستقبل سيكون قاتما وسوداويا ،وينذر بما هو اقسى مما حدث ونعيشه اليوم واقعا يشير للهزيمة والذعر ،فنتنياهو وحكومة حربه مدركون ان المقاومة الفلسطينية تمتلك ابطالا شجعانا وستستمر بتقديم القرابين على مذبح القضية في كل معركة تخوضها ، وعلى طول خط المواجهة و ذلك مبرر ومنطقي يدركه المقاومين لابقاء القضية حية ومتفاعلة واضحة المقاصد ، ففقدهم لحياتهم شهداء ابرار لن يمحو اثار هزيمة العدو المريرة التي اذلته، ويخشى تكرارها ، ولعل اصرار بعض قياداته على خوض نزال بري والتوغل في القطاع ،ليست الا تصريحات فارغة لا يستطيعون تنفيذها ،خصوصا ان المؤشرات تؤكد ان لا اضرار في بنية المقاومة البشرية وهي بكامل قوتها وسلاحها .
ان ما احدثته الهزيمة النفسية كبير وعن ذلك يقول الكاتب يوسي كلاين هليفي المحاضر في المعهد اللاهوتي اليهودي الامريكي في القدس المحتلة ، أن "إسرائيل" قد أصبحت أخطر دولة في العالم بالنسبة لليهود، وهو ما ينذر بخلخلة الفكرة الأساسية من وراء إنشاءها، وهذا المعطى تحديدا يشير بلا ادنى شك لحالة الهزيمة والشعور بالقلق والخوف ، لتبدو محاولة اعادة الثقة عبر التهديد والوعيد مجرد محاولة يائسة لاتحظى بالمصداقية والاهتمام ، والمرجح لدى الغالبية في الاراضي المحتلة ،أن لامستقبل للكيان وان لا وعود يمكنها تغيير هذه القناعة ،وما لذلك من أثار و انعكاسات وتداعيات مستقبلية.
لقد اكدت عملية طوفان الاقصى انتكاس عقيدة الصهاينة و تراجع مشروعهم فيما تبدو هزيمتهم "كما يرون هم" محل اتفاق ،فما اعتادوا عليه في حروبهم السابقة في القرن الماضي مع الجيوش النظامية والحكومات العربية لم يعد موجودا ،و اساليب الردع العسكري والأمني و التيئييس وكذلك الرّدع النفسي، مجرد درس قديم استوعبته المقاومة وجمهورها ،فلم تعد ماكنة الدعاية الصهيونية قادرة على ايهام العقل المقاوم بأن إسرائيل قوة جبارة غير قابلة للهزيمة، وان مواجهتها ضرب من ضروب العبث .
لقد اثبتت المقاومة هذه الحقيقة التي دفعت الرأي العام الصهيوني للاقتناع تماما ، بأنه امام خصم لا يمكن ثنيه في الدفاع عن حقه ،وقد وصلت الامور الى ان تعترف صحيفة ( هآرتس ) الصهيونية بذلك ،وتنشر افتتاحية تحت عنوان " الفلسطينيون أفضل شعوب الارض في الدفاع عن أوطانهم " فأي هزيمة وعجز يضرب عمق الكيان الغاصب المحتل ،ويدفعه للاعتراف باليأس امام بسالة هذا الشعب واصراره !! ،نعم ان المستوطن والغاصب يجزم ،بأن ترتيبات اميركا واغرائها الحكومات بالسلام و التطبيع لن يحل المشكلة ،فهناك تغيّرات جذرية ، ،فالجميع يرى ان "إسرائيل" في تراجع يؤكده ما تلقت من ضربات لم تستطع ردها ،بدأت بوعد "نصر الله" الصادق ولن تنتهي بطوفان الاقصى، كما ان هناك حقيقة تثبتها أحصائيات دوائر الهجرة ،تشير لتجاوز اعداد المغادرين عديد الراغبين بالقدوم والعيش في مستوطنات الاراضي المحتلة ، وبيت القصيد والمؤشر الاكثر رسوخا الدال على تلك الهزيمة ،التي لن يحولها لأنتصار وبقاء ،عمليات القصف الوحشي لمنازل المدنيين واستهداف المستشفيات وكل ذلك الحصار الهمجي، فلقد دقت ساعة الحقيقة وبدأ مع عملية طوفان الاقصى ،عملية عد عكسي تبشر بأنهيار حكومة نتنياهو ،كمقدمة لزوال كيان الشر الغاشم ..
https://telegram.me/buratha