المقالات

تصريف الدولار واستغلال المسافر العراقي


رياض سعد

تبقى القوانين والاجراءات الحكومية ؛ حبر على ورق , مادام الفساد مستشريا والمحسوبيات كالوباء المعدي الذي ينتقل من مكان الى اخر من دون عوائق تحد من انتشاره ؛ فمهما حاولت الحكومات العراقية التخفيف عن كاهل المواطنين او مساعدتهم في هذا المجال او ذاك ؛ او ايجاد حلول لهذه المشكلة او تلك ؛ باءت محاولاتها بالفشل الذريع , وتكللت حلولها الترقيعية بزيادة الازمة .

ومن هذه المشاكل المتعددة التي يعاني منها العراق والعراقيون ؛ مشكلة ارتفاع اسعار صرف الدولار ؛ وبادرت الحكومة العراقية لاتخاذ عدة إجراءات تهدف من خلالها الى ضبط سعر صرف الدولار , ومنها فتح نوافذ لتصريف الدولار للمواطنين العراقيين المسافرين وبشروط , اذ يتم على ضوئها تصريف الدولار للمسافر العراقي بسعر الصرف للبنك المركزي العراقي ( 1320 للدولار الواحد ) و الحد الأقصى للمبلغ المطلوب هو 3000 دولار أمريكي شهريًا للمسافر العراقي ؛ وكانت حصة المواطن الراغب بالسفر 10 آلاف دولار، وتم تخفيضها إلى ألفيّ دولار، لتتم زيادتها الآن بمقدار ألف دولار.

وكالعادة حولت المواطنين المسافرين الى مراجعة المصارف وشركات الصيرفة والتوسط – التحويل المالي - والتي هي جزء من المشكلة ؛ ان لم تكن اساس المشكلة ؛ وبعدها فتحت منافذ في المطار ثم غلقتها , وارجعت المسافرين الى المصارف كرة اخرى , وقبل يوم قرر محافظ البنك المركزي العلاق ؛ فتح منافذ للصيرفة في المطار... ؛ وهكذا دواليك ... ؛ وكان من المرجح ان تسهم هذه الخطوة بانخفاض سعر الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي ؛ وجاءت النتائج عكسية اذ تجاوز سعر الصرف 163 الف دينار للمئة دولار ...!! .

والطامة الكبرى ان الحكومة اشترطت على المسافر اجراء معاملة التصريف المعقدة والروتينية خلال وقت اقصاه يومين قبل موعد السفر او يوم في بعض الحالات ؛ والكل يعرف صعوبة المعاملات النقدية والاجراءات الحكومية البيروقراطية القاتلة ؛ واليكم بعضا من معاناة المسافرين فيما يخص هذا الجانب ؛ فالمسافر عادة قبل السفر ب 24 ساعة يستعد لإعداد الحقائب والامور الضرورية الاخرى وليس لديه متسع من الوقت لمراجعة دوائر ومصارف وشركات اعدت للنصب والاحتيال والمماطلة واللف والدوران و ( بهذلت المواطن وتعذيبه ) , وهذا الامر واضح للعيان ولا يحتاج منا الى برهان ... ؛ فقد ادلى بشهادته المواطن فلاح عبد الحسن والذي يروم السفر لأداء العمرة بمعية زوجته ؛ قائلا : (( ذهبنا الى 9 مصارف وكلها تتدعي ان الاموال قد نفذت , ومن ثم ارشدنا البعض الى مصرف حكومي في الاعظمية / شارع المغرب ؛ ودخلت و وجدت المسافرين يستلمون المبالغ المقررة , وعندما وصل الدور الي , سألتني مديرة المصرف , وعندما علمت اني من اهالي الحبيبة ومن الطائفة الشيعية ؛ نهرتني قائلة : جاي مناك الي , روح ما عدنه اموال حاليا ... ؛ وهكذا استمرت المعاناة لليوم الثاني , والبحث جاري عن المصارف او المكاتب التي تصرف الدينار بالدولار وبالسعر الرسمي المقرر ؛ الا ان محاولاتي باءت بالفشل , ورجعت بخفي حنين ...!! )) .

بينما يتحدث المواطن سمير علي ؛ قائلا : (( عندما كانت اجراءات التصريف في مطار بغداد ؛ كان احد السماسرة يذهب الى الحمامات وهناك وسط النجاسة والغائط يتم تصريف الدولار للمسافرين ؛ هروبا من تصوير الكاميرات ... ؛ وكانوا ابالسة التصريف في المطار يتعمدون تأخير اجراءات الصرف , وبعد اخذ مستمسكات المسافر , يماطلون في تسليمه المبلغ , وعندها يقترب موعد اقلاع الطائرة فيذهب المسافر الى الطائرة مسرعا وخائبا ؛ والسماسرة في المطار يستولون على مبلغ التصريف فيما بعد , وهكذا تستمر عمليات الاحتيال وفي وضح النهار )) .

وادلى المواطن محمد علي بشهادته قائلا : (( عندما راجعت المصارف ومنافذ التصريف , واجهت المصاعب الكثيرة , وعندها اخبرني احدهم بوجود سماسرة , يسهلون العملية وذلك من خلال دفع مبلغ يتراوح من 100 الى 200 الف دينار لقاء تصريف مبلغ 3000 دولار , وقد اضطررت لدفع مبلغ 100 الف لقاء الحصول على المبلغ , اذ علمت من هذا الشخص ان هذه المصارف ومنافذ التصريف ؛ تقوم بدفع نصف المبلغ المقرر للمسافرين من اصحاب الواسطات والمحسوبيات اولا والمواطنين العاديين ثانيا , وباقي المبلغ يتم بيعه على المسافرين ...)) .

ولو كانت الحكومة جادة في مساعدة المواطنين ؛ لفتحت اكثر من 20 منفذ في كل مطار , وتعمل لمدة 24 ساعة , ومراقبة من قبل قوى الامن الوطني والامن الاقتصادي و النزاهة ومنظمات المجتمع المدني النزيهة , ولأكتفت بتقديم جواز السفر والتذكرة فقط , من دون اجراءات روتينية اخرى , واخذت المبلغ بالدينار العراقي من المسافر نقدا او بواسطة بطاقات الدفع الالكترونية ؛ واعطته المبلغ بالدولار بنفس الطريقة , وبسرعة قصوى ؛ ضمانا لانسيابية العمل وحصول المسافر على المبلغ المقرر من دون الاخلال باللحاق بموعد اقلاع الطائرة , وتسجيل اسماء المسافرين ؛ لئلا يتم التلاعب بمقدرات البلد واستغلالها من قبل اصحاب النفوس المريضة .

وتناهى الى سمعي ان بعض شركات السياحة وبالتعاون مع المصارف ومنافذ بيع العملة الفاسدة والمشبوهة ؛ استغلت هذه الخطوة في بداية الامر , وقامت بإرسال البعض للسفر مقابل الحصول على فرق التصريف , بل ان بعضها استخدم جوازات المواطنين من دون علمهم في هذه العمليات الفاسدة , مما ترتب عليه , فرض ضرائب باهظة على هؤلاء المواطنين الابرياء المغفلين ...!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك