محمد مكي آل عيسى ||
قال جيفارا . . قال آل باتشينو . . قال دوستويفسكي . . قال غاندي . . قال آينشتاين . . قال كونفوشيوس قال الساموراي الشهير مياموتو موساشي . . قال علي الوردي قال علي شريعتي قال فلان قال علّان
وما قيمة ما يقولون ؟ هل كل ما قالوه صحيح وحق ؟
قد يمتلكون شيئا من الحكمة ، قد يكونون صالحين ، قد تكون لهم مواقف محترمة ، لكن هل يعني هذا أن كل ما يقولوه هو الحق ؟؟
ربما تكون بعض أقوالهم تداعب المشاعر أو قد تتوافق مع رغبة النفس فتكون جذابة مريحة ، نحبها ، وللأسف سننشرها أيضاً من باب حب لأخيك ما تحب لنفسك وهي تجانب الواقع ولا تصيبه أو ربما تغطي جزءاً من الواقع وتغفل عن كثير.
إن حقيقة كل فرد منّا نحن بني البشر حقيقة صغيرة تبدأ من ولادته لتغطي أفعاله وآثاره وما سطّر من الأحداث على واقعه لتنتهي بنهايته . . وتبقى بعض آثاره بعده لفترة تطول أو تقصر
وما حجم هذه الحقيقة بعالمنا كله ؟!
الصغير لا يمكن أن يحيط بالكبير والحقيقة الصغيرة لا تتمكن من الإحاطة بالحقائق الكبيرة قد تدرك شيئاً منها ، قد تلامسها لكن لا تحيط بها.
وهذا هو حال الإنسان سواءً كان عالماً أو صالحاً ، مفكراً كان أو أستاذاً نعم يدرك الكثير من المعرفة لكنه لا يحيط بكل شيء فما يصدر عنه من الكلمات والأمثال من المواعظ والحكم إنما هي محدودة بحدوده تعتمد على ما أدركه من الحق.
وبالتالي فكثيراً ما تكون هذه الكلمات ناقصة أو غير جامعة ومانعة كما يقول المناطقة قد تكون واقعية في زمان أو مكان لكنها لن تكون بالضرورة حقاً مطلقاً.
كما أن العلماء والحكماء بشر يصيبون ويخطئون يتأثرون بما يحيط بهم من الظروف يفرحون تارة ويتألمون تارة ويغضبون أخرى وكل ذلك ينعكس على تصرفاتهم وأفعالهم وينعكس بشكل أشد على أقوالهم بل قد تتناقض أقوالهم مع أفعالهم.
لذا علينا التروّي قبل الأخذ بها وعرضها على طاولة النقد والبحث والدراسة قبل تبنّيها.
ولمّا كان الحق المتعال مريداً لهداية الإنسان فقد جعل له ما يغنيه من أبواب الهداية فكان القرآن كتاباً للهداية والحكمة وبين أن إحدى مهام الرسول الكريم هي تعليم الحكمة وأحال الرسول الأكرم (ص) من بعده الأمر لأوصيائه (ع) فمن أراد المدينة فليأتها من بابها.
فمن أراد الحق عليه أن يتوجه لمصدره الزلال الذي ينطق عن الحق لاعن الهوى ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )
وحتى تصل الهداية للناس كما أراد الحق جل وعلا جعل الله للناس أعلاماً للهداية وخصّهم بالعصمة حتى تكون أقوالهم مطابقة للحق لا تنحرف عنه ولا تجانبه قيد شعرة فيكون المتتبع لأقوالهم مطمئناً بأن هذه الأقوال محكمة مطابقة للواقع جامعة مانعة ونصبهم صلوات الله عليهم ليكونوا حجة لله من بعد الرسل ( ولكل قوم هاد ) ، وحباهم بتسديد وتأييد خاصّين لتكون حتى أفعالهم حجة على الناس وليس فقط أقوالهم وليتطابق فعلهم مع قولهم فلا يبدو منهم التناقض.
لذا نجد حرص العلماء باقتفاء خطاهم صلوات الله عليهم ولزوم أقوالهم لا أقوال غيرهم حيث أن من يعثر على ماء معين صاف للحق والحكمة لن تدنو نفسه على ماء عكر ملوّث بألواث الجهل وحب الدنيا ولنفس السبب نجد أن علياً صلوات الله عليه يخاطب كميلاً فيقول : ( يا كميل لا تأخذ إلّا عنّا تكن منّا ) ووصفهم الإمام الهادي (ع) بقوله : (فالحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم ) وعن بقية الله (ع) (فالحق ما رضيتموه، والباطل ما سخطتموه )
https://telegram.me/buratha