الشيخ جاسم محمد الجشعمي ||
في قصر يزيد :
روى علي بن إبراهيم عن الامام الصادق عليه السلام انه عندما أُدخل رأس الامام الحسين عليه السلام والامام علي بن الحسين السجادعليه السلام مغلولاً وبنات امير المؤمنين عليه السلام على الطاغية يزيد قال الطاغية يزيد لعنه الله :
ياعلي بن الحسين الحمدلله الذي قتل اباك .
فقال له الامام علي بن الحسين عليه السلام : لعنة الله على من قتل ابي . فغضب يزيد وأمر بقتله ثم تراجع عن قراره . ثم قال
الطاغية يزيد
( ما اَصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) . الشورى٣٠
فقال له الامام علي بن الحسين عليه السلام
كلا ما هذه فينا نزلت . إنما نزلت فينا
( ما أَصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم الاّ في كتاب من قبل أن نبرأها ) سورة الحديد ٢٢
وجاء في كتاب الملهوف ان الحوراء زينب بنت الامام علي عليه السلام عليهما السلام عندما رأت رأس الامام الحسين عليه السلام نادت بصوت حزين يفزع القلوب ياحسيناه ياحبيب رسول الله يابن مكة ومنى يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يابن المصطفى فأبكت والله كل من كان في المجلس ويزيد لعائن الله ساكت . فصاحت امرأة من بني هاشم في دار يزيد يا حبيباه يا سيد اهل بيتاه يابن محمداه ياربيع الأرامل واليتامى ياقتيل اولاد الادعياء . فأبكت كل من سمعها . .( الملهوف ص ١٦٠)
ثم خطبت زينب خطبتها المشهورة . وقالت بعد ان حمد الله واثنى عليه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( اظننت يايزيد حيث اخذت علينا اقطار الارض وآفاق السماء فاصبحنا نساق كما تساق الاسارى ان بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة وان ذلك لعظم خطرك عنده . فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً حيث رأيت الدنيا لك مستوثقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلاً فمهلاً انسيت قول الله عزوجل ( ولايحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خيراً ليزدادوا اثماً ولهم عذاب أليم ) . أمٍنَ العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بهن الاعداء من بلد الى بلد .... ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
لأَهلوا واستهلوا فرحا
ثم قالو يازيد لاتشل
منتحياً على ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنة تنكتها بمخصرتك . .. فلتردن وشيكا موردهم ولتودن انك شللت وبكمت ولم تكن قلت ماقلت ومافعلت ما فعلت . . ولئن جرت الدواهي مخاطبتك اني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك . واستكثر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرى . ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً حين لاتجد الاّ ما قدمت يداك وماربك بظلام للعبيد . فإلى الله المشتكى . فكد كيد واسع سعيك وناصر جهدك فوالله لاتمحو ذكرنا ولاتميت وحينا ولاتدرك أمرنا ولاترحض عارها . وهل رأيك إلاّ فند وايامك الاّ عدد وجمعك الاّ بدد يوم ينادي المنادي الا لعنة الله على الظالمين .)
هذه الخطبة الشريفة والتي اختصرتها تحمل في طياتها حقائق كثيرة ودلالات عقائدية وتاريخية في غاية الاهمية كانت لها وقع الصاعق والزلازل على حكومة الطاغية يزيد ودولة الاموية . وقدشكلت هذه الخطبة
ملحمة بطولية حقا وبقيت صداها في التاريخ الى يومنا هذا . وهي خطبة محيرة للعقول من حيث بلاغتها ومتانتها وفصاحتها وقوة احتجاجها على يزيد وكشفها ماهية وحقيقة يزيد وكفره وفساده وجرائمه وحقيقة الدولة الاموية وفسادها وكفرها وتسترها بالدين كذبا وزوراً . وهي تسعى بأماتة الدين وتخطط لإماتة الوحي ولذلك قالت لها الحوراء زينب عليها السلام فوالله لاتمحو ذكرنا ولاتميت وحينا . واكدت في هذه الخطبة ان الامويين كانوا يحاولون للقضاءعلى الاسلام .
وكان احد عوامل ثورة الامام الحسين عليه السلام هو كشف زيف الدولةالاموية وحكومة يزيد وكذب تسترها بالدين وهي في الحقيقة تخطط وتسعى بالقضاء على الدين .
https://telegram.me/buratha