المقالات

نقل الأخبار وضرورة التثبّت..


كوثر العزاوي||

 

في خضم التداعيات ومايجري من أحداث على الساحة الدولية والإقليمية، تبرز ضرورة الدعوة إلى التأمل والتدبر عند نقل الأخبار بأنواعها ومايجري في العالم من حروب واعتداءات وحوادث وكوارث، أو مايرِد من تصاريح وبيانات على نحو الشجب او التأييد الصادرة عن العلماء وقادة الدول والمسؤولين وفئآت المجتمع  بمختلف المستويات، سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا وغيرهم، ولافرق

في مايتعلق بقضايا الدول والشعوب أوعلى المستوى الداخلي والمحلي، فكل ذلك مرهون بذمّة الناقل أو الناشر أوالكاتب بمقتضى التكليف من حيث صحة الخبر وخطأه! لأن الهدف الأسمى الذي لابد من السعي نحوه في مثل هذه الظروف، هو إبراء الذمة والاستفادة العملية من الأخبار لامجرد السبق والتسابق الاعلامي، بل الأهم هو تاكيد الوعي بحجم مسؤولية النقل ومايترتب عليه من تبعات سلبًا وإيجابًا! بما يجعل التوقف ضرورة ملحة عند المحطات التي قد تزيد في تأزم الأوضاع العامة، أو احتمالية فتح ثغرة يستفيد منها الخصم فلا يُستبعَد الضرر، ولات حين مندم! أما لو تريّث الناقل الناشر في عملية النسخ واللصق أو ترديده مايسمع، فقد يدرَء  بذلك مفسدة، فيما يُعدّ مثل هذا الفعل استهلاكًا وترَفًا إعلاميّا فضلًا عن بعثرة المجهود وضياعه في زحمة الكثرة والتكرار، فما أكثر ماتضخ القنوات والصفحات ووسائل التواصل الاجتماعي من أخبار مسموعة ومرئية، ثم ماإن تنتشر كالنار في الهشيم حتى يتبيّن بطلانها وعدم صحتها وبالتالي يتحمّل الناقل تبعة تسرّعهِ وعدم تثبّته، وهذا مانشاهده في حياتنا اليومية من إذاعة وإشاعة ونقل الأخبار من قِبل الذين لم يتفهموا الخبر أو يتأكدوا من صحته بل كان نصيبهم الترديد  كالببغاء أو نسخ مايَرِد ولصقه من دون حساب للنتائج التي يمكن أن تحدث على نحو السلب والايجاب!! وهذا مايزيد  المجتمع تخبّطًا وفقدانه المصداقية، في وقت نكون بأمس الحاجة إلى الوعي والتثبّت من صحة الأخبار قبل نشرها، لأنّ التبيّن كما يقولون دواء أدواء المجتمع، فلكم عانى الأنبياء عبر التاريخ من مجتمعات مبتلاة بأنواع مثل هذه الأمراض الاجتماعية والأخلاقية، ورغم مرور الزمان وتطور الحياة الإنسانية، فما زالت بعض هذه الأمراض موجودة ومصدر معاناة للبشرية، كالتقليد الأعمی، والتسابق على إذاعة الحدث

‏والسير وراء الخيالات والشائعات، والتنبّؤات والمكاسب الواهية وحتى الحكم على الآخر وبناء المواقف علی غير معرفة أو بصيرة، والانتقاد دون علم، والقول والنقد بعيدًا عن الخبرة بالمضامين، واتهام الجهلاء للعلماء والصالحين بالتقصير والتسقيط رجمًا بالغيب!، ‏ولعل أنجع علاج لهذه الأمراض وكثير مما يضاهيها لمن أراد الشفاء والتوازن هو: التبيّن والتريث والفحص قبل الإقدام علی ايّ فكرة او موقف أو سلوك، وفي الشريعة والقرآن ثمة توصيات مهمة تتعلّق بنقل الأخبار ونشرها، وتلوم الذين يأخذون بالأخبار دون التأمل فيها، ويدعو إلی تحليلها وفهمها، أو عرضها علی أهل الخبرة والمعرفة قبل البناء عليها، كما ورد في قوله "عزوجل": «وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَی الرَّسُولِ وَإِلَی أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً» فكم نرى من حرص القرآن على إيمان المرء من الهدر بما لاينسجم وسطحية التفكير وسرعة التصديق لكل مايطرق السمع فضلا عن نشره، بدليل قوله "عزوجل":

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}الحجرات ٦

فلاينبغي إهمال التبيّن وترك الشائعة حتی تنتشر في المجتمع، والفاء في اللغة العربية تدلّ علی المسارعة «فَتَبَيَّنُوا»ومن هنا نفهم، أنّ المجتمع الإسلامي معرّض بصورة دائمة لإثارة الفتن من خلال الاخبار غير الكاذبة أو غير الدقيقة وسرعة تداولها جهلًا، وبالتالي لا بدّ من اليقظة الدائمة، فالفعل الذي لاتُدرس تبعاته وآثاره قبل الإقدام عليه يفضي إلی الضرر ثم إلى الندامة، وما علی المؤمن إلّا التحلّي بروحية التدقيق وعمق التفكير، ولا ينبغي أن يكون سطحيًا يقبل ما يُعرض عليه دون تفكير أو تدبّر، وخصوصًا في مجال العمل الإعلامي وتناقل الاخبار على جميع وسائل التواصل، مما يُلزم اعتماد الوعي في أعلى درجاته، فالتسابق غير المدروس في تداول ونشر أخبار غير موثوقةِ المصدر وغير الدقيقةإنما تصيب مقتلًا، سيما ونحن نعيش حَدَثًا أو قلْ حربًا مع الصهاينة، ومانتوقعه من العدو وحلفائه افتعال نصر وهميّ من خلال فبركة الأخبار وتزوير الحقائق بهدف التعويض عن الهزيمة جراء عملية طوفان الاقصى.

{خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ۚ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} الأنبياء ٣٧

{..فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ} الانفال٤٠

 

٢٤-ربيع اول١٤٤٥هج

١٠-١٠-٢٠٢٣م

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك