/ جبارعبدالزهرة –
اهم مشكلات وهموم العصر هي ما يتعلق بالقضايا النسوية والهيمنة الذكورية التي يوجه الله لها ضربة عنيفة عبر الغائه لها من الحياة الأنسانية على الأرض ويمنح السيادة المطلقة للهيمنة النسوية بما تحمل من بذرة الخير في استمرارالجنس البشري على الأرض من دون وجود النوع الرجولي المتعصب ضد المرأة والمتفاخر بذكوريته والمتعالي بها على النوع النسوي 0
أولًا:- إنَّ المجتمع الذكوري سلط الله عليه ضربة ماحقة في سورة مريم وتحديداً في قوله سبحانه على لسان مريم عليها وعلى ابنها السلام (( قالت أنَّى يكون لي غلامٌ ولم يمْسَسنْي بشر ولم أكُ بغيَّا )) ونجد مريم عليها السلام تحاور ربها في هذه المسألة الحساسة بشكل مكشوف في اعتراضها الأنكاري المستند الى الطبيعة الأنسانية في شأنها (البايولوجي) والمرتبط بعلاقات وعادات الشرف والعفِّة من جهةٍ وعلاقات وعادات الإفك والفساد من جهة أُخرى 0
والذي تؤكد فيه مريم لربها أنَّهُ ليس في حياتها رجل لا على مستوى الحلال المتمثل بالعلاقة الزوجية النظيفة الشريفة (لم يمسسني بشر) حتى تحبل وتلد بالحلال، ولا على مستوى العلاقات الرذيلة والوسخة (ولم أكُ بغيَّا) أي لم اكن زانية ، حتى تحبل وتلد بالحرام ،، وربها اعلم منها بحالها لأنه هو الخالق وإليه ترجع الأمور 0
غير أنَّ الله سبحانه أكَّد لمريم مطمئناً لها فأرسل لها ( جبرائيل (ع) ليهدئ من روعها فيقول لها:- ( قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ – مريم /21 ) ) وهو تعزير رباني لحالتها النفسية خوفا من المجتمع المتعسف تجاه المرأة 0
ذلك المجتمع الذي أنَّبها وطعن بشرفها عندما ذهبت إليهم وعيسى في حجرها (يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ( مريم/28)) أكد لها الله سبحانه قطعا لدابر الشك من أنَّ المرأة ممكن أنَّ تحبل وتلد بدون وجود الرجل في حياتها يشاركها في حملها من طريق توفير عنصر الحمل الذكوري خلال العلاقة الجنسية بين الطرفين 0
فالله تعالى يقول لمريم أنَّ هناك قضية علمية تجعل المرأة تحبل من خلالها بشكل اعتيادي وسليم وكذلك تلد بأمان ويسر دون الحاجة الى وجود الرجل وتدخَّله الشخصي المهيمن والمتطرف والمتفاخر بعناصر ذكوريته والمتعالي على المرأة فيها 0
وثانيا:- وبهذا الخصوص نجد مريم عليها السلام تحاور ربَّها بطريقة الأستفهام الأنكاري دون أنْ يساورها الخجل أو أنْ يعتريها الحياء لأنَّه ما من امر معيب او يبعث الخجل عند الأنسان عندما يسأل الأنسان من اجل معرفة الحق والسلامة والوصول إليهما 0
فلماذ إذن وتحت أية ذريعة يستهجن الرجل من المرأة أن تناقشه وتحاوره في المسائل الجنسية ؟؟؟!! وهذا رأي معظم الرجال إن لم نقل كلهم جميعاً 0
وعلى وفق هذه الطريقة العلمية في الحمل من دون تدخل الرجل وغير المكتشفة من قبل البشر الى يومنا هذا رغم مضي آلآف السنين على طرحها في الكتب السماوية وآخرها القرآن0
فإنه لو انقرض الرجال كلهم عن بكرة أبيهم فإن المرأة قادرة أن تصنع دورة جديدة للحياة على وجه الأرض بهذه الخاصية التي خصها الله بها وترجمها بشكل عملي في حمل مريم بعيسى ولادته (عليهما السلام ) 0
وذلك من خلال قدرتها ( المرأة ) على الحمل ثم الأنجاب بعيدا عن تدخل الرجل ومشاركة المرأة بالحمل جرياً على المعتاد ، وهذه صفة عظيمة وفريدة من نوعها سأصل الى ذكرها في هذه المقالة لاحقاً 0
*** ومنه اود أن اذهب الى القول أنَّه على مقالتي المعنونة ( باربي ) والمنشورة في صحيفة (رأي اليوم بتاريخ 18/8/2023م ) علقت اخت عربية من القدس الجريح وعنونت اسمها ( سعاد – راعية المعيز المقدسية ) وقالت في مقدمة تعليقها :- (الكثير من الناس يعتقد ان تعليق النساء على هذا الموضوع و أمثاله غير مقبول و منهم من ذهب الى أبعد فيقول غير أخلاقي و بهذا نكون قد نحينا جانبا نصف المجتمع )0
**وتشير ألأخت المصونة بذلك الى أن خلفية احتجاج الناس على مشاركة المرأة بأمور تعد اخلاقياً من العيب عليها المشاركة فيها لأنَّها تسبب لها نوعا من الأحراج امام الناس هي في غنى عنه 0
وذلك استنادا الى سمة الحياء الذي يتوجب على كل انسان التمسك به وبالأخص المرأة ، وهو أمر ذو خطل كبيرلا ينبغي التمسك به او الركون إليه في بعض الأمور والمسائل والتي لا بدّ من أن يكون للمرأة فيها دور ومساهمة وأن تكون على معرفة بيِّنةٍ وعلم فيها 0
ومقالتي كانت بخصوص الفلم الامريكي الذي يحمل هذا الأسم ويحمل بين طياته ما يشكل اساءة بالغة للقيم السماوية ومنها القيم الأسلامية والأجتماعية والعادات والتقاليد العربية والأنسانية ككل 0
والتي تتمسك بالحياء على أنَّهُ عمود القيم الدينية والأنسانية لكلِّ المجتمعات البشرية والذي هو بالنسبة للأسلام جوهر الدين الأسلامي الحنيف لقول النبي محمد (ص) :- ( لكلِّ دينٍ خُلُقٍ وخلق ألأسلام الحياء )0
أمَّا العرب العاربة والمستعربة فقد أولت الحياءَ حيِّزاً واسعا من اهتمامها وقالت فيه عبر إتهام الأشخاص الذين لا يتورعون عن ارتكاب الأعمال المشينة :- ( إذا لمْ تستح ِ إفعلْ ما شئت )0
وبالعودة الى اشارة الأخت صاحبة التعليق أُوأكد لها إن الأسلام لم يمنع المرأة من المشاركة في امورالدين والدنيا لا نظريا ولا عملياً ولم يمنعها من السؤال والأستفسار حتى في الأمور والقضايا التي تخص جسم المرأة وإن كان ذكرها حساساً جداً 0
وكذلك فإنَّ الأسلام لا ينكر على المرأة أنْ تسألَ وتناقشَ أو أنْ تكون طرفا في اجتماع او ندوة أو لقاء جنبا الى جانب الرجل وتشارك الرجل في ذلك وفي غيره دون ان يكون عليها في ذلك حرج ولا غضاضة حتى ولو كان الموضوع المطروح هو مناقشة المسألة الجنسية 0
ومن الأمثلة القوية على ذلك اضربه هنا ثم أعود الى مسألة حمل مريم بعيسى (ع) والتي اعتبرها أنا أقوى حجة بيد المرأة على أن الله استودع فيها اعظم سر وهو ديمومة الحياة واستمرار الوجود الانساني من غير مشاركة الرجل0
وهذا المثال يتمحور:- في أنَّ إمرأةً جاءت الى الأمام جعفر صادق وهو الأمام الخامس عند الشيعة الأثني عشرية ودخلت عليه مجلسه وسألته امام الرجال عن صفات وماهية الحيض عند المرأة وقد قام الأمام بشرحها لها شرحا وافيا امام الحضور من الرجال 0
وانقل هذا الشرح بشئ من التصرف لزيادة معرفة المرأة بأمر بايولوجي يخصها هي وذلك اعتماداً على حفظي له لأنني لا اذكر الرواية اضافة الى عدم توفر المصدرعندي فكانت اجابة الأمام :- ان العادة الشهرية او الحيض عند المرأة على اربعة ضروب (انواع ) وهي :-
1- الثابتة عدديا والثابتة زمنيا :- على سبيل المثال تأتي المرأة في اليوم الأول من الشهر ولمدة خمسة أيام ثم تأتيها في الشهر التالي ايضا في اليوم الأول منه ولمدة خمسة أيام أيضا 0
2- الثابتة عدديا والمتغيرة زمنيا :- على سبيل المثال تاتي الى المرأة يوم (1) في الشهر ولمدة (5) أيام وتأتيها في الشهر التالي يوم (8) منه ولمدة (5 )أيّام ايضا
3- المتغيرة عدديا والثابتة زمنيا :- على سبيل المثال ايضا ، تأتي الى المرأة يوم (1) في الشهر ولمدة (3) وتأتيها في الشهر الذي يليه ايضا يوم (1) منه ولكن لمدة (6) أيّام 0
4- المتغيرة عدديا والمتغيرة زمنيا :- تأتي المرأة يوم (2) من الشهر ولمدة (4)أيَّام وتأتيها في الشهر التالي يوم (6) منه ولمة (9) أيَّام0
وأقل أيام الحيض ثلاثة أيام فإن رأت المرأة الدم يومين وانقطع عنها فهذا دم علة (مرض) فعليها مراجعة الطبيب وأكثرها عشرأيام ، فإن شاهدت المرأة وقوع دم عليها بعد عشرة أيام فهذا أيضا دم مرض ولا بد من مراجعة الطبيب وافضل طريقة لكي تتأكد المرأة من نوع الدم هي ان تضع القطن وتنظر فإن خرج الدم من القطن فها هذا يعني انه دم حيض لأن دم الحيض اعلى حرارة من الدم الأعتيادي كما يقول الإمام وإن لم يخرج الدم من القطن فيعني أنه دم متأتي من مرض ولا بد في هذه الحالة ان تراجع المرأة الطبيب لتضمن سلامتها 0
فخرجت المرأة من عنده وهي تقول :- والله لو سألت امرأة على هذا الأمر ما اجابتني بمثل جوابه 0
وتعزيزأً لعدم بخس الأسلام للمرأة حقها في كل شيء اذكر هنا حكاية قصيرة تفيد أنَّ احدى خادمات الإمام علي جاءت إليه فقالت له :- يا سيدي إنَّ المؤذن فلان كلما يراني ويمر بي على الطريق يقول لي :- أنا أُحِبُّك قال لها الإمام :- قولي له وأنا أُحبكَ أيضا فماذا تريد ؟؟ فحصل ان تلاقيا في الطري وعندما ردت عليه بما قوَّلها به الأمام علي قال:- نصبر حتى يوفِّينا أٌجورنا الذي يوفِّي الصابرين أٌجورهم 0
فذهبت وأخبرت الإمام بما حصل بينهما ، فأرسل الإمام في طلبه وزوجهما ودفع الإمام الصداق من جيبه الخاص 0
هذان مثالان على احترام الأسلام لحق المرأة في جميع امور الحياة ومنها حقوقها الخاصة والحساسة وهي حقوقها البدنية ، فلا لوم عليها ولا تثريب إذا سألت عن هذه الحقوق او إذا ما طالبت بها ولا يلوم المرأة على ذلك ولا يعنِّفُها من الرجال إلاّ صاحب العقل الصغير والتفكير السطحي او المتزمت ضد النساء والمتعالي عليهن برجولته والمتعسف عليهنَّ ظلما وعدوانا 0
اعود الى طريقة حمل مريم بعيسى وهي الطريقة العلمية الإلهية والتي من خلالها جعل الله من (( المرأة كل المجتمع وليس نصفه )) وقبل ان اتطرَّق الى ذكر هذه الطريقة لا بد لي من ان امهد لها بذكرقوانين مندل للوراثة حتى تتضح صورتها للناس بشكل فيه قدر من التجسيم لأبعادها العلمية في اطار المعرفة الانسانية المعاصرة 0
وعليه فإن قانونين مندل للوراثة تقول :- إنَّ المرأة تحمل كروموسمين وراثيين هما ( x & x) واما الرجل فيحمل ايضا كروموسميين وراثيين وهما (y & x) والكروموسوم الوراثي الذكري (y) هو المسؤول عن تحديد نوع الجنين ( ذكرأ أم أُنثى ) وعلى نحو التالي ، إذا اتحد كروموسوم (x) عند المرأة مع كروموسوم (x) عند الرجل في عملية الإخصاب سيكون نوع المولود (أُنثى ) أمَّا إذا التقى الكرموسوم الوراثي الأنثوي (x) مع الكروموسوم الوراثي الذكري (y) عند عملية التخصيب فسيكون نوع المولود (ذكراً)0
لكن مريم حملت بعيسى ( وهو ذكر ) وفق القرآن الكريم من دون الرجل ووفق قوانين مندل فقد كان المفترض ان بكون نوع المولود أُنثى لأن الكرموسوم الوراثي الذكري (y) لم يكن موجوداً في عملية الإخصاب عند مريم فقط كان الكروموسوم (x) الإنثوي هو سيد ساحة التخصيب في رحم مريم (ع) دون منازع ، وبالتالي كان المفروض أن يأتي نوع المولود (أُنثى) ، ومن هنا تكون قوانين مندل الوراثية بحاجة الى تعديل علمي ، هذه من جهة 0
ومن الأمور العلمية التي تدعيها هذه القوانين من أن كل ثلاث بنات يأتي بعدهن مولود ذكر وقد اثبت الواقع المعاش عدم صحة هذه الأدعاء وهو بحاجة الى تحليل علمي ودراسة عميقة ، فإن كثيرا من الزيجات جائتهم اكثر من ثلاث بنات ، اربع او بانت اوخمس ٌ فأنا ابني على سبيل التأكيد لديه الآن اربع بنات واحدة تلوى الاخرى 0
ومن جهة اخرى تكون عملية حمل مريم بعيسى حتى ولادته دليلا قاطعا على قدرة المرأة على الحمل والولادة من دون أي تدخل ذكوري يدل على ان الله استودع سرا في الطبيعة وفي جسم المرأة لتحقيق تكاثر الجنس البشري بعيدا عن الخاصية الذكورية والتي هي شرط من الشروط المعتادة والمألوفة في حمل المرأة المؤدي الى تكاثر الجنس البشري 0
ومنه تكون المرأة وبشكل منفرد ومنعزل عن الرجل عامل استمرا ر الحياة الإنسانية على كوكب الأرض وهذه منزلة عظيمة وكرامة ما بعدها كرامة خص الله بها المرأة واستنادا إليها فإن المرأة صارت وبكل شموخ باسق وشمم عالي هي العنصر النوعي الذي لاتنتهي الحياة مع بقائه ووجوده وإنما تنمو وتزدهر وعليه اقول دون خوف من نقد او وجل هجاء (أنَّ المرأة هي كل المجتمع ) 0
ومن قال بغير ذلك فهو بعيد الوعي الحقيقي للحياة الأنسانية وفق التعميم الالهي في سورة مريم من أنّ المرأة (هي كل المجتمع الإنساني) لقدرتها الخاصة والمنفردة على الحمل والإنجاب بمعزل عن الرجل وبعيدا عن دوره المعتاد في مشاركة المرأة في المجيء بالمواليد الجديدة 0
ورغم ان سنة الحياة المتعارف عليها بين البشر تقتضي التلاقح بين المرأة والرجل فلله سنة اخرى في تكاثر بني آدم على الأرض فلا ذرة من نصيب للرجل في هذه السنة على مستوى التقييم والتعميم مع احترامي لنوع الرجل فهذا راي الله وارادته وقراره وتقديره (وللهِ في خلقه شؤون )0
https://telegram.me/buratha