عمر الناصر ||
لا يمر موسم انتخابي الا وحدث فيه تراجيديا سياسية تستغلها اطراف خارجية وتحاول استثمارها وتجييرها لسحب الشارع لزوايا لايريد الذهاب فيها ، ترفع من منسوب الالتهابات والاحتقان الذي يصفه المراقبون بأنه دعاية انتخابية مجانية للقوى التقليدية ، التي هي ليست ببعيدة عن سيناريو الانكفاء وربما قاب قوسين او ادنى من الافول والانهيار ، نتيجة الاخطاء المتكررة في ادارة دفة الحكم ،وتركيبة بنية النظام السياسي المستند على المحاصصة الطائفية التي جاءت بعد التغيير عام ٢٠٠٣ ،ونجاح الاجندات الخارجية في تكريس نظرية تجزئة المجزء بين السنة والشيعة والكورد وفرض هيمنة مفهوم المكونات بدلاً من المواطنة ، في الوقت الذي كانت به القوى الدولية والاقليمية بحاجة لمثل هكذا نظام سياسي في المنطقة ، وضمان ديمومة بقاء قراره الداخلي ضعيف غير مستقر وغير موحد في الساحتين الدولية والاقليمية ، بل ومحاولة الترويج لفكرة التقسيم واضعاف نفوذ العراق من خلال رفع شعار "وطن صغير وقوي ، خيراً من وطن كبير وضعيف".
يبدو ان القوى السياسية قد تجذرت داخلها عدوة الانشطار الاميبي ولم تعد تستطع التخلص منها بسهولة نتيجة تدخل الفواعل الخارجية وزيادة واضحة وحادة في الانقسام المجتمعي في ظل وجود نقص حاد بهرمون السيادة ، ظهرت على اثر ذلك قوى ناشئة جديدة تحمل ملامح افكار ورؤى ومذاق مختلف عن التيارات والاحزاب الكلاسيكية الاخرى، لكن البعض منها ظاهرها مدني وفحواها ايدلوجيات مستنسخة ومستهلكة ، اصابها الاندثار كالذي وقع على بعضهم الرموز والشخصيات التي دخلت المشهد السياسي بعد انتخابات عام ٢٠٠٥ ، والتي لم تستطع ان تقدم اي منجز ملموس يضمن ديمومتها واستمرارية نشاطها السياسي ، والتي اغلبها لاتحمل فكر عريق وجمهور مؤمن بمبادئها حد النخاع ، على ما يبدو أن اعادة ترتيب اوراق الخارطة السياسية بدأت تلوح بالافق وبدأت تتضح ملامحها تدريجياً ، وعملية سحب البساط من تحت بعض الشخصيات السياسية سيجبرها على تبني مبدأ الاعتزال التدريجي للعمل السياسي، في وقت لم يكن لها خليفة أو جيل جديد و خط ثاني يتسلم له الراية بعد انتهاء العمر الافتراضي للرعيل الاول.
مرحلة فتل عضلات بعض الانتهازيين والوصوليين والموتورين قد انتهت وتأثيرهم داخل المشهد السياسي لم يعد يجدي نفعاً، وسيصاب بالضمور والاضمحلال التدريجي وربما ستصدر لهم شهادة وفاة سياسية اذا لم يكون لهم اعادة مراجعة وتقييم وتقويم للاخفاقات والهفوات الماضية ، وان لم يكن هنالك قناعة حقيقية بضرورة الايمان بمبدأ الاعتزال السياسي ، فلا بد من البدء برسم نقطة شروع لابراز قيادات جديدة مؤمنة بفكرة التمرد الديموقراطي داخل الصناديق الانتخابية الذي يُخرِج الابناء من شرنقة وعباءة الكثير من الاباء المؤسسين المتمسكين بنظرية " انا وليكن من بعدي الطوفان "، الى تبني شعار " الحقوق تنتزع ولا تعطى " وهي نتيجة بديهية سنراها مستقبلاً بسبب عدم رضى الطرفين او القناعة بنظرية الانصهار بين جيلين بشكل عملي وملموس.
انتهى ..
خارج النص/ لايمكن تقليص الفارق الزمني بين جيلين ان لم يتم التفكير خارج الصندوق.
https://telegram.me/buratha