المقالات

من ذاكرة الألم العراقي


علي مارد الأسدي

قبيل إنطلاق عمليات تحرير الموصل، اتصلت بي عبر المسنجر بإلحاح ولعدة مرات، في وقت متأخر بينما كنت على وشك النوم، فاضطررت أن أجيبها:-

ها أمي تفضلي؟

فعرفتني بنفسها والعبرات تخنق أنفاسها، هي زوجة أحد الشهداء الذين أعدمهم الطاغية صدام وليس لديها في هذا الوطن الكابوس إلا ولدين في سن الشباب وهما عاطلين عن العمل، ومع ذلك هي مقتنعة بحياتها، تشكر الله وتحمده ما دامت ترى ولديها أمام عينيها بصحة وسلامة.

لكنهما، كما ذكرت لي، لم يعودا يحتملان حياة البطالة والفاقة والعوز... فهاجر أحدهما عام 2013 إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضل لكنه فشل في الوصول لمبتغاه، وعاد إليها بعد أشهر يجر أذيال الخيبة...

أما الآخر وهو الأصغر فقد تطوع دون إرادتها ضمن لواء الرد السريع ليدخل حينها في دورة تدريبية لمدة شهر ونصف، وها هو اليوم يخبرها بأن الأوامر قد صدرت له ولأقرانه بالتوجه إلى الموصل التي ما زالت متعطشة لمزيد من دماء أولادنا وإخوتنا وأحبتنا..

- أمي بشنو تأمريني؟

افعل شيئًا أرجوك كي لا يأخذوا ولدي مني، لأنني سأموت أن حدث له مكروه.

وبينما كنت أستمع لنحيب صوتها المتقطع من الألم، تراءى أمام عيني سرب متشح بالسواد يمتد ويغطي الأفق لنسوة فقدن في هذه الحروب الدموية فلذات أكبادهن وأزواجهن وآبائهن وإخوتهن...

أنهيت المكالمة بقلب متوجع وأنا ألعن في سري سايكس- بيكو وكل الأصنام اللعينة التي أفقرت أهلنا واسترخصت أرواح شبابنا وأحرقت قلوب أمهاتنا.

 

علي مارد الأسدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك