رعـــد الليثــــي
يُتداول في مواقع التواصل الاجتماعي يومياً العديدُ من المحتويات التي تظهر تنمّر و وقاحة بعض الأشخاص المحسوبين على العشيرة الفلانية او القبيلة العلانية وهم يجاهرون بسلوكياتهم المشينة والسيئة وغير المنضبطة دونما أيِّ خجلٍ او وجلٍ من السلطات الأمنية او السلطات القضائية.
ورغم أن بعض تلك المحتويات قديمة نوعا ما، غير ان أمثالها ونظيراتها موجودة في مواقع التواصل الاجتماعي. حيث تظهر سلوكيات لأفراد او تجمعات عشائرية تمارس عمليات الهجوم او التهجم على بيوت المواطنين، حيث تعلوا أصوات التهديد والوعيد لأقارب الشخص (المطلوب عشائريا) على الرغم ان الأقارب ما إرتكبوا جرماً وليس عليهم جريرة جراء فعل او سلوك قريبهم.
الملفت، على ما يبدو من تلك المحتويات المنشورة ان الأقارب ينالهم نصيب كبير من (التهديد والوعيد العشائري) لا لجرمٍ إرتكبوه بل لكونهم (أقارب) الاشخاص (المطلوبين!) ليس إلا. وفي كثير من الوقائع يجري تهديد ووعيد (الأقارب) او حتى (الجيران) دونما ذنب ارتكبوه، فيعيش هؤلاء بل والمنطقة حالات من الرعب والخوف والبقاء في المنازل جراء تلك التهديدات و(الدكات العشائرية اللفظية) او (التهديدية).
ويدور تساؤل عريض، الى اين وصل استهتار بعض الافراد او الجماعات المتسترة تحت العباءات العشائرية والقبائلية مستغلة إنشغال الحكومة وسكوتها على بعض المسلكيات العشائرية المرفوضة، ما ذنب أقارب وذوي (المطلوبين!) عشائرياً الذين لم يشتركوا مع هؤلاء (المطلوبين!) بجرمٍ او جنحة.
ثم ألا تدفع هذه السلوكيات والتصرفات (العشائرية!) السلطات الأمنية والقضاء الى اعتبار (الدگة العشارية اللفظية) و(التهديدية)، هي مسلكيات مرفوضة بل جرم يحاسب عليه القانون كما حاسب بشدة على كل من يرتكب (الدگة العشائرية المسلحة).
ألم يقل الله تعالى في كتابه الكريم :" ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ آخرى"، هل نترك الاحتكام للقرآن ، ونترك الاحتكام لقانون الدولة، ليبقى الاقرباء فريسة سهلة لتهجمات (الكتائب العشائرية!) المنفذة للدكة العشائرية (اللفظية) و(الدگة العشائرية التهديدية) بعدما جَرَّمَتْ الحكومة والسلطات الامنيةُ (الدگة العشائرية المسلحة) وانطلقت في المحاسبة الشديدة عليها مشكورة.
المنطق، والعقل، والشرع، والدين، كلهم يقودون الى نتيجة بأن (الدگة العشائرية اللفظية) و(الدگة العشائرية التهديدية) هي بالمحصلة وجه آخر من (الدگة العشائرية المسلحة)، ولا فرق بينهما، إذ انها آلية آخرى لتحقيق المآرب التي يريدها بعض المحسوبين على العشيرة او القبيلة في الحصول على ما يسمى بـ(الديّة)، او (الفصل العشائري) عنوة من الشخص (المطلوب!)، او من (العشيرة الفلانية) او (القبيلة العلانية). فهذه المسلكية هي عين، وهي ذات (الدگة العشائرية المسلحة) ولكن بأسلوب آخر أخف وطأة، ولكنه سيقود الخصوم صاغرين مكرهين الى (خيمة التفاوض العشائري) لأن (الدگة العشائرية اللفظية) و(التهديدية) تأتي بأكلها كما هو الحال بـ(الدگة العشائرية المسلحة).
ما يؤسف له، ان العديد من المتصدين في سلك قواتنا الأمنية، وفي سلك قضائنا يتجاوبون بشدة مع مثل هذه المسلكيات ويعتبرونها شريكا لهم في تثبيت (السلم الأهلي) حيث ان العديد من الضباط والعديد من القضاة، سيألون المشتكين والمتحاكمين: " فضيتوها عشائريا، لو بعد"، " انتو حسموهه بيناتكم عشائريا".. وغير ذلك من الألفاظ او المعاني التي تشير الى أن البعض في السلطات الأمنية والسلطات القضائية (يعترفون) بأن إجراء وتنفيذ (الاحكام) وتحقيق إستتباب السلم الأهلي لا يتأتى ولا يكون إلا بـ(التدخل العشائري)، بل يعترفون ان (الحسم) و(الفيصل) في القضايا، وفي الدماء هو (الحل العشائري) و(الحل القضائي) يأتي ثانيا وتالياً، وهذا طامّة ما بعدها طامّة.
من المهم، ان تبقى للعشيرة وللقبيلة أعرافها العشائرية والقبائلية الممدوحة من الكرم والسخاء والنجدة والإثرة والنجابة والأصالة والإغاثة والمواساة والمشورة، شريطة ان لا تتدخل في مجريات القضاء ولا في مجريات وآليات السلطات التنفيذية في إحلال السلم الأهلي. وبغير ذلك، فإن تغول (الدگات العشائرية اللفظية) و(التهديدية)، سيكون مآله حصول فقدانٍ تامٍ لدى المواطنين بالثقة في السلطات الأمنية والقضائية، وسيكون مرجعها الأول وحاميها الأوحد هو (العشيرة) و(القبيلة)، وعلى ما يبدو - مع شديد الأسف – أن هذا المنهج هو السائد والمتبع من قبل كثرة كاثرة من الشعب العراقي بل ومن قبل حاكميه وأجهزتهم. ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم.
https://telegram.me/buratha