المقالات

الخداع والمكر بالسياسة


 نعيم الهاشمي الخفاجي ||

 

السياسة بالوسط المادي المتجرد من القيم الإنسانية والاخلاقية، تكون متغيرة، وتتحكم بها المصالح، ولامكان إلى القيم الاخلاقية والمبادئ، إنِ اجتمعت المصالح والمبادئ، فهو صدفة وليس من باب التمسك بالقيم والمبادىء، لذلك يفكر هؤلاء القردة من البشر اذا حدث موقف معين أيهما اختيار الأفضل هل المصلحة ام المبادىء، يختارون المصلحة ولاقيمة إلى المبادىء، قضية اقتناص الفرص ليست جديدة، قرأت حديث في صحيح البخاري لشخصية محترمة بالعالم الإسلامي السني يقول كانت بيعة ابي بكر فلته، فهل تولي أمر المسلمين تتم في فرصة تكون بطريقة فلته، ام من خلال قيم ومبادىء أتت بها شريعة السماء التي نزلت على محمد ص.

أكيد أصحاب المصالح الشخصية الطامعين في المناصب والقيادة والزعامة، إساس تحركهم يكون لمصلحة شخصية يتم تلبيسها في ملابس وثوب وطني والخوف على الدين والإسلام، لكن تبقى العملية سواء كانت انقلاب عسكري أو قرصنة تبقى مصالح، تلك حقيقة بشرية وتاريخية، ومن يعتقد غير ذلك، فهو واهم وملتبس عليه الأمر ولايميز بين الحق والباطل.

خلال العشرين سنة الماضية التي تلت سقوط نظام البعث، استقبلت الدول العربية والاسلامية الكثير من حثالات البعث لأسباب مذهبية وقومية، وخلال حقبة الربيع العربي استقبلت تركيا ملايين السوريين الذين استغلتهم في تحقيق مكاسب سياسية بالساحة السورية، بعد إعادة العلاقات التركية مع مصر، كان الموقف المصري مع وحدة الأراضي السورية، كذلك زيارة أردوغان إلى السعودية والتوصل إلى توافقات تجارية مابين السعودية وتركيا، اقتنعت دول الخليج ببقاء نظام الأسد حاكم في سوريا، لذلك السلطات التركية بدأت تشدد الخناق على قادة الإخوان من المصريين وغيرهم وقامت في إغلاق قنواتهم الفضائية، وغادر الكثير من رؤوس الإخوان تركيا وعادوا إلى بلدانهم الأوروبية السابقة، والتي يحملون جناسيها.

السلطات التركية قامت بمحاسبة آلاف السوريين بسبب مخالفتهم  لشروط الإقامة، تم عرض صور فيديو كيف الشرطة التركية تطارد الكثير من السوريين في المدن التركية بسبب مخالفتهم شروط الاقامة، اجرائات الشرطة التركية الغاية من ذلك التخلص من ملايين  السوريين الموجودين في تركيا، والأسباب كثيرة كلها تصب في مصلحة الأمة التركية في إعادة العلاقات مع مصر وسوريا والخليج، مضاف لذلك القائد التركي أردوغان الذي يهمه مصالح تركيا الاقتصادية وليست القيم، في الانتخابات الرئاسية التركية الاخيرة،  فقد استعملت القوى  المعارضة إلى أردوغان ملف ملايين النازحين السوريين  في الحملة الانتخابية  الأخيرة، أصبح وجود ملايين السوريين والعرب في تركيا مادة انتخابية، لذلك القوى المعارضة إلى أردوغان اعتبروا وجود ملايين السوريين في تركيا سبب في الازمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، لذلك حان وقت طرد ملايين السوريين من تركيا والعمل على كسب الحاضنة الاجتماعية الشعبية من قبل السيد طيب اردوغان، الرئيس التركي أردوغان استفاد من ملف الإرهاب في سوريا والعراق وليبيا وتونس وحقق مكاسب كبيرة،استفاد من الإرهابيين في ارسالهم إلى أذربيجان لمقاتلة أرمينيا ونجح أردوغان بتحقيق نصر في هزيمة الارمن بمعارك قرباخ، ارسل آلاف الإرهابيين إلى ليبيا وافشل هجوم حفتر للسيطرة على طرابلس بعد أن سيطر حفتر على غالبية أحياء طرابلس،  الآن أردوغان استفاد من حرب أوكرانيا في محاولة الدخول الى الاتحاد الأوروبي وهذه المرة ليس كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي وإنما دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كشريك ولاعب اقتصادي، لذلك من مصلحة أردوغان تنظيف تركيا من ملايين اللاجئين السوريين والعرب والكثير منهم على ارتباط مع الجماعات الإرهابية الاخوانية الوهابية التكفيرية.

ثبت سذاجة قيادات منظمة الإخوان المسلمين الذين دمروا الدول العربية مثل سوريا والعراق وليبيا وحاولوا حرق مصر، هذه الجماعات السياسية العربية الاخوانية قامت بحرق الدول العربية واعتبرت أردوغان المرشد الروحي لهم والخليفة العثماني الجديد،  في العقد الماضي، الكثير من رؤوس وقادة الإخوان ذهبوا إلى تركيا وتم تجنيسهم، منهم على سبيل المثال السيدة الأردنية الفلسطينية إحسان الفقيه التي تركت الليبرالية وأصبحت اخوانية متطرفة، تكتب في صفحتها في تويتر انها مواطنة تركية من أصل عربي، وكتبت عندما تركت دول الخليج وذهبت إلى تركيا وارتدت الحجاب الاسلامي «أنا متوجة إلى تركيا،  لأن فيها رجلاً لا يُظلم عنده أحد».

بغض النظر السيدة إحسان الفقيه الان تمتلك جنسية تركية، لكن هناك ملايين من العرب فهموا استقبال تركيا لهم وفق فهم ساذج، تركيا تحكمها المصالح، أتذكر أن أنصار الإخوان في الدول العربية وأوروبا يروجون لشراء البضائع التركية ويختلقون فوائد عظيمة إلى الزيتون والتين التركي، سمعنا من الفوائد التي لاتعد ولاتحصى للفاكهة التركية والحلويات التي لاتضر حتى المصابين في مرض السكري، ويعزون سبب ذلك لأن البضائع التركية لأنها من  دولة إسلامية تسير على نهج الخلافة الإسلامية.

أما في المجال الفني  المسلسلات التركية شاهدها غالبية العرب، وأصبح جمهور عربي من الفتيات مغرم في ممثلين أتراك، حتى بعض أصدقائي من حركات الإخوان قالوا لي انتشار المسلسلات والأفلام التركية بداية الدولة الإسلامية الكبرى.

هذه ليست المرة الأولى التي تكشف بها سذاجة العربان  السياسية، التيارات الاخوانية الوهابية روجوا إلى تركيا  انها الدولة الإسلامية العابرة للحدود الوطنية،  وأصبحت لقادة واتباع حركات الإخوان تركيا  قاعدة وقلعة لهم، نفس هذا الأمر وبأقل ملايين المرات ينتقدون الشيعة العراقيين والعرب بسبب وجود لديهم علاقات بسيطة مع إيران، قول للامام علي ع يقول الحب يعمي ويصم.

وجود ملايين السوريين في تركيا أصبح اليوم يشكل عبأ على الحكومة التركية، لذلك من مصلحة تركيا الخلاص من ملايين السوريين والعرب من وجودهم في تركيا، لذلك سوف يتم تطبيق قوانين مشددة مع ملايين اللاجئين الذين انتهى دورهم ومهمتهم في تدمير سوريا والعراق ومصر وليبيا، من مصلحة السيد أردوغان طرد ، او التخلص من قيادات الإسلام الحركي لمنظمة حركة الإخوان المسلمين، والكثير منهم ممن يحملون الجناسي الأوروبية تركوا تركيا وعادوا إلى أوروبا بعد أن اصبحوا كبارا بالسن، يجلس الكثير منهم داخل بيوتهم وانتهى دورهم.

تقديم المصالح على المبادئ سمة بارزة لقادة أو خلفاء الدول الاسلامية والخليفة طيب أردوغان احدهم وزعيمهم.

عالم تحكمه مصالح، هناك اهتمام غربي بالهند وشاهدنا زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أخيراً إلى دول الناتو وكيف استقبل استقبال حار واقيمت له الاحتفالات وغنت له الفرق الموسيقية والغاية كسب الهند كشريك اقتصادي وابعاده عن قوى الشرق، الاحتفالات والترحيب وذلك لأهمية الهند الاقتصادية والاستراتيجية للغرب، الهند الان اذا تقوم في اضطهاد المسلمين وهذا مستبعد بظل وجود ٣٦٠ مليون مسلم هندي، حتى لو يضطهد الهنود مواطنيهم المسلمين لم تقوم دول الغرب بالتنديد بذلك بسبب وجود مصالح اقتصادية وسياسية، عالم تحكمه المصالح وليس القيم.

لذلك  السياسة تحكمها مصالح وليس تحكمها ثوابت، هي متغيرة بتغير مصالح البشر، فالشرير اليوم والمصنف إرهابيا يصبح معتدل ومن قوى الخير والسلام، وفق أصحاب القيم المادية يعتبرون السياسة لاتحكمها الثوابت، يتم اباحة المحظورات في السياسة المادية لايوجد بها مقدس أو معصوم، السياسي بالدول الراسمالية يحكم شعبه بالديمقراطية ويدعم بنفس الوقت دول البداوة الوهابية التي تحكم بعقلية القرون الوسطى.

 

كاتب وصحفي عراقي مستقل.

29/7/2023

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك