المقالات

صورة الحسين (ع) في وجدان العراقيين..


نعمه العبادي ||

 

تتميز صور الحسين (اللامتناهية) في الوجدان العراقي عن كل صوره المبثوثة في ضمائر وعقول ووجدان البشرية من مختلف مشاربها وثقافاتها، ولا يعود هذه الاختلاف للخصوصية المكانية وعلاقة القرب فحسب، وإنما يشكل الحسين (ع) جزء أساس في الهوية الفردية والمجتمعية والذاكرة العامة والذاكرة التأريخية للعراقيين، بل يشكل دالة المستقبل في عقول المعظم.

يعتقد معظم العراقيين، ان لكل منهم قصته الخاصة مع الحسين، وهي قصة حصرية دون غيره من الآخرين، وهذه الحصرية تتشكل من تعدد المناظير للحسين بقدر الصور اللانهائية التي تظهر للمستحضرين الحسين عن بعد او الحاضرين عنده من قرب.

ورغم الايمان الكامل لهم بأن الحسين عليه السلام الامام المعصوم الثالث، ومصدر السنة المطهرة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعدل القرآن الكريم، ووالد الائمة، إلا ان هذه العناوين لا تحضر بذات القوة التي تحضر فيها صورة الثائر الاوحدي والمظلوم المهتضم، وحتى في هذه الجزئية، تختلف المقاربة النفسية العراقية عن كل المقاربات، مع الاحترام والتقدير والاشادة بكل صور الانتماء الى الحسين في كل بقاع الارض، فالحسين لاهل الارض والسماء، ولا يحق لأحد احتكاره.

تتركب بعض اجزاء صورة الحسين في الوجدان العراقي من تلاقي (تفرد الالم الحسيني) و (خصوصية العاطفة العراقية) و (ابدية الصلة والذكر) و (الادراك العميق بأن الحسين يبقى وجود غير مستكشف يتيح لمن يقبل عليه معرفة المزيد منه في كل لحظة) و (الشعور بأن المستقبل العراقي مرتبط بشكل وطيد بالحسين.. قضية واثرا)؛ هذه المدخلات، والخصوصيات الفردية المشاعرية العراقية، تخلق حضورا لا متناهي للحسين في الوجدان العراقي، بل ان للحسين حضورات متعددة ومختلفة عند كل فرد في آنات مختلفة.

ما من احد من (حسيني العراق) إلا وله حديثه الخاص مع الحسين السلام (من قرب او من بعد)، وجميعهم، يشعرون ان كل ما يتصل بالحسين مسؤوليتهم الشخصية، بما في ذلك استضافة واحترام وتقدير، كل ضيوف الحسين من كل بقاع الارض.

ان اي تعريف او عمل ثقافي او فكري، بل وحتى سياسي، يستبعد الحسين وشأنه، كمكون اساس في الهوية العراقية، سيكون محاولة تغريب وسلخ، وتجذيف خارج مسرى النهر، ولن يجد له مكانته مهما راهنت الجهة التي تدعو له، كما، ابعاد الحسين من اي مقاربة قائمة على خصوصيات الهوية العراقية، هي خسارة فادحة، وتضيع لاهم موارد الحركة والابداع في الشخصية العراقية.

لا ينتمي هذا النص، للاحساس بالتعالي على الاخرين، ولا علاقة له بالتفضيلات، ولا يمنع ولا يسحب اي خصوصيات اخرى لمحبي الحسين، ولكنه، يتحدث عن اختلاف وتميز ناشئ من خصوصيات خاصة.

وعلى الضفة الاخرى، على العراقيين كافة، ان يقدروا حجم هذه النعمة العظيمة، ويديموها بشكر يتناسب معها.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك