سعيد البدري ||
حالة من عدم الارتياح تلك التي يعيشها الشارع العراقي بسبب الموقف الاميركي وتأثيراته السلبية على ملف الخدمات والبنى التحتية ،سيما الموقف من سداد مدفوعات شراء الغاز الايراني ،حيث خالفت هذه الادارة ومؤسسات اميركا المصرفية المعنية بالعقوبات اعفاءات سابقة حول هذا الملف وابتدعت حجج لعدم سداد مستحقات شركات الغاز الايرانية التي تعاقد معها العراق لتوفير الغاز بهدف تشغيل محطات توليد وانتاج الكهرباء .
الاجراءات الاميركية المعطلة تزامنت مع تحذيرات ايرانية سابقة قبل اشهر من الان بضرورة سداد مستحقات الغاز ،وهو ما دفع هذه الشركات لوقف ضخه بعد ثبوت عدم الايفاء بالالتزامات الاميركية ،ولان العراق لايمتلك مستوعبات ومستودعات لخزن الغاز فقد ادى هذا الاجراء لفقدانه كميات كبيرة من انتاجه اليومي من الكهرباء مطلع شهر تموز تجنبه مطب التوقف وفقدان الانتاج وبالتالي تأثير هذا النقص على الشبكة الوطنية ،وتراجع تجهيز المواطنين بشكل حاد في وقت الذروة وهو الوقت الذي يزداد الطلب فيه على الكهرباء لمواجهة درجات الحرارة المرتفعة .
وزارة الكهرباء وبحسب تأكيدات لاحقة على لسان السيد وزير الكهرباء زياد علي فاضل اشار فيها بوضوح لارتفاع معدلات الانتاج وتحسين الشبكات واجراء صيانة كاملة لمحطات التوليد والخطوط الناقلة وشبكات التوزيع في اغلب مناطق البلاد وبما يغطي اكثر من ثلثي الحاجة الفعلية ،ونال بذلك شكر وثناء المتابعين وذوي التخصص ممن تابعوا اجراءاته في وضع معالجات فاعلة وبأكثر من اتجاه ،غير انه لم يخف مخاوفه من تكرار ازمة امدادات الغاز اللازم لتشغيل هذه المحطات ،مشيرا لضرورة وجود جهد وطني يقلل الاعتماد على الغاز المستورد ويرفع من كفاءة الوزارة في اطار اجراءات وخطط داخلية تفضي لحلها مستقبلا .
اذن اغلب المشاكل منحصرة بالغاز وتأمين الوقود للمحطات على مستوى الانتاج ما يعني ان تأمين المدفوعات وسداد مستحقات شركات الغاز للجانب الايراني ،ريثما يتمكن العراق من انفاذ رؤيته ويوجد حلولا دائمة باستثمار الغاز المصاحب ومصادر اخرى للطاقة ، سيكون كفيلا بحل جزء كبير من مشكلة الكهرباء ،ويتبقى ان تشرع الوزارة وملاكاتها بايجاد صيغ اخرى للترشيد والصيانة وتحديث المحولات والشبكات والاستمرار باعمالها اليومية لتحقيق هذه الغاية .
ان ما اعلن عبر وسائل الاعلام بتوقيع وزير الخارجية الاميركي بلينكين لاعفاء جديد يتم بموجبه نقل الاموال من المصارف العراقية المودع فيها مبالغ الغاز الى الجانب الايراني ولمدة ثلاثة اشهر ،يعني ان بالامكان حلحلة جزء من المشكلة ،فيما يعني تفعيل اتفاق مقايضة الغاز الايراني بالنفط العراقي حلا اضافيا يدعو للتفاؤل ويحيي الامال باستقرار ملف الكهرباء ووضع المزيد من المعالجات له ، وقد يكون الاتفاق بحد ذاته سببا دفع الاميركيين لتقديم هذا الاعفاء لثني العراق عن المضي بتطبيق هذا الاتفاق ،ما يعني ايضا ان اميركا فقدت اداة عقابية حاولت من خلالها مساومة البلدين واطالة امد ازمة الكهرباء لغايات سياسية ،وهو ما ينبغي التعامل معه بجدية ،فالعراقيين بحاجة لأن يعرفوا حقيقة الاوضاع و الجهات التي تحاول استغلال معاناتهم لتحقيق مكاسب سياسية على حسابهم ، وأملنا كبير في ان تستمر وزارة الكهرباء في ادائها المتصاعد وتضع ستراتيجية طويلة الامد تنهي هذه الازمة وتبدد اثارها السلبية على حياة ومعاش المواطن العراقي ،الذي بات يدرك الاسباب العميقة التي تقف خلف تعثر ملف الكهرباء طوال عقدين من الزمن ..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha