المقالات

أسمعوا وعوا واعملوا  ..


سعيد البدري ||

 

ينقل عن النحوي ابن عقيل صاحب الشرح النحوي الشهير  لالفية بن مالك ان توضيح الواضحات من الفاضحات  ، وقيل ايضا ان توضيح الواضحات من اشكل المشكلات ، ولأن  الكثير من التفاصيل المرتبطة بالوضع العراقي واضحة وضوح الشمس في كبد السماء،  فأن التجاهل والتغابي الذي تنتهجه بعض الجهات السياسية في العراق وموقفها ونأيها بنفسها عن ابداء رأي واضح وموقف حاسم  بعدد من الملفات وهو امر يدعو  للاستغراب  ،خصوصا تلك المرتبطة ارتباطا وثيقا بمستقبل البلاد وسيادتها  ومن اهم هذه الملفات هو شكل  العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية والتي لازالت علاقة متأرجحة يشوبها عدم الثقة وعدم اثبات المصداقية ..

فاميركا بوصفها دولة استعمارية متجبرة وريثة الاستعمار القديم والقطب المهيمن حاولت وتحاول ان تسير الاوضاع على مزاجها وتقوده لتمرير مصالحها وما يحكم سلوكها هو الغطرسة التي تدفعها لأثبات الوجود عبر ضمان التفوق وعدم السماح لاي قوة او معسكر بمنازعتها النفوذ ومقاسمتها السيطرة  ، وهذا خلاف ما تدعيه قطعا من كونها معقلا من معاقل الحرية ومدرسة لنشر الديمقراطية وهو ما يدعو البعض للسير خلفها ضاربا أمن ومصير بلاده عرض الجدار ..

لقد اثبتت التجارب ان الشعوب الحرة لن تتنازل عن كرامتها وحريتها لأجل ارضاء هذا الغرور الاستعماري  واختارت العديد منها  مسارا مخالفا للرغبة الاميركية فانتزعت بأصرار ورغبة صادقة ما عجزت عن تحقيقه دول كبرى  ، و لان المقاومة خيار متاح  فقد كان الايمان بما لديها من طاقات و عزيمة مكنها من ضمان استقلالية قرارها ..

اننا كعراقيين وبعيدا عن التنظير والاحلام وحتى الاوهام نمتلك تاريخا مشرفا يربطنا بهذه الارض المجبول اهليها على رفض الظلم والطغيان ومقاومة نزعات الشر ومواجهة الحقيقة كما هي  لازال امامنا كثير من التحديات ولأننا نمتلك مقومات النجاح فلا ينبغي الركون لأرادة اجنبية تحاول قيادتنا  وتتعامل معنا وفق منطق المحاور والتخندقات و بخلاف ما نرتضيه ونريده من خير لبلدنا العزيز وكل ذلك من اجل ارضاء هذا الطرف او ضمان آمن كيان غاصب محتل اجرامي ..

ان   رفض اساليب الاملاء والتدخل والتحكم بمصيرنا ومقدراتنا امر مشروع وما نبتغيه فعلا هو ان نصل لتصورات واقعية تعطينا الاستقلالية  وتتضح بموجبها شكل العلاقة مع جميع البلدان اساسها تبادل المنفعة ومراعاة المصالح ، فلا يجوز ان نغفل عن اصرار اميركا على توظيف ملفات عدة سياسية واقتصادية واجتماعية تحاول تجييرها بما يخلف رغبتنا ومتبنياتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية  ومنها التحكم بواردات النفط وعائداته كمصدر اساسي للدخل القومي ، وهو ما ينعكس سلبا على اهم ملف  خدمي و حساس بالوقت عينه   كملف الكهرباء ، فجعله ملفا سياسيا يضر بالعراق ايما اضرار  ، لأننا كشعب وكدولة نجد في عدم السماح لحكومتنا بالتصرف بأموال عراقية وتسديد  ما بذمة العراق الا بالعودة لبنك اميركي او مؤسسات مرتبطة بالقرار الاميركي اجحافا وانتقاصا من سيادتنا الوطنية ، ولأن تحقيق ذلك يحتاج لموقف موحد فنحن هنا نتساءل عن كيفية تحقيق ذلك !؟  وهناك من يصم اذانه و يحاول عدم الخوض بأي شي يدفع العراقيين لتجاوز اضرار هذه العلاقة غير السوية ، ولان المسؤولية مشتركة فلا يمكن قبول الوقوف بتلك المنطقة الرمادية في المواقف لأن سياسة  " الجلوس على التل اسلم" لن تحل المشكلة بل تعقدها وتضعف من موقفنا الوطني الذي نسعى لأن يكون موقفا وطنيا حاسما يشارك في صياغته جميع من يهمهم امر هذا الوطن ومن مختلف المكونات ..

ان بلورة رؤية وطنية موحدة ازاء هذه التحديات وطرحها لاجل حلحلتها وبأصرار  يضمن المصلحة  العراقية ، هو اسلم الطرق واجداها اما الخوض بالمهاترات والجدل وعدم بيان الضرر الذي يلحق بالعراق وشعبه في اكثر من ملف سيادي يعني بقاء الوضع المتأزم كما هو بل و يفتح الباب امام التدخلات ويجعلنا امام مسارات معقدة قد يجري اللجوء للترقيع وعدم الحسم  لتلافي نهاياتها المضرة بمستقبل بلدنا  الى ما يحمد عقباه .

 اننا كنخب عراقية لدينا رسالتنا وهي رسالة واضحة ومختصرة  فما نحتاجه من الجهات السياسية الحاكمة  ان تسمع و بأستفاضة لما تراه النخب الوطنية المتخصصة  المؤهلة الحريصة المؤتمنه القادرة على ابداء الرأي و تناقش معها كل الخيارات وشكل العلاقة مع البلدان المطلوب التعاطي معها  ، و صياغة رؤية وطنية  بصددها تعبر عن ما يريده العراقي حقا وفعلا ،لذا على الحاكم ان يسمع و يستخلص ويتحرك و يمرر الرسائل بعد قراءة واعية للواقع ، فقد كانت  العرب " تطيل ليسمع منها، وتوجز ليحفظ عنها"  وعلينا جميعا ان نستغرق بطروحاتنا لنصل لما نبتغي عبر حوار هادف شفاف ، نختصر بعده المطالب  ونجملها  ليسمع الاخرين منا ما نريد قوله وما نبتغي فعله  دون لبس او تأويلات تضعنا في خانة البلدان الخاملة مسحوقة الارادة  ومسلوبة القرار ..

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك