محمد الكعبي ||
قال ابن خلدون: (إن انتشار الفساد يدفع بعامة الشعب إلى مهاوي الفقر والعجز عن تأمين مقتضيات العيش، وهو بداية شرخ يؤدي إلى انهيار الحضارات والأمم)
وقال برنارد شو: (عندما تثار المشكلات، فإن أيسر الطرق هي لوم الآخرين أو خلق الأعذار والمبررات، ومع ذلك فإن أكثر الأشخاص نجاحاً هم من يتجنبون إلقاء اللوم على الآخرين، وبدلاً من ذلك فإنهم يختارون تحمل المسؤولية حينما يكون ما حدث مسؤوليتهم الخاصة).
وقيل(انعدام السلطة يحدث الفساد، وانعدامها بدرجة مطلقة يحدث الفساد المطلق)
قد يسأل سائل لماذا هذه الدولة متقدمة رغم قلة امكانياتها، وتلك الدولة متأخرة رغم امتلاكها الكثير من المقومات، ولماذا ينتشر الفساد هنا ولا ينتشر هناك؟ وهكذا ترد وتتوالى الاسئلة الكثيرة والمتكررة، وهو حق مشروع للجميع، ونحتاج إلى ان نقف على بعض الاسباب، وقد يكون الجواب بعدة وجوه ومبررات، منها: أن المسؤول رجل ناجح لكن اعداء النجاح هم من يعرقلون عمله.
* لأن دول الكفر والشرك الخفي والجيران والأصدقاء المقربين هم السبب.
* الكادر الإداري والاستشاري، أو الكابينة الوزارية غير قادرة على تحمل هذه المهمة الجليلة.
* مرض القائد والمسؤول نفسيا، أو الاحساس بالحقارة والدونية.
* الضعف وقلة الخبرة، الجهل بفنون السياسة والادارة.
* الصدفة وغفلة من الزمن تصدى البعض لقيادة الدولة.
* الخيانة والتخاذل واللامسوؤلية من القيادة أو من الكوادر أو من الشعب.
* قلة الامكانات الموجودة، الاحتلال والنفوذ الخارجي، أو تحكم العشائر والاحزاب والخارجين عن القانون.
* الشعوب هي السبب أو القدر والحض والوقت لم يكن كافيا.
* المؤامرات الخارجية والداخلية اكبر من القيادة ومن الفاعل السياسي .
* تداخل المهام بين السلطات الثلاث.
* عدم وجود رؤية أو استراتيجية واضحة المعالم.
* ومن مهازل الزمن ان البعض يقول: السحر والجن هم من عرقل بناء الامة، قد يكون كل ما ذكرنا صحيحا الا الاخير وقد يكون بعضها، وربما لا شيء منها اطلاقا، اذن اين المشكلة الحقيقية؟
اعتقد ان المشكلة ليست بمعزل عن طرفين يشتركان بالفشل والنجاح وهما الفاعل السياسي أو الحكومي والشعب، أو لنقل المسؤول والمجتمع، فكلاهما يتحمل المسؤولية، فالزعيم ممكن ان يكون جبانا خسيسا يعيش الحقارة والعقد والدونية والجهل المركب، وتلتف حوله الجهلة والانتهازيون ويحيط به الشعراء والمغنون فيعيش حالة الطوفان على (ماء الكروش)، فيعتقد أنه أسد بينما هو.....، وقد تكون الجماهير جاهلة همجية غوغائية تعيش الهامشية وفاقدة للهوية وتعشق المنصب والقذارات، ولاتفكر بتعقل، تعطل التفكير وتميل إلى التحمير، لانها تستشعر الاسودية في داخلها، وقد، وقد، وقد، والكثير هي الاسباب!
بينما السياسي الناجح، يقتحم العقبات، ويتحدى المطبات، ويتجاوز المحن، القائد هو من يصنع الانجاز، ويطور الانتاج، ويتحرك وفق رؤية واضحة واقعية، يتحمل المسؤولية كاملة، ولايلقي الفشل على الاخرين، هو من يوجد الفريق المناسب والناجح لمشروعة، يفكر كيف يصنع المنجز وكيف يبني بلدا رغم كل الصعوبات، مرن متحرك على جميع الاتجاهات، لايخلق الاعداء ولا يخاصم الا عند الضرورة، يؤمن بالفكرة ويطبقها، ولا يكتفي في كتابتها على الاوراق داخل اجرار المكاتب، القائد الناجح هو من يتابع ويحاسب ويكرم ويعاقب كلا بحسبه، ينبغي أن يكون عالما مطلعا مثقفا، لايعيش العزلة والانطوائية، كريم النفس واليد يبحث عن الافضل ولايقبل بالموجود، بل الافضل مبتغاه والاحسن هدفه، يستفيد من الخبرات والكفاءات، ويشارك الاخرين الرأي والمشورة، متواضعا مؤدبا يحمل الصفات الحميدة يجيد فن الادارة، وكيسا فطنا، لاتغره الملايين الراقصة، ولا الالوف الزاحفة، يقرب العلماء والشرفاء.
المسؤول يحتاج إلى علم وبصيرة وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية والشجاعة في اتخاذ القرارات المناسبة، والجد والاجتهاد والمراقبة والمتابعة المستمرة والتقييم، و يعالج الاخطاء بعد تحديدها بمهنية والابتعاد عن ردات الافعال.
النجاح والفشل مسؤولية مشتركة بين الرئيس وفريقه، فلا يمكن أن يسجل النجاح باسمه، أما الفشل فيتحمله الاخرون، فهذا خلاف الحكمة، فالقائد الناجح هو من يحدد الرؤية، ويختار فريقه بمهنية عالية، ومعياره الكفاءة والاخلاص، مع تحديد الاهداف والمسارات التي تؤدي الى نتائج ايجابية من خلال توزيع المهام، واي خلل في فريقه هو من يتحمل المسؤولية لانهم اختياره.
ملاحظة: ذكرنا مفردة القائد والمسؤول، تسامحا، من أجل ايصال الفكرة، والا هناك فوارق بينهما كما هناك مشتركات.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha