عبد محمد حسين الصافي ||
مسلمون بالأرغام ، دخلوا الدين الجديد عنوةً، قبلوا بنبوة محمد بن عبد الله على مضض. لكنهم لم يترددوا في رفض توليته لأبن عمه علي بن أبي طالب "ولياً من بعده".
صبروا على النبوة على أمل أن يموت صاحبها أو يُقتل، كي يتلقفوا "دولته"، وإن قيل عنهم إنهم مصداق لنبوءة القرآن فيهم، منقلبين على أعقابهم. لكنهم لم يصبروا على ولاية علي بن أبي طالب، فواجهوها بالأعلان الصريح "بعدم السماح بجمع النبوة والخلافة في بني هاشم".
كانوا براكَماتيين في قبول "دولة" النبوة والتعاطي معها مبيتين لأمر إختطافها بمجرد رحيل مؤسسها وزعيمها، والأبقاء عليها شكلياً وتجريدها من مبادئها وقيمها. وكانوا إزدواجيين في خطابهم، فعندما آلت "الدولة" لعلي بن أبي طالب، أجازوا التمرد عليها، ومشاغلتها، والخروج على حكومتها.
وعندما آلت اليهم عدّوا أي معارضة لها تمرداً واجب القمع، وخروجاً على قداسة "أمير المؤمنين" وإن كان منحرفاً مثل يزيد، وإن كان المعترض عليها بمثل الحسين بكل رمزيته وعدالته وقربه من رسول الله وحجيته كأمام مفترض الطاعة، أريد له أن يبايع يزيد بالأرغام فأمتنع.
إختطفوا ومازالوا "الدولة"، وسخروها لخدمتهم وقمع معارضيهم، تحت شعار "القصاص من الخونة الخارجين على الأجماع والمهددين لأمن الدولة ومنزلة الحاكم الألهية".
شعار أستخدمه الطواغيت والمستبدين أمثال معاوية ويزيد مروراً بالحجاج وليس انتهاءً بصدام.
كشيعة فقد مارست "الدولة" بحقنا وعلى مر التأريخ، أصناف القتل والفتك والقهر والأستلاب، حتى وجدنا أنفسنا نبحث عن زوايا الأحتماء والأنزواء والأبتعاد عن عيون الجلاد تارةً، أو باللجوء الى مظلة التقية في أخرى. حتى تكرست كراهية الدولة وتلاشى فينا الطموح بأن تكون لنا دولتنا، شعورٌ ساهمت في بلورته دولة الأستبداد نفسها أو نظرية "ترغيب المظلومية وإستمراء المعارضة الصامتة".
حتى اذا انبثقت دولة للشيعة وجدنا الكثيرين منا، ممن يناصبها العداء، ويدعو عليها بالويل والثبور، ويصرخ بوجهها برا برا.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha