المقالات

حَيْهُم..حَيْهُم..وين أهل الغيرة؟!


رسول حسن نجم ||

 

 في حدود اطلاعي على الصحف ووكالات الانباء المحلية، وجدتها غارقة في السياسة والتحليل الاستراتيجي واللغة العربية وعلومها وفنونها واخبار الفنانين والمؤتمرات والمهرجانات وتسويق الأفكار وعالم السوشيال ميديا وآخر صيحات الموظة وعالم السيارات الفارهة والغوص في بطون الكتب لاستخراج الخلافات التاريخية لصناعة مادة تعمق القومية والعنصرية والطائفية، وكل مامن شأنه أن يجعل من الفرد العراقي مشحوناً بالتناقضات والارتباك والهيستيريا، وضياعه بين الاحزاب والحركات والتيارات المختلفة، وارتماسه الى آذانه بالانشداد العشائري السلبي منه والإيجابي.

 لقد شاركت كل تلك الوسائل الاعلامية والانتماءات الجهوية بشتى مسمياتها، في تدمير شخصية الفرد العراقي، من حيث تشعر أو لا تشعر، أتذكر اني في مرحلة الدراسة المتوسطة عندما قرأت كتاب اقتصادنا للسيد محمد باقر الصدر قدس سره ( ولم أفهم منه كثيراً آنذاك، ولم استطع السؤال لما في فترة الثمانينات من تضييق وتشدد من قبل النظام البعثي العفلقي المجرم على الشباب في مثل هكذا نشاطات، ومن الطريف ان أجهزة الأمن القمعية بدأت بمراقبتي لمدة ستة أشهر لمجرد شراء كتاب عن قضاء الامام علي عليه السلام من إحدى مكتبات النجف الاشرف! فمابالك بالسؤال عن كتاب ممنوع لمرجع شيعي أُعدم قبل سنتين او ثلاث!).

 عندما يستعرض السيد الشهيد محمد باقرالصدر كيف ساوى الاقتصاد الرأسمالي او الاشتراكي بين المكائن والآلات وبين الإنسان! الإنسان هذا المخلوق الذي كرّمه الله سبحانه وجعل كل وسائل الأرض مسخرة لخدمته، أين وضعه أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين ورجال الأعمال وريادتها في إقتصاديات السوق، وأين وضعته الدول الإشتراكية؟ الحقيقة المرة، لقد وضعوه طابوقة في بناء امبراطورياتهم وشركاتهم وقصورهم، وما وصلوا الى كل ذلك الا بالصعود على أكتافه وسرقة جهده وبخس حقه، وقتله في أحيانٍ كثيرةٍ اذا ماطالب ببعض حقوقه!

 إن الحديث عن الفقراء المظلومين من شعب العراق لايلقى رواجاً لدى أغلب ان لم يكن كل وسائل الإعلام، بل لانجد من يصغي من المسؤولين الحكوميين الى آلامهم وشكواهم، فترى المسؤول ينفر عنهم ويفر منهم وكأنهم فايروسات يخشى الاقتراب منها، بل لعله يقوم بتعقيم يديه اذا ما شاء القدر أن يصافحهم! وأكثر من ذلك، ربما يُوجه مستشاره الاعلامي بعدم رفع التقارير اليه ممن يكتب عنهم وعن معاناتهم اليومية وامتهان كرامتهم واراقة ماء وجوههم يومياً على أبواب دوائر الحكومة، هذه الدوائر التي بناها هؤلاء الفقراء بجهودهم وأموالهم وأفنت أعمارهم.

 إن الحديث في هذا المجال يجعل من الكاتب حائراً لايدري من أين يبدأ ولا الى أين ينتهي لاسيما الكبار في السن الذي تخالجه آهات وآلام في صدره لهول مايرى ويسمع من أنين وشكوى لهذه الشريحة المظلومة التي لم تلمس من الحكومة مايسد رمق أطفالها او مُنجز يكسو عريانها أو دواء يشفي مريضها أو سقفٌ يسترها من حرٍّ أو برد، أبرم العراق الكثير من مذكرات التفاهم منذ أكثر من عشرين عاماً ومازال يبرم! وآخر برمة مع الشقيقة مصر في كيفية صناعة الفلافل والكفتة على أرقى المستويات، لاسيما وان هذه البرمة كانت مصحوبة بأحد عشر وزيراً! وكان الأجدر أن تُصحب بأبو... وأبو... من مشاهير صُناع الكافتريات العراقية من ذوي الخبرة والإختصاص. والى الله المشتكى وعليه المعول في الشدة والرخاء.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك