المقالات

حين عمَّ القحط؛ مشهدٌ من حياة الإمام الصادق(عليه السلام)

1274 2023-05-16

د.أمل الأسدي ||

 

 يبدو أن الخير قد زمّ شفتيه،وفتّح القحطُ أبوابه؛ لتبتلع سكينة الفقراء وتغيِّب استقرارهم، ما أشد قسوة الجوع والحرمان!!  وما أطول الليل علی المحتاج!!

قصور الخلافة منعّمة، وكبار القوم ورجال السلطة مترفون،أما الناس في مدينة المحبة فيسحقها الجوع، يشكون حالهم إلی  رب السماء، ويزرعون نظراتهم فيها، ومازالوا ينتظرون صاحب القلب الرؤوف، القلب الذي يشعر بأمته ويتفقدهم، ويعرف شيعته فردا فردا!!

إنه الإمام الصادق(عليه السلام) الذي حدد ثلاثة أشياء يحتاج الناس طرا إليها :

"العدل، الأمن، الخصب" فلا يمكن أن تكون الحياة كريمة من دونها!! واليوم غاب الأمن، واختفی العدل، وغادر الخصب، وعمّ القحط المخيف، وأمسی يلاحق البسمات ويخمدها في مهدها!! موحش هو الفقر، يغيّر طبائع الناس، يطرق أبواب الغرائز النائمة، فيوقظها ويحثها علی تجاوز الأزمة بأية وسيلة!!

هنا كان الإمام يفكر في بيوت شيعته، البيوت الفقيرة، يفكر في الأطفال الجائعين، الشباب الذين يقفون علی حافة الاشتعال، الكبار الذين نخر الجوع والزمن آمالهم فأصبحت أيامهم بلا رصيد إضافي!!

نادی الإمام علی غلامه(معتب):

- هل لدينا قمح؟

ـ نعم ياسيدي، لدينا الكثير والحمد لله، لدينا ما يكفينا لشهور عديدة

صمت الإمام وعصر قلبه الألم، هل لديه قمح مكدس والناس يطحنها الجوع؟! ثم التفت الی معتب وقال:

- اعرضه في السوق كي يشتريه الناس، واشتر لنا شعيرا، فإني أكره أن نأكل الجيد من الطعام، ويأكل غيرنا الرديء!!

وحين أسدل الظلام ستاره، حمل الإمام الصادق كيسه المملوء  بالأرغفة، وجال بيوت الفقراء، يضع حصصهم  في الأبواب ويمضي ويبقی نوره مشعا بالمحبة، ولما تنفس الصبح وانتشرت الأفواه ساعية إلی رزق مقسوم، وجد المساكين أرغفة القمح الطيبة في أبوابهم، وشعاع المحبة يخترق ذواتهم، فعلموا أن الرجل السماوي قد زارهم، ذلك الرجل الذي يعرف شيعته ويشعر بهم، ويشاركهم  آلامهم!!

رفع  الإمام عينيه علی غلامه (معتب) وهو يحمل أكياس القمح متجها بها إلی السوق فقال له:

"الحكرة في الخصب أربعون يوما، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد على الأربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون، وما زاد على ثلاثة أيام في العسرة فصاحبه ملعون"

فانطلق(معتب) وهو يتقي اللعنات... انطلق وانطلق الزمن تاركا سيرة الإمام الصادق(عليه السلام) وهذه المشاهد التي تعكس تفاعل الإمام مع أمته وإحساسه بهم وبمعاناتهم وآلامهم!

 

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك