المقالات

بس تعالوا؛ وجع البيت العراقي

1254 2023-05-12

د.أمل الأسدي ||

 

في  حياتنا هناك نصوص خالدة، لها سلطة علی المتلقي وتأثير مستمر  لايبلی مع تقادم الزمن، ومن تلك النصوص؛ نص غنائي مثّل  وجع العراقيين، وعكس حال الحزن القاتم الذي كان يطحن أرواحهم، ويسرق سكينتهم، ألا وهو" بس تعالوا" وهذا النص الغنائي ثلاثي الإبداع، أي لايمكن فصل أحد محاوره عن الآخر، فلايمكن فصل المؤلف عن الملحن، ولايمكن فصلهما عن الفنان المؤدي، فالشاعر "سعدون قاسم" هو الذي أبدع النص وولده من لحظة حزن وبداية فراق موحش، والملحن" كاظم فندي" والفنان" كريم منصور" أحدهم يتمم عمل الآخر ليقدموا سمفونية الوجع العراقي الخالدة.

"بس تعالوا"  جسدت أنين  البيت العراقي، و" نعاوي" الأمهات المفجوعات، إذ كان قدرهن أن يربين أولادهن ويتعبن في رعايتهم، حتی إذا كبروا وصاروا شبانا، ركض خلفهم الموت كوحش بعـثي لايشبع!!

لايرتوي من دمائنا، يركض خلفهم حتی يفترسهم، ويبعثر أحلام الأمهات، ويضيّع سنواتٍ من المحبة والحنان والخوف والتعب والأمل!!

" بس تعالوا" وُلدت مع قدوم السيارات التي تحمل النعوش، فلابد للشيعة من حصص كبيرةٍ ومضمونة من الموت!

ولايكفيهم أن  تخسر الأسرة فردا واحدا!! إنهم يستلذون بعذاباتنا، واحد،  اثنان، ثلاثة، أربعة...

تذاكر الموت مفتوحة، كما وجع الأمهات تذكرة مفتوحة!!

" بس تعالوا" قالها "سعدون قاسم"  معبرا عن فجيعتهم بثلاثة إخوة صادر البعث أنفاسهم، يقول: ما إن رأيت السيارات تحمل النعوش، أحسست أني لي حصة جديدة فيها!!

ثم سمعت أمي تنعی وتبكي مع أخواتي، فدخلت الغرفة وأغلقت الباب وبدأت أكتب وأبكي بوجع" بس تعالوا"!!!ثلاثة  إخوة رحلوا وبقيت ملامحهم محيطة به، محيطة ببيتهم الجنوبي المفجوع!!

نعم...قالها: "بس تعالوا" فتلقفتها كل البيوت، ورددتها كل القلوب التي يقطّعها الفراق!!

بس تعالوا.... وما يجون

رحل الأحبة يا أماه، غادرونا ومازلنا نسمع آهاتهم!!

ماذا فعلوا؟ لم يفعلوا شيئا سوی أنهم ينتمون إلی الإنسان الأجمل، الإمام، علي بن أبي طالب(ع)!!

آه... كل البيوت تنعی بـ "بس تعالوا"

بس تعالوا... "لاحنة ولاحظ ولابخت" يعيدكم إلينا!!

بس تعالوا... مازالت أرواحكم حاضرة بيننا!!

بس تعالوا... "عصابه"  الأم تنوح مثلها

بس تعالوا... عباءتكِ الصابرة العابدة!!

بس تعالوا... "عگال المعدل" يرنو بعينه إلی السماء!!

إلهي، ماذا فعلنا حتی صار نصيبنا أن ننادي: بس تعالوا؟

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك