سامي جواد كاظم
ترد المرجعية العليا في النجف بعض الاستفتاءات التي تكون الاجابة عليها اخطر من عدم معرفة الاجابة ، والمشكلة تكمن في العوام الذين يعتادون على بعض العادات والتقاليد التي تعتبر من المحرمات فكيف يفتي المرجع بحرمتها في الوقت الذي منحها العوام قداسة ، وفي نفس الوقت قد يكون هنالك اختلاف في بعض الفتاوى بين العلماء وهذا امر طبيعي ولا يبعث على التشكيك باي عالم منه لكن المشكلة تكمن في التعاطي مع هذه الاختلافات من قبل الجمهور والتي في بعض الاحيان تؤدي الى فتن وحتى معارك .
المشكلة الاخرى التي يعاني منها المرجع ان هنالك من لم يكمل الدراسات الحوزوية بل لا زال في مرحلة السطوح وتراه يرتدي العمة ويتصدى للفتوى والخطابة دون التحقق من الروايات التي ينقلها ، وهذا ايضا يحسب على الحوزة والمرجع .
قد تكون مسالة الشعائر الحسينية هي الاكثر جدلا بين العلماء ولانها وصلت مرحلة التقديس فان الاختلاف عليها اصبح خطير جدا ، واين يكمن الخلاف ؟ هنا لابد من قاعدة عامة وهي ان الاثر المترتب على اي عمل هو الدليل على حلية او حرمة العمل هذا بالعموم اما التمعن بالدوافع مع معرفة النوايا وحجم الضرر من حجم النفع فهذا يحتاج الى اجتهاد المجتهد ، لكن بالنتيجة لا زلنا لم نحسن التعامل مع الاختلاف .
وفي تاريخنا الحوزوي كثير من هكذا اختلافات ادت الى تطرف جسد التخلف ، ومنها على سبيل المثال تحريم السيد ابي الحسن الاصفهاني لسماع خطابة الخطيب صالح الحلي ايام الثلاثينيات من القرن الماضي بسبب الشعائر الحسينية وتهجم الحلي على السيد الاصفهاني ، طبعا وكثرت الاقاويل والتاويل وما كان باللازم من الخطيب الحلي ان يتطاول على السيد الاصفهاني فانه يستطيع ان لا يقلده ويعمل ما يريد ، وان كان هذا الامر اي ما يخص الشعائر الحسينية اخذ ماخذا خطيرا في لبنان بين المؤيدين وهم الشيخ عبد الحسين صادق والسيد عبد الحسين شرف الدين ضد السيد محسن الامين مما اتاح للعوام بالتنابز والتنابذ .
واليوم هنالك تصرفات تتبع اخلاقيات الفرد يلجا فيها العوام للاستفتاء حولها وهذا حقيقة الامر ايضا يؤدي الى كثرة الاقاويل لذا نرى ان المرجعية تتجنب الجواب على بعض هكذا اسئلة او تحدد اجابتها عن الامر المطروح للاستفتاء بالقول ( بحد ذاته ) يعني ماورد في السؤال وما يفهم من ظاهر القول دون التاويل والمقاصد الخفية .
ومرة اخرى يلمح المرجع برايه دون التصريح به وعلى المقلد فهم الاجابة ، اتذكر ان احد المشايخ الكرام الف كتاب عن التطبير واشار فيه ان السيد السيستاني دام ظله يؤكد على التطبير خلال استقباله وفدا بحرانيا ، مما حدا بالمكتب اصدار بيان تكذيب ما نسب اليه ، وهذا له دلالته ، فكثير من وسائل الاعلام او شخصيات معينة تنسب كلام للسيد يتركهم من غير رد .
ومن اكثر المسائل اثارة للجدل ويحاول العوام تبرير افعالهم هي مسالة استخدام الحق العام استخداما شخصيا فقد ورد هذا السؤال للمرجعية
السؤال: ما حكم استخدام الشوارع والأرصفة لبيع الأثاث والبضائع؟ الجواب: لا يجوز إذا كان مزاحماً للمارّة وسير المركّبات.
اي بمعنى من يستخدم الرصيف وهو اصلا مخصص للمارة لايجوز شرعا وما يجني من يستخدم الرصيف من اموال فيها اشكال ، فلو قلت لمن يستغل الرصيف استغلالا شخصيا بان عملك ورزقك حرام فستلقى استهجانا كلاميا وحتى ( بوكسات) ، فالمرجع الذي يترك السؤال من غير اجابة لا يعني عجزه عن الجواب بل عجزه عن توعية العوام .
في مسجد الكوفة راى الامام علي عليه السلام المسلمين يصلون التراويح في رمضان جماعة فنهاهم وقال لهم لم يامر بذلك رسول الله (ص) فصرخ المصلون وسنتاه ورفضوا الامتثال لامره فتركهم الامام علي عليه السلام وشانهم .
اليوم التجاوز على الحق العام بكل اشكاله هو حرام ولكن عندما يكون القانون عاجزا عن تحقيق المطلوب يعتقد البعض بجواز ما يفعلون ، فمثلا شخص يسال المرجعية عن صاحب محل غذائية يستخدم الرصيف كمخزن فتكون الاجابة " يجوز إذا لم يمنعه القانون، وإن كان ما يفعله غير جائز شرعاً". لاحظوا يجوز اذا لا توجد ممانعة من القانون ، فكيف اذا كان رجل القانون شخص فاسد ومرتشي او يخشى مواجهة المخالف لاسيما اذا كان له اتباع من حزب معين ، وبالنتيجة الشرع لا يجوز ذلك اطلاقا ، فالعوام الذين لا ياخذون براي الشرع يعتمدون الجواز بحجة عدم ممانعة القانون وهذا هو التحايل على الشرع .
https://telegram.me/buratha