مانع الزاملي ||
العقل هو حجر الاساس للمعرفة ،والعقل في اللغة هو:
العقل من مصدر عَقَلَ بمعنى حبس ، وسمي كذلك لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك ، وقيل هو التمييز والعلم ، فهو على الوضع اللغوي ،اذن مجرد الحبس عن المفاسد ،
فماهو العقل ؟
ورد العقل في القرآن بألفاظ متعددة ،مثل القلب ، الفكر ،النهى ،وكل الالفاظ تفيد معاني التفكر والبحث عن الحقيقة ، وهو الادراك ، ويتحقق الادراك بطريقين هما
حسي وعقلي ،
والمقصود بالحسي هو مايدرك بالحواس الخمسة التي كل منها يفيدنا علما.
وهو اي الحس نوعان مباشربلا واسطة وغير مباشر بواسطة كالنظربالمرآة او على صفحة الماء الصافي ،
وهناك حس ندركه بالوجدان والذي نشترك به مع الحيوانات وهو مايطلق عليه بالحواس الباطنية(كالجوع ، والفرح ، والحزن ،والخيال ، والوهم .
ويفارق الانسان عن الحيوان في الادراك العقلي ، الذي من خلاله ندرك المعاني كالخير والشر والحق والباطل ،وهناك تفاضل في الحواس من حيث تحصيلنا للعلم من خلالها ،فأفضلها ثلاثة ، هي السمع والبصر والقلب لقوله تعالى ( والله اخرجكم من بطون امهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون ) النحل 78
فالسمع والبصر وسائط لتحصيل المعرفة من المحسوس المادي الذي نراه ، واما القلب (الفؤاد) فهو محل التفكر والنظر المتحصل من عالم المادة اعني الوجودات العينية الخارجية ، والتي نحصل عليها من السمع والبصر، اتلو معي قول الحق ( لهم قلوب لايفقهون بهاولهم اعين لايبصرون بها ولهم اذان لايسمعون بها ) فهم لم يستخدموا ادوات تحقيق العلم والمعرفة ، عنده قلب لكن لايعتمده في التفكر ، وله حاسة البصر التي هي العين لكنه لم يستهدمها للنظر وكذلك لايسمع متقصدا الصدود عن فهم الحقائق ،،
في واقعنا الحالي نرى ونسمع بأمور يمكن ان نجعلها مصاديق واضحة لاهمال الحواس والعلم والادراكات،فكلمة او جملة تصدر من مجهول ، ضد احد او رمز او شخصية اجتماعية ، تنشر في اي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ، نرى ونسمع كيف يتلقفها الناس دون اي تفكر او اطلاع او علم ، حتى وان كانت تلك الرواية لا مناسبة ولاموضوع لها ، وقد تكون من المحالات احيانا! هذا التلقف الاعمى او لنسمه العفوي يلام صاحبه في الدنيا لو افترضنا مقاضاته من الذوات المتضررة ، او يكون في معرض عقاب الله سبحانه وتعالى ، لأن نقل الكلام او الاشاعة او الاساءة ذنب يقترفه الانسان لمجرد ان نعطيه قبول او موافقة والتي اصطلح عليها في عصرنا (باللايك) ! انا وانت احيانا دون تفكر او تحقق او اثبات نعطي لايك وهذا اللايك يلعننا الله عليه لانه بلا دليل ولاعقل ولاحس ولا بصر،والذي نلاحظه في حقول التواصل هو كارثة ونسف لكل معرفة ولكل قيمة اخلاقية او عرفية او دينية او شرعية ، هنا ينبغي ان نحذر الاخرين من الجري خلف كل اشاعة او خبر ! وربما يصدر منشور من مجهول او حاقد او مريض يهدد سلامة وامن قوم او عشيرة او عائلة بأكملها ، حيث ارتكبت جرائم واعمالانتقامية ضد بريء بفعل كلام لم يراعى فيه العقل او النظر الصحيح ، والامر يتعدى الناس البسطاء ليلامس سمعة قيادات دينية كبيرة وذات عناوين مقدسة، كأستهداف مقام المرجعية بأساليب تافهه ومقصودة والكارثة تلقفها من الذين لايتفكرون ولايبصرون مع الاسف !
العقل والنظر والحواس جميعا وضعت لكي نرى ونميز من خلالها الصالح من الطالح ، وهذا الاغفال المتعمد يؤدي الى التعميم ، بمعنى ان نعمم امر معين يصدر من شخص واحد على الجميع وهذا خلاف العدل والعقل والشرع ، الجميع معنيون بالتروي قبل الحكم او الكلام او النشر ، لان المعركة تحولت من الطلقة والصاروخ الى الكلمة المسمومة التي سميت بالناعمة زورا وتعديا على مفردة النعومة التي تعني اللطافة وحسن الكلام .( اللهم ارنا الحق حقا )
https://telegram.me/buratha