خالد غانم الطائي ||
مما هو معمول به في القرى والارياف في عملية سقي الارض المزرعة او المغروسة من قبل الفلاحين هو تقسيم الحصص المائية وفق المساحة الزراعية لكل منهم وحسب كمية الماء المتوفرة وتُسمى عندهم بـ (المراشنة) وتُسمى في الفقه بـ (المهاياة) فيكون نصيب كل منهم وقت معلوم يُحدّد بالساعات مثلا فيباشر الفلاح الاول بعملية سقي مزروعاته ومغروساته بحسب المتفق عليه من الوقت يعقبه الفلاح الثاني ثم الثالث وهكذا..
حتى يسقي الجميع الذين هم شركاء في النهر (الفرعي) ثم يُكرّر بعد ذلك الدور من جديد اما اذا كان الجميع قد اكتفوا من الماء ولا يحتاجون اليه فبامكان اياً منهم ان يبادر بأخذ حصة من الماء ويقوم بالسقي الا ان الملاحظ ويا للاسف الشديد عدم التزام البعض من الاخوة الفلاحين بما هو مُقرّر له من ساعات السقي وحسب دوره او تسلسله ضمن اقرانه الفلاحين فيقوم بالتجاوز واستلاب حق الآخرين ويجعل نصب عينه اتمام عملية سقي مزروعاته من دون الالتفات الى الحرمة الشرعية في ذلك والمتمثلة بسرقة حق غيره،
وهنالك وسيلة اخرى للسرقة المائية (اذا جاز التعبير) من خلال وضع انبوب بلاستيكي (يُسمى عرفاً صونده قياس 4 انج فصاعداً) على النهر الرئيس المُغذي للانهر الفرعية او النهر الفرعي نفسه اما كيفية سحب الماء فبجعل ذلك الانبوب سيفون بتفريغه من الهواء ثم يتم سحب الماء، وهذا كله حرام وكذلك سيطرة بعض الفلاحين الذي تكون اراضيهم بامتداد بداية الانهر (تُسمى عرفاً بـ الصدور) واستئثارهم بالماء وعدم وصول المقدار الكافي منه او وصول القليل جداً الى الفلاحين الذين تقع اراضيهم بامتداد ومحاذاة نهاية الانهر تُسمى عُرفاً بـ بزايز) فالماء الذي يروي الزرع والمغروسات (ومنها النخيل)
وزيادة على ذلك فأن علف المواشي وغذائها من تلك الاراضي التي سُقيت بماء مغصوب يتبع ذلك استغلال الحليب ومشتقاته والبيض الذي درَّ من الحرام وكذلك اللحوم والثمار والزرع كلها نبتت من الحرام لأن المقدمة فاسدة (وهي اغتصاب ماء السقي من الآخرين) فتكون النتيجة فاسدة وهي اكل الحرام والجوف الذي تدخله لقمة حرام لا يستجاب دعاء صاحبه اربعين يوماً فعن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : (اطب كسبك تُستجب دعوتك فان الرجل يرفع اللقمة الى فيه (اي فمه) حراماً فما تستجاب له دعوة اربعين يوماً.
وايضاً فالايات القرآنية كثيرة التي توجب على المرء استحصال الرزق بالحلال ، قال تعالى : (فلينظر الانسان الى طعامه) – سورة عبس الآية 24- اي فليفحص المرء عن اصل طعامه .
وهنا لابد من طرح هذا السؤال على الفلاحين الذي تقع اراضيهم على بداية الانهر (الصدور) – ويفعلون ما قدّمنا- لو كانت اراضيكم في نهاية النهر (البزايز) هل ترضون بأن بُفعل بكم مثلما تفعلون بغيركم ؟
الجواب يقينا كلا وقمة وغاية العدل (انصافك الناس من نفسك) فمثلما لا يرضى الانسان ان يُغتصب حقه فلماذا يقوم هو باغتصاب حق غيره ؟!!
ثم ان من كان غذاؤه وشرابه من حرام حتماً ستكون ذريته من حرام وستكون هناك شراكه لابليس الملعون في الاموال والاولاد ، قال تعالى مخاطباً ابليس (واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والاولاد) – سورة الاسراء الآية 64- ومن مقتضيات ذلك استلاب وفقدان البركة والخير..
لذلك ندعو الاخوة الفلاحين الذين ربما غفلوا عن ذلك بمراجعة انفسهم وتصحيح ما صدر ويصدر منهم آملين من وزارة الري تفعيل دور المراقبين لرصد التجاوزات (ومنها سيفون سحب الماء) ومحاسبة فاعليها الذين ينبغي عليهم تفعيل دور الضمير لمحاسبة انفسهم.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha