كوثر العزاوي ||
"طريق الصّبر كلّها أجرٌ وآخرها جَبر،
خُذوا الأشياء التي تؤلمكم على أنها هدايا من الله"عزوجل"وعندما تُرهقكم الحياةَ وجَعًا، أَرهِقوها صبرًا، وما بعد الصبر إلا الفرج وأنّ الله لايُخلفُ الميعاد"..قرَأَت الرسالة ثم صمتَتْ طويلًا، وكتبَت:
الصمت ممدوح في كثير من المواطن وأنهُ شعبة من الصبر، ولعل مايؤيد ذلك قول الإمام"المجتبى" الحسن بن عليّ"عليه السلام"{نِعمَ العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كُنتَ فصيحًا}
وعلى مقدار ماأفهَم من الحديث، إنّ الخوض في كل أمرٍ والجدال في كل مسألة أوفي شأن أي شخص والأحداث والأخبار من دون داعٍ أو يقين وتثبّت، إنما هو من أكثر ما يفسد عقيدة وايمان المؤمن!
فلَسْنا مكلَّفين بأن يكون لنا موقفا ورأيا في كل شخص وكل حادثة وكل موضوع وكل ميدان!! فليس
الموضوع على نحو السبق الصحفي عادة!! فالكلام محمود متى لزِمت الضرورة وإلّا ففي الصمت السلامة، وما نراه حقًا واضحًا نتّبعه ونتكلم بشأنه حيث استوجب الكلام ، وما نشك فيه ولم نتيقن منه نتوقف عنده، وهذا أضمن طريق للنجاة ولسلامة الدين، لأنّ صرعة الاسترسال لاتُستَقال، كما قال أمير المؤمنين"عليه السلام"! وهذا ما يدعونا إلى التأمل لإيجاد ضابط في النفس يحمي من الاندفاع والحماس حتى لا يطغى صوت العاطفة على صوت العقل، ومن هنا نؤسس لأول خطوة باتجاه الصبر عن فضول العيش، والفضول هو كلّ مازاد عن الحاجة من أكل وشرب ولذة وكلام وعلاقة وغير ذلك مما لايؤثر على الحياة والعقل تركه والاستغناء عنه، وبعد مدة من الصبر والتأمل سنعرف أن الحياة ملأى برسائل الله "عزوجل" وسنعلمُ أنَّ ما نُضمِرُ هو سرُّ ما يَظهر، وأنّ أجمل ما فينَا هو ما تحويهِ صدورنَا من آمال وآلام، ونحن نصبر على تحمّلها ابتغاءَ وجهِ الله، عندئذ سيعزُّ عليكَ ماأبديتَ من دخائل نفسك، ويهمُّكَ ماأفنيتَ من ساعات عمركَ في غير موارد الفناء، وستُدرك أنّك تنتصرُ من الدَّاخل رغم
الوجع!ثمّ تنمُو مع ماتزرَعه في الدنيا بصبرك، وما يظهرُ بعدهَا هو نتاجُ الغِراس الخالص، ويبدو نورُ سعيك يضيء، وليسَ السّعي فقط أن تُرى! بل السَّعي أن يَراكَ الله حيث تبلُغ السعيَ وحيث يُريد لاحيث تُريد، وتيقّن أن بين كل خير وخير مسافة مُرهِقة تسمى الإبتلاء، مليئة بالأجر لمن يصبر ويحتسب، ولو فُتحت لنا أستار الغيب لأحببنا ما قُدِّر لنا، ولو رأينا كيف يَغترف الصابر غرفًا من الثواب لانتشى قلبهُ ولم يحزن لما فاتهُ، نحن لا نعلم الغيب، ولكننا نؤمن مالفضيلة الصبر من أجر بغير حساب، {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}
فمن ترفّعَ عن المغريات الدنيّة وابتعد عن المحرمات الهابطة، وزهِدَ في فضول العيش والمباحات، ولم تثنهِ المصيبات وأدى ما عليه من واجبات، كان من الفائزين حقًا! والفوز غايةآمال المنهَكين في الدنيا.
﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ المؤمنون ١١١
١٥-شوال١٤٤٤هج
٥-ايار٢٠٢٣م
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha