مانع الزاملي ||
لم يخطر ببالي ان اكتب عن الموتى وشأنهم ، لان مالدينا من هموم ومفارقات نحن الاحياء ، كفيلة بأن تستهلك كل وقتنا واهتمامنا، لكني كنت في مجلس فيه عدة اشخاص ، كالعادة في كل عيد ، يتبادل الصائمون به عند الافطار التهاني والتبريكات والدعاء لبعضهم البعض ، وهذه من الامور المستحسنة التي تشد المؤمن لأخيه المؤمن ، وتزيد في قوة الاواصر بين الاحبة ، وفي اثناء احتساء العصائر والشاي وغيرها من المأكولات ، وهند تبادل الاحاديث ، سال احدهم رجلا السؤال التالي ( هل زارك اخوك في العيد اليوم ، ومعلوماتي انه منقطع عنك منذ عام بسبب عادي حصل بينكما بسبب شجار اطفال ) فأجاب الرجل لا لم يزرني ، لكنه ذهب الى النجف الاشرف لزيارة اخينا الكبير الذي توفى منذ سنوات ، فرد عليه يمتنع عن زيارتك وهو جارك وهو مقصر معك ،ويبعد عنك امتار معدودة ويعتذر منك ، ويذهب كل هذه المسافة من البصرة الى النجف لزيارة اخ ميت لايسمع منه عذرا ولا شكوى !
الى هنا كان الحوار ، وعندها سرحت مع افكاري ومخيلتي التي جادت عليٌ بذكر كل شخص مخاصما لاخيه ، وتسائلت مع نفسي ! ماجدوى القطيعة ! هل تحل مشكلة ام تزيد اجرا ام تعطي فرصة للاستغفار وتوثيق اواصر المحبة ؟
وكان جوابي لنفسي ، لاجدوى سوى كدورة النفس واضطراب الخاطر وتسلل الشيطان بين الاخوة وتشتيت شملهم وضعف شوكتهم !
ان الخلافات التي تكون مخرجاتها القطيعة ، ليست سوى خلاف على امر مادي زائل ، او امر غير ذلك وهو الاغرب ! ان البعض يقاطع اخيه لأنه ميسورا !
او لأنه اشترى سيارة لعائلته ! يبدو الطرح اكثر من غريب لكنه واقعي وموجود ! لو صادف ان تحصل على سلفة من احد البنوك بمبلغ من المال ، ولمجرد ان يسمع احدهم ، يمتنع من رد السلام عليك عندما تحييه ويحسدك لانك في نعمه ! وعندما تبحث عن السبب تجده حصولك على قرض مالي لقضاء حوائجك ! وهذا الامر من اخبث الصفات التي يحملها البعض ، ومردها هو خبث سريرة ، تولدت بفعل ابتعاد الفاعل عن الله سبحانه وتعالى ووصايا نبينا الاكرم ، التي تؤكد علىً ان لاينقطع المؤمن عن اخيه ثلاثة ايام ! ان التماس العذر من الذي نقصر بحقه بعد موته ! وهو في قبره ، يمثل اعلى معاني القرف وسوء الطالع ! لانه لادليل يثبت ان زيارة الميت وهو في قبره ، يفضي الى رضاه ! فلماذا لانذهب للحي ونعتذر منه ونصافيه ، بدلا من الذهاب لمقبرة الغري لزيارت اخ هجرناه وهو حي بين ضهرانينا !
او ان ندفن بجانبه بعد فترة ! وكلنا يعلم اننا راحلون ، وحالنا في القبر ينطبق علينا قول امير المؤمنين عليه السلام في ذكر اهل المقابر: جيران لايتأنسون ، واحباء لايتزاورون ، بليت بينهم عرى التعارف ، وانقطعت منهم اسباب الأخاء،فكلهم وحيد وهم جميع ،وبجانب الهجر وهم اخلاء .
اللهم نبهنا من نومة الغافلين واهدنا للحق والصلاح يارب العالمين.
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha