كوثر العزاوي ||
تحدّثت الروايات المعتبرة عن زمان غيبة إمام العصر"عجل الله فرجه" وكثرة المفاسد المتنوعة المثيرة للفتنة، حيث وردت الإشارة إلى هذه الفتن التي يُمتَحن بها الشيعة خاصة قبيل ظهور الإمام المهدي"عجل الله فرجه" نذكر منها على سبيل المثال مارواه النعماني في"الغيبة"عمن سمع عليًّا "عليه السلام" يقول:
{كأنّي بكم تَجُولون جَوَلان الإبل، تبتغون مرعى ولا تجدونها يا معشر الشيعة}!
ولعلّ هذا يؤكد ماجاء في رواية أخرى:{ في آخر الزمان، أن الملائكة لتتعجّب من الشخص الذي يموت على الإيمان}لشدة مايقع من فسادٍ وفتن، سيما وأنّ الخشية أكثر على ضعاف القلوب ومضطربي الإيمان وقليلي البصيرة!
وفي خضمّ ذلك، ثمة مُنجَيات تَكْفلُ الأمان وتُحقق معها الطمأنينة، عندما نسعى جادّين الى تحصيل معرفة سبل النجاة وباكورة السبل"اللهم عرفني حجتك، فأنك إن لم تعرّفني حجتك ضللتُ عن ديني" فأنّى لمن يحرص على سلامة دينه أن يجهلَ إمام زمانه!، أو أن يفرّط في أداء الواجبات الملقاة عليه بدءًا من التطبيق السليم لأحكام شرع الله تعالى والتزام تعاليم النهج القويم والثبات عليه بما يُقرّ عين إمامه الغائب الحاضر وتهوين خَطْب غربته"ارواحنا فداه" للتّضح الحكمة من وجود حجة الله "عليه السلام" في الأرض وحاجتنا لمساعدته وتأييده واستنزال عطفه في مثل متاهات الدنيا وشبهاتها، والتماس عنايته عند تعثّر السير في المساراتِ الملتوية!!
ومن هذا المنطلق، لابدّ للمنتظِر من تَعهُّدِ الاستقامة في القول والفعل والعمل الصالح سرّا وعلانية بعيدا عن الازدواجية وخلط المفاهيم الناتجة عن تخبط الرؤية وعدم وضوح الموقف! لأن المعرفة والاستقامة تساهمان في ضمان مساحة التشريف في دولة التمهيد إيذانًا بالقبول في أداء التكليف بعيدًا عن التمسك بعلائق الدنيا، واجتناب التركيز على الذات، وعدم الاغترار بكثرة العمل ونوعه مهما بلغ الأداء، إذ ليس كل مَنِ ادّعى التمهيد والإصلاح صدَقَ في ادّعائهِ، وإنّ كثيرا من الناس فَسَدوا وأفسَدوا وأساؤوا وشبَّهوا! ومما لاشك فيه، انّ الممهدين من أنصار الإمام المهديّ "عجل الله فرجه" يتميزون بالصفات الإسلامية الرفيعة، اعتقادًا وقولاً وعملًا، وما إن يتمّ تطبيق تعاليم الإسلام بالشكل الصحيح في حياتهم العملية، حتى يظهروا كأنهم مناراتِ هدى تدلّ بشكل مباشر على حقيقتهم وأهليّتهم، بل كلّ مزاياهم ومَعالمِ وجودهم تحكي الرشد والسداد "سيماهم في وجوههم"! مما يدعو الناس إلى ضرورة دعمهم والارتباط بهم ووجوب اتّباعهم وطلبِ رُشْدهم.
وهذا مايجعلنا نبحث عنهم ونصبرُ معهم، علّنا نبلغ الفتح يوم لاينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
٢٦-رمضان١٤٤٤هج
١٧-نيسان٢٠٢٣م
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha