خالد غانم الطائي ||
تعرّف اللغة بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم وقيل (هي صورة من صور التخاطب سواء كان لفظياً أم غير لفظي) وهي متنوعة ومتعددة جداً في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها.
قال تعالى (الروم/ 22): (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)، وهي من مظاهر قدرة الله سبحانه المطلقة إلا أن هنالك لغة واحدة يفهمها كل بنو آدم وتستريح لها النفس وتستأنس بها فهي محبوبة انها لغة الابتسامة .
والابتسامة دلالة على الانشراح وقبول الآخرين واستحصال البشاشة وإشاعة روح السلام وقد حثنا الحديث النبوي الشريف على ذلك بقول المصطفى (صلى الله عليه وآله): (ومن المعروف أن تلقَى أخاكَ بوجه طليق)، فيا حبذا لو شاعت هذه اللغة الرائعة وذاعت وانتشرت لما فيها من تقريب بين النفوس ومجانبة السخيمة والبغضاء والنفور، وكذلك تعزيز أواصر اللحمة الاجتماعية ابتداءً من اللبنة الأولى في المجتمع وهي الأسرة فيحاول الأب وهو بمثابة ربّان السفينة أن يتعامل بلطف وابتسامه مع زوجته، فقد ورد عن النبي الأكرم (عليه الصلاة والسلام) قوله: (خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)،
وكذلك لابدّ للزوجة أن تبادله الشيء نفسه فينعكس ويشع الجو النفسي الهادئ واللطيف والشفاف على باقي أفراد الأسرة ثم يمتد ذلك إلى المجتمع (علماً أن الابتسامة حالة نفسية معدية فإذا ما صادفنا شخصاً مبتسماً فسرعان ما نبادله الابتسامة) ولابدّ من الإشارة هنا إلى أن بعض الرجال يكون خارج بيته مبتسماً ضاحكاً مفاكهاً مرناً إلا أنه وبمجرد دخوله لبيته فأنه يعمد إلى تغيير سلوكه فيدخل غاضباً كئيباً صعب المراس لا يعجبه أي شيء ويعترض على كل شيء وقد يخدع نفسه أو يخادعها...
بأن الرجل لابدّ أن يكون كذلك حتى تبقى له الهيبة ويقام له الاحترام كونه سيد البيت (فهو مستأسد) مما يتولد من جراء ذلك جو مشحون متوتر ويخاف الأولاد وأمهم من سطوة هذا الأسد ويلتزمون الصمت أحياناً ويتقيّدون في فعلهم وسلوكهم أيما تقييد تحاشياً لردود فعل (أسد البيت) الذي قد يعنّفهم ويوبّخهم على كل شيء بوجه حق ومن دون وجه حق،
وقد ورد عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قوله: (سوء خلق الرجل مع عياله يوجب عذاب القبر) ومعلوم أن السكن مشتق من سكن الروح والبدن إلا أنه سيصبح وحال الرجل هكذا هياج الروح والبدن مما يلقي بظلاله على الجانب النفسي لكل أفراد العائلة وقد يكتسب بعضهم هذا الطبع متحولاً إلى قنبلة غضب قابلة للانفجار في أي وقت وقد جاء في الحديث النبوي الشريف (المؤمن دعب لعب والمنافق قطب غضب).
فما أجمل أن يكون المرء مبعثاً للسرور والبشاشة والانبساط والابتسامة مع بث أريج الكلمة الطيبة وهي صدقة ميسورة البذل مع أفراد الأسرة ومع الناس في الشارع والسوق وفي مكان العمل وفي المدرسة والجامعة والجامع وفي المحافل الاجتماعية ومن على شاشة التلفاز وحيثما حلّ المرء لكي ينتشر ذلك العبق الروحي الفوّاح في كل مكان حتّى تذوب النفوس في بودقة الوئام والانسجام ويتحقق تقاربها وطيبها ليطرح رائحة الكره والشحناء والبغضاء والعداوة والنفور وتكون الابتسامة بحق أجمل لغة.
ـــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha