المقالات

دولة الحبرعلى الورق ..!


منهل عبد الأمير المرشدي ||

 

إصبع على الجرح ..

 

شد انتباهي ما قرأته في مقال نشره البروفسور الأستاذ عدنان عنوز بعنوان الدولة الرخوة (soft state) حيث يزخر بمفردات تمثل في حيثياتها مصداقا لما نعيشه في بلادنا قلبا وقالبا . بعيدا عن الخوض في تفاصيل المقال فأنه يعرف الدولة الرخوة بالدولة التي تضع القوانين ولا تطبقها ..

 أي انها دولة بما تعنيه الدولة شكلا من دون وجودها فعلا . فما يؤطر الدولة هو القانون الذي يطبّق على الجميع ويلزم الجميع بالواجبات من دون تمييز كما يضمن لهم حقوقهم .  وبالمختصر المفيد فأن القوانين في الدولة الرخوة تبقى حبر على ورق وليس هناك من يحترمها او يثق بها او بإمكانية تطبيقها . نعم هي تبقى حبر على ورق بين حيتان كبار من اصحاب القرار ومافيات الفساد واصحاب النفوذ الذين لا يرضخون لها ولا يرضوا ان يكونوا تحت طائلة القانون لإن في ذلك وفق رأيهم احتقار لهيبتهم وانتقاص من سطوتهم ومساس بعروشهم !!!

منهم من يتملص من تطبيق القانون عليه بالقوة ومنهم من يدفع الرشوة لمن يقبلها تحت وطأة الفقر والحاجة وفي جميع الأحوال هو استشراء للفساد في جسد الدولة التي تغدوا إسما بلا معنى ودلالة بلا وجود . من اهم معالم هذي الدولة كثرة المؤسسات الرقابية والأمنية من دون تحقيق الأمن والأمان ولا الحد من الفساد  اضافة الى تنامي الطبقية المجتمعية من السادة والعبيد والخادم والمخدوم والغني الى حد التخمة والفقر الى حد العوز  . انها تهيء لمجتمع جاهل متخلف فقير بائس تغدوا افضل آمال الكثيرين منه لقمة العيش ورغيف الخبز .

 وفي مقال كتبته قبل اكثر من خمسة عشر عام بعنوان القانون الأصفر ارى به مثالا عليها .

ذكرت به إن الحارس الذي كان يحرس بيت كبير القضاة ورئيس السلطة التشريعية تم تكليفه برعاية اغنام كبير القضاة الموجودة في حديقة البيت إلا ان صاحبنا الحارس المسكين حاول ان يفكر بعقل تجاري واشترى خروفا  وجاء به ليعتاش ويرعى مع خرفان سيده .

 إلا ان خروف الحارس لم يكن كباقي خراف الله هادئا مستكينا راضيا بما حلّ عليه من رزق وفير فقفز ونطح واحدا من الخرفان وأرداه قتيلا بالنطحة القاضية . احتار الحارس واظلمت بعينه الدينا فماذا يقول لكبير القضاة الا انه وكعادته يفكر احيانا فصار لديه فكرة بأن يقلب حقيقة ما جرى وفعلا ذهب الى سيده طالبا مقابلته وحين دخل عليه قال له .. يا سيدي انا اخدم سيادتكم في الحراسة اضافة الى رعاية اغنامكم الموقرة في الحديقة . تبسم الرجل بتكشيرة رئاسية متحلبسة ورحب به وقال له اهلا ومرحبا تفضل يا اخي قل ما عندك . اجابه : لقد اشتريت خروفا واتيت به ليرعى مع خرفان سيادتكم الإ ان خروف من خرفانكم ( حفظها الله )  قام بنطح خروفي وقتله في المكان . ضحك القاضي وقال له. وماذا تريد ؟.. خروف نطح خروف  فما علاقتي بالموضوع ؟

 قال الحارس .. اليس هناك سيدي وسيادتكم مشرع القوانين قانونا يخدمني ويعوضّني عن ما لحقني من ضرر . اشرأبت عيون الرجل وارتفع صوته قليلا وقال له : هل انت عاقل ام مجنون . المشكلة حصلت بين الخرفان ما علاقتنا نحن ..

إلا ان الحارس الّح عليه وقال له : سيدي الكريم كل هذه القوانين والكتب التي من حولك وخلفك ليس فيها قانونا واحد ولا حتى فقرة تخدمني . ؟ غضب كبير القضاة وصاح به بأعلى صوته اخرج ايها الغبي خروف نطح خروف وتريد تعويض اي غباء هذا ؟؟!! هنا اطمأن قلب الحارس وقال له سيدي المبجل سأقول لك الحقيقة الآن وهي ان خروفي هو الذي نطح احد خرفان دولتكم  وقتله على الفور . تحول وجه الرئيس المبجل الى شعلة من جحيم جهنم ورفّت شواربه العروبية وقال له . هكذا اذن ... مد يده الى كتاب اصفر كبير خلفه تراكم التراب عليه  .

 نفظ التراب عنه وفتحه ونظر الى الحارس وقال .. حكمك القانون الأصفر بالسجن سنة واحدة وغرامة اربع خرفان ..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك