خالد غانم الطائي ||
قال الله العلي العظيم في كتابه المجيد (...وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها..) سورة ابراهيم الاية34, فقد انعم الخالق البارئ المنان اللطيف على بني آدم بنعم ظاهرة واخرى باطنة ومهما جد واجتهد المرء العالم فضلا عن غيره بـ(عد) تلك النعم الربانية النابعة من فيض الرحمة الواسعة والعطاء اللامتناهي فانه لايحيط بها لانه محدود في علمه والمحدود لايسع الا محدود فلابد اذن للعاقل المتعقل من شكر المنعم المتفضل-عز وجل- لانه اهل لذلك ولان زيادة النعمة مرتبطة بالشكر قال تعالى(...لئن شكرتم لأزيدنكم...)سورة ابراهيم الاية7,
والشكر على صعيدين اثنين اولهما الشكر اللساني القولي المتمثل بالقول ,مثلا(الحمد لله) والثناء عليه, وثانيهما الشكر العملي الفعلي-اي بفعل الطاعات اكثر-مثلا اداء سجدة او صلاة الشكر لله واطعام الفقراء والتصدق وترك المعاصي ومجانبتها اكثر ونقرأ في قوله-جل وعلا- (..اعملوا آل داوود شكرا..)سورة سبأ الاية13, هذا وإن اقل درجات الشكر عدم استعمال نعم الله –سبحانه- في معاصيه.
ومن جملة النعم الربانية ان يوفق الانسان لنيل وطلب العلم ويرتقي شيئا فشيئا ويعلو درجة بعد اخرى هذا وإن اول امر الهي نطالعه في القران العظيم هو ( أقرأ باسم ربك الذي خلق) سورة العلق الاية 1, ومن وصايا النبي الانور الاكمل الاقدس محمد المصطفى(صلى الله عليه وآله) قوله: (اطلب العلم من المهد الى اللحد) , فبالعقل نال الانسان اشرف مرتبة واعظمها وارقاها واسناها واعلاها فهو سيد المخلوقات , عندما يتسلح بسلاح العلم النافع له ولمجتمعه وللبشرية عموما وتكون افعاله واقواله مقننة وفق ما يريده الله-عز وجل- ومؤطرة بإطار الشريعة الاسلامية المقدسة وتصب في مصب واحد هو رضا الله وتحقيق وتفعيل قضية الاستخلاف البشري في الارض(وإذا ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة.....) سورة البقرة الاية30, والاستخلاف هو الامتثال لأمر المولى ونهيه ,.
وهنا لابد من الوقوف عند قضية سلبية آخذه بالاتساع والنمو والشيوع والذيوع في الجامعات (ومعاهد التعليم العالي) في الدول الاسلامية والعربية وبالجامعات المحلية خاصة وهي مسألة (حفل التخرج),
فبعد ان ينهي الطالب و (الطالبة) دراسته وتكلل جهوده بالنجاح والتفوق, بعد المثابرة والحزم والسهر والعناء والاصرار على بلوغ الهدف المنشود فمن حقهما الفرح بهذا الانجاز(ومع ذويهم واصدقائهم) الذي كان حلما في الذهن وبعد مرور سنوات الدراسة اصبح حقيقة ماثلة للعيان.. لكن من الواجب واللازم ان لا يخرج الفرح من حدود طاعة الرب –جل شانه- بل لابد ان يكون متفقا مع ارادة السماء ...
أما اذا صدر من الاقوال والافعال والحركات والسلوكيات ما يتقاطع معها عند اذن تحقق الوقوع في حبائل ومصائد ومكائد الشيطان الغوي الرجيم الذي سيكون فرحا اذ صار له اتباعا في سجون النفس الامارة بالسوء قابعين ولأرادته صاغرين ولوساوسه مستمعين وبحباله واصفاده مكبلين وخلفه سائرين ولثياب المعصية لابسين وباشواك الحزن واوحال المعصية متخبطين وفي منحدر المهالك واقعين ولعقد الرذيلة في انفسهم جاعلين وعن رحمة الله مبتعدين وغضبه ونقمته متعرضين, ومن الامور التي نقلها-إلي- احد الثقات عن حفلات التخرج ما يأتي مع شيء من تعليقي عليها:
اولا: الابتعاد والتخلي عن الحجاب الشرعي الاسلامي من قبل الكثير الكثير من الطالبات والتبرج من خلال لبس الملابس غير المحتشمة والقصيرة والضيقة والشفافة وذات الالوان الصارخة الملفتة للنظر و (البانطلون) ونشر الشعر واستعمال ومساحيق التجميل لأغواء الشباب والتباهي بإستعراض مفاتن البدن واضرام نار الشهوة المحرمة والتميع والممازحة والغزل المحرم بين الجنسين , قال تعالى(...فلاتخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض...) سورة الاحزاب الاية32, وكذلك ارتداء بعض منهن للأحذية ذات العقب العالي(رفع الله مقام القارئ الكريم) , والتي تصدر صوتا جاذبا للنظر قال -تبارك اسمه- (..ولايضربن بإرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن...) سورة النور الاية 31, و (..ولاتبرجن تبرج الجاهلية الاولى..) سورة الاحزاب الاية 33,
وتتجرد بعضهن من الحياء قال الصادق الامين(صلى الله عليه واله) :(اذا لم تستحي فاصنع ما شئت)..
بينما يكون مشي المرأة المؤمنة على استحياء وقد مدح الله بنت شعيب النبي(على نبينا واله وعليه الصلاة والسلام) بقوله المبارك..(...فجاءته احداهما تمشي على استحياء...) سورة القصص الاية 25, وإذا تأملنا في قشور الفواكه والخضار المختلفة فإنها تحميها من الاذى والميكروبات وتضفي عليها الجمالية وحجاب المرأة زينة لها وتكريم لمقامها و حشمة ووقاية لها من النظرات الشهوانية المريبة المحرمة التي هي سهام ابليس المسمومة وكذلك لبس بعض الطلاب ملابس ضيقة وغير لائقة وفيها تقليد للجانب السلبي للغرب من قبيل بعض الكلمات المخزية(باللغة الانجليزية).
ثانيا: احضار فرقة موسيقية غنائية للحفل وحصول حالة الاندماج معها من خلال العزف والغناء مما يؤدي الى حالة الرقص بين الطلاب والطالبات امام مرأى ومسمع اولياء امورهم او تشغيل اجهزة التسجيل الصوتي بالغناء ( والغناء والاستماع له حرام وثابت في محله) , والرقص معها علما ان احكام الرقص اربعة(1)
أ-رقص الرجل امام وعند الرجال لايجوز
ب- رقص الرجل امام وعند النساء لايجوز
ج – رقص المرأة امام وعند الرجال لايجوز
د- رقص الزوجة امام زوجها وعنده بشرط ان لا يراها غيره من اجل اسعاده واثارته جائز..
ولنحط في رحاب القرآن الكريم ونكحل نوظرنا بسورة القصص الاية 23 التي تحكي عن موسى الكليم(على نبينا واله وعليه الصلاة والسلام) اذ قال عز من قائل عنه (ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يسقي الرعاء وأبونا شيخ كبير) فقد كانت ابنتا النبي شعيب( عليه السلام) لا تزاحمان الرجال في الاستسقاء من البئر للأغنام والماشية وحتى خروجهما كان لضرورة كون ابوهما شيخنا قد ضعفت قوته..فأين هذا من ذلك؟!
ولا يخفى ان الاختلاط يوجب التماس والاحتكاك المحرم بين الجنسين وهذا احد بوابات الفتنة التي يحاول الشيطان الملعون فتحها على مصراعيها.
ثالثا: ألتقاط الصور التذكارية(الجماعية والمفردة من دون حجاب للطالبات) بـ آلات التصوير الخاصة( الكاميرات) وبإجهزة النقال الخاصة (الموبايل) وبعد ذلك يتم نشر وتسريب هذه الصور عبر الشبكة العنكبوتية( الانترنيت) والصور الفوتوغرافية بهدف حب الظهور والمباهات وألفات النظر وربما التبجح احيانا وكأنه عرس من دون بدلات زفاف ليطالعها القاصي والداني.. واي هتك للدين والقيم هذا؟!
وقد ورد عن رسول الله المؤيد(صلى الله عليه واله) قوله( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة , و من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة) .
رابعا: أخذ وتبادل بعض وسائل وعناوين الاتصال بين الطلاب والطالبات(رقم هاتف-فيس بوك-....) للبقاء على تواصل مستمر بينهم وهذا من الامور المحرمة,
خامسا:حضور عوائل الطلاب والطالبات مما يؤدي الى الوقوع في كثير من المسائل المحرمة كـ المصافحة والاحتكاك وعدم غض النظر واشباهها.
سادسا: حصول حالات التحرش الجنسي اثناء الحفل!! وقد يصل الامر الى حدوث مشاجرة بين بعض العوائل,
سابعا: التصوير الكامل للحفل وألحاق الحرج ببعض العوائل المتحفظة امام العوائل الاخرى لعد رضاهم بتصوير عوائلهم ووصفهم بــ صفات غير لائقة وحصول المشادات الكلامية فيما بينهم,
ثامنا: نبذ التمسك بألاصول والعادات الحسنة والتقاليد الاصيلة والتعلق الاعمى بتقليد الغرب الكافر بالملبس والمأكل والسلوك وبعض الالفاظ وقصات الحلاقة (للطلاب) المستهجنة في حين ان الغرب لا يقلدنا بشيء فالعجب من هذا التخلي عن هويتنا الاسلامية والعربية الراقية والنبيلة ومما لا شك فيه ان الحرب الناعمة وهي حرب العولمة التي تشن على المجتمع الاسلامي بوجه الخصوص عبر وسائل الاعلام والاتصال المختلفة والكتب والمجلات والمنتجات تهدف الى إخراج المسلمين من دينهم الحق ..
٥
قال تعالى(لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم...) سورة البقرة الاية120, واسقاط هويتهم والتخلي عن اخلاقهم الاسلامية واختراق منظومة القيم الاجتماعية المحافظة تحت عناوين زائفة كـ التطور والحداثة والتقدم والتمدن والامتثال للموضة ( الغربية وغيرها) وكما يدس السم في العسل ..
نعم ان الغزو الثقافي يستهدف السيطرة على عقول الناس كي يقودهم بعيدا عن الاسلام العظيم وهو اخطر بكثير من الغزو العسكري واكثر الناس غير ملتفتين الى ذلك....
انه سموم فكرية دخلت علينا اخص اماكن دورنا ومن دون استئذان بل وبتسليم من الكثير مع العلم ان هذه الحرب جارية على قدم وساق ليلا ونهارا سرا وجهارا وبألوان متعددة واساليب متنوعة , قال سبحانه وتعالى ( ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى)سورة طه الاية 124, وهنا تقع المسئولية الكبرى على عاتق اولياء الامور وعلى الآباء خصوصا فعن رسول الله الصادق الامين(صلى الله عليه واله) قوله: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
فيجب عليهم الحرص كل الحرص على ارشاد اولادهم وحثهم على التمسك بدينهم ففيه سعادة الدنيا والاخرى واجتناب المنزلقات الشيطانية الهادفة الى جرهم الى الهاوية والهلاك واستحقاق الغضب الالهي قال تعالى ( ياايها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ لايعصون الله ماامرهم ويفعلون ما يؤمرون) سورة التحريم الاية6
وختامه مسك (ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد) سورة ق الاية37.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha