المقالات

مصير الدستور... تعديل أم تغيير؟


سلام محمد العبودي

الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم وشكل الحكومة, وينظم السلطات العامة فيها, من حيث التكوين والاختصاص, والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة, والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات, ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

عندما نقرأ الدستور العراقي الدائم, نَجده دستوراً يمتاز بالرقي, من حيث تنظيم الحياة الاجتماعية, وقد أصبح بعد موافقة الشعب عليه, عقداً موجباً للتطبيق من قبل الحكومة, وتجاوزه يعني الإخلال بالنظام السياسي والاجتماعي, فهل طبق الساسة المتصدون للحكم بنود العقد؟

جاء في المادة الأولى أن " جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة, مستقلة ذات سيادة كاملة, نظام الحكم فيها, جمهوريٌ نيابي ( برلماني)ديموقراطي, وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق" وهنا نرى أن بصمة المحتل مفقودة, إذا لا يمكن للمستعمر, أن يضع مادة تعترف بسيادة دولة, قد صمم أن تكون ضمن ممتلكاته, خارجة عن سيادة المحتل وسلطته, وهذا يقع على عاتق الحكومة, التي يجب على استقلالية العراق.

لم يهمل أو يتناسى من كتب الدستور, الإرهاب وما يوجب الحيلولة, دون ممارسته نشاطه, إضافة لنبذ العنصرية ومن يروج لها, وغيرها مما جاء في المادة السابعة" يحظر كل كيان أو نهجٍ, يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير, أو التطهير الطائفي أو يحرض, أو يمهد أو يمجد, أو يروج أو يبرر له, وبخاصةٍ البعث الصدامي في العراق ورموزه, وتحت أي مسمىً كان, ولا يجوز أن يكون ذلك, ضمن التعددية السياسية في العراق, على أن يُنظم ذلك بقانون" جَميلٌ جداً أن يكون ذلك, ولكننا نرى كثيرا من الساسة وكياناتهم, قد خالفوا الدستور دون حساب, ودخول المشمولين بهذه المادة وقانونها, قد أباح لتلك الفئات, فرض إرادتها بشكل واسع, وقد تسنم بعضهم مناصب عدة, تحت مقولة السياسية رمال متحركة! جعلت من العملية السياسية, متأرجحة قابلة للسقوط في أي لحظة.

غض الشعب النظر, عن بعض الهفوات أملاً منه, في إصلاح الحال فكل الدساتير قابلة للتعديل, إلا أن ذلك الدستور, لم يتم تطبيقه بصورة حقيقية, وذلك لضعف الأداء البرلماني الحكومي, على حَدٍ سواء, حتى وصل لتعطيل مواد, تخص معيشة المواطن العراقي وحفظ كرامته, لقد جاء في المادة 14, إن "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي" بيد أن التطبيق على الواقع, فرض قوانين بامتيازات, أطلق عليها مصطلح (خاصة), ما حرم الأغلبية من الشعب, من حقوق العيش بكرامة, وهَدرٌ بالمال العام وتفشي الفساد, وتعطيل المادة 16 التي تنص على" تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ, الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك" ما جعل من المندسين بالعملية السياسية, يغتنمون الفرص لإثارة الفوضى, بالمطالبة والتحشيد ضد الحكومات المتعاقبة.

توفير الأمن والسلم المجتمعي, وكسر جماح الفساد, منوطٌ بما يتم تقديمه المواطن, وسد الثغرات الذي تدغدغ عواطفه, وتجعله يُثارُ في أي لحظة, من قبل الفاسدين والمتصيدين بالماء العكر, وهذا ما لمسناه في مناسبات متعددة, جاء في صلاحيات ومهام رئيس الجمهورية, المادة 70 "ثامناً :ـ المصادقة على احكام الاعدام, التي تصدرها المحاكم المختصة" في حين أن ذلك لم يطبق إلا نادراً, فيما يخص قضايا الإرهاب, وخصوصاً من المنتمين, لتنظيم القاعدة وداعش, حيث يقبع الآلاف منهم في السجون, ما يتسبب بالكثير من هدر المال, وتفشي الفساد المالي.

لا يريد العراقيون إلا بالعيش الكريم, وتطبيق العدالة بمحاسبة الفاسدين, وحفظ كرامتهم بعد معاناتهم, من الحكم الدكتاتوري الصدامي, الذي لم يدع للعراقيين كرامة, حيث نبذهم أكثر الشعوب, ونخص الجارة منها, لكثرة الاعتداءات عليها, ما جعلهم يشترطون شروطا, لتشبث حزب البعث بالسلطة, وتنازل العراق عن بعض مساحاته, وفقدان السيادة الوطنية, فهل سيتم تحقيق ما يصبوا له العراقيون؛ بالحرية وعدم تَحَكم الطامعين, وإعادة الأراضي الموهوبة, من قبل نظام صدام من غير حق؟

بعد توقف عن اجراء انتخابات مجالس المحافظات؛ يعمل البرلمان على إعادتها للحياة, بدورة جديدة قد تجري العام القادم, فهل سينجح بسن قانون عادل, لكافة ممثلي الشعب, والبدء بمرحلة جديدة, من تقديم الخدمات, دون فساد وهدر بالمال العام؟ بمشاريع عمرانية وخدمية, يلمس المواطن من خلالها, أن العمل الحكومي جادٌ بالتغيير.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك