المقالات

انتظارُنا مصدرُ قوّتنا

1212 2023-03-07

د.أمل الأسدي ||

 

سأتحدث هنا عن قضيةٍ عقائديةٍ رئيسة، ألا وهي قضية انتظارنا للإمام المهدي(عج) ولن  يكون حديثي عن فلسفة  الانتظار أو التقعيد القرآني لها؛ ولكن سأتحدث عنها كمصدر قوةٍ لنسيجنا الاجتماعي، وسأنطلق هنا من قاعدةٍ وضعها المفكر الإسلامي الدكتور علي المؤمن في كتابه" الاجتماع الديني الشيعي" إذ  وضع  في كتابه عناصر قوة النظام الاجتماعي، وجعلها في اثني عشر عنصرا، و تأتي علی رأس هذه العناصر وأولها القضية المهدوية، فهو يری أن قضية انتظار الإمام(عج) قضية ميدانية حاضرة في الواقع الإسلامي الشيعي،حاضرة كعنصرٍ فاعلٍ  مؤثرٍ؛ لذلك بقيت محل استهدافٍ دائم من التيارات المناوئة للإسلام من الخارج الغربي والداخل العلماني المُتَّبِع لفكر الخارج!!

وعلی ذلك لم يكفوا عن المهاجمة والتشويه والشكيك وشتی الاتهامات، علی الرغم من أن قضية المهدي(عج) ليست حكرا علی الشيعة فقط، وإنما هي قضية أعم من ذلك، فهي إسلامية إنسانية!!

ويری(المؤمن) أن من واجب الفرد المنتظِر، والأمة المنتظِرة التمهيد لعصر الظهور، التمهيد الإيجابي الذي يتمظهر بتمظهراتٍ عديدة، منها:التمهيد العلمي والتمهيد الثقافي، والتمهيد التكنولوجي، والسياسي والعسكري، لهذا تعد القضية المهدوية، قضيةً واقعية حية، وهو في ذلك يتناول  القضية من الجانب المرتبط بقيادة النظام الديني الاجتماعي المرتبط بالمرجعية الدينية(١)، بينما نريد هنا أن نتحدث  عن القضية المهدوية وعلاقتها  بالجانب الاجتماعي عموما، لأنها عقيدة ثابتة  فاعلة في حياتنا اليومية، وترتبت علی  هذه العقيدة شعائر وطقوس جمعية، ظلت عصيةً علی التذويب والطمس علی الرغم من استهداف الحكومات الطائفـ.ية المسـ.تبدة المستحوذة علی السلطة، فالغـرب العلـماني الذي يريد السيطرة علی العالم ومقدرات الشعوب؛ يهمه عزلة المجتمعات، ثم عزلة أفرادها وتفكيكها، ويهمه تذويب قضية قوة الأمة، وإخفاء أهمية الأمة الواحدة وحجبها، وفي الوقت نفسه يزعم أن قضية انتظار الإمام هي قضية محسوسة غير واقعية، ومع ذلك لايكف هجومه عنها، ولا يسحب أدواته التي تعمل علی تشويهها والشكيك فيها، ولا يتعب من طرح النظائر المزيفة التي تشوش علی القضية وعلی  فكرة الانتظار، ومع ذلك كله تحولت القضية إلی عنصر قوةٍ، وهويةٍ حيّةٍ، وبطاقةٍ موحدةٍ؛ وذلك لأنها ارتبطت بفعاليات جماعية مليونية، وباتت ظاهرةً عالميةً، فقد تجاوزت الثقافة المحلية، وصارت نقطة جذبٍ إنسانيٍّ عالمي، وكل فعاليةٍ جمعية إنسانية عالمية، تنسف مخطط المنظومة السياسية الغربية!!

 لذا تعد الزيارة الشعبانية مقاومةً ناعمةً، قوية وفاعلةً، تواجه الحرب الناعمة القائمة علی عزلة الفرد المسلم عموما، والشيعي خصوصا عن بيئته، وتذويب هويته، وتفريغ ذاكرته، وتوجيهه نحو المادية البحتة، ومن ثم  تفتيت أسرته، ثم تفكيك المجتمع، وبتفكيكه تنتصر مخطاطاتهم، ويضعون يدهم علی مقدرات الشعوب المستضعَفة المفككة، ويجردونها من ثرواتها التي وهبها  الله لها؛ لذا يهم الآخر المعادي( أفراد ومؤسسات) مرتبطة بالمنظومة الشيطانية الطامعة، يهمه غياب الوعي بمصادر قوة الأمة، ويحاول دوما تحويل كل إيجابي فاعلٍ  إلی سلبي محبط ومثبط!!

إذن؛ صار من الواضح والجلي أن أمر انتظارنا لإمامنا المهدي(عج) أمر مهم وخطير وحيوي، فهو قلب نابض، يمد وجودنا وواقعنا بالحياة، ويهبنا هويةَ البقاء والأمل والعمل، فانتظار الإمام  يواجه كل التيارات المنحرفة، الإلحادية والعدمية...الخ فهو عينه ذلك المصباح الذي يضيء زيته وإن لم تمسسه نار، الذي يوقد من شجرة مباركةٍ، لاشرقية ولاغربية!! فهو عالميٌّ إنسانيٌّ  حتميٌّ، فلا بُد للأرض أن تشرق بنور ربها، ولابد للعدالة أن تسود، ولابد للحق أن ينتصر!!

ــــــــــــــ

ينظر: الاجتماع الديني الشيعي، د. علي المؤمن:٢٠٤- ٢٠٩

 

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك