المقالات

قصة قصيدة وقصيدتها


في الذكرى السنوية الثامنة لاعتقالي والعشرات من أفراد أسرتي (آل الحكيم) مساء يوم 9/5/1983 م الموافق ليوم 25/ رجب/ 1403 هـ في يوم ذكرى استشهاد نزيل الطوامير المظلمة الإمام الكاظم عليه السلام تم اعتقالي وأسرتي. وبعد سنوات من حملة إعدام جماعية، وتعذيب ممض في سجون البعث المظلمة، كان كل ذنبي فيها وفق وثيقة رسمية أني " من أسرة آل الحكيم"٠

قادنا سجانونا الغلاظ من سجن قاس الى سجن، حتى أودعونا أخيرا في سجن أبي غريب / النظام البائد لتجثم على صدورنا فواجعه ومواجعه السود لسنوات ممضة وسنوات. 

ثم وفي بحر يوم ( 25 رجب من سنة 1411هـ الموافق ليوم 10-2-1991م) يوم الذكرى السنوية الثامنة لاعتقالنا الظالم، ومن باحة هذا السجن الملبد بعذابات الأبرياء، وصرخات المشنوقين،وأنا مستلق على أرضه الاسمنتية القاسية، فجأة داهمني خاطر غريب، تمحورت رؤاه حول حلم عابر، لم أمهل الحلم هذه المرة ليعبر كما تعبرالأحلام المسافرة عجلى في مخيلة سجين رأي بريء، ولم أدعه يودّع كما يودّع ابن سبيل سبيله، بل تعلقت به تعلق غريق بقشة، أقلّبه ويقلبني، وأجاذب أذيال رؤاه ويجاذبني، فيستقر على هيأة سؤال ملح مشاكس ليقول: ترى لو قدر لهذه لأقفال المغلقة الممهورة بإحكام، وسط دهاليز الممرات الملتوية في سجن أبي غريب سيء الصيت أن تفتح لك من بابها الأولى الفاصلة بينك وبين الحرية اثنتي عشرة بابا أخرى موصدة، لتجد نفسك فجأة وسط الطريق السريع الفاصل بين مدينة أبي غريب والعاصمة بغداد، تقدم رجلا وتؤخر أخرى، ذاهلا مدهوشا، تلتفت يمنة ويسرة، تطيل التحديق خلفك لبوابة سجنك الصماء ، خوف أن يدهمك سجانوك بفوهات بنادقهم وحرابهم، فجأة مثلما اعتقلوك.

 الى أين ستقودك قدماك التي لم تعد تألف المشي بعد سنوات من اعتقالها بين جدران غرف سجنك المقفلة؟ الى أين ستذهب وأنت تحث الخطى على طريق أبي غريب عبرالكاظمية فبغداد في يوم الذكرى السنوية الثامنة لاعتقالك الوحشي هذا؟

 الى أين ؟

 ثم الى أين ستحملك قدماك المتعبتان وأنت تجرهما جرا عنيفا، بحذائك الاسفنجي ، ودشدادشك المتهرئة البالية، مبتعدا قدر ما تستطيع، خائفا، قلقا، عن جدار سجنك الاسمنتي القاسي؟ فتلمع في مخيلتك فكرة تضيء كالبرق الخاطف : 

وهل أولى من "باب المراد" باب تفتح ذراعيها لك في يوم حزنك وحزنها، تواسيها وتواسيك، وتعزيها وتعزيك بذكرى استشهاد إمامك صاحب السجدة الطويلة وراهب الطوامير موسى بن جعفر (ع) ؟ 

فإلى باب الحوائج إذاً هلمّ السير ، وأشعل الخطى، شوقا، ولهفة، وهياما، وولهاً، وحبا. 

ولكن ماذا ستطلب من باب الحوائج إذا وقفت ببابه ؟ 

ماذا ستقول بين يديه المقيديتين بأصفاد الحديد ؟

هل ستنعى له شهداء أسرتكم الابرياء ؟ 

هل ستقص عليه مواجع نسائكم الثاكلات؟ 

هل ستستعيد له شهقات يتاماكم الصاعدات ؟

هل ستشكو له ظلمة أيامكم الحالكات ؟

 هل ستقص عليه عذابات لياليكم الموجعات؟

 هل.. وهل..وهل ؟ نعم

نعم بكل تأكيد.

وهل هناك غير هذه المواجع تقال في مثل هذا الموقف ؟

من خلال توالد الأسئلة وتكثرها كانت هذه القصيدة:

 (على باب المراد)

 عَلَى (بَابِ المُرادِ) أَنا المُريدُ   نَسِيْتُ ــ لِفَرْطِ حُبِّيَ،ـ مَا أُرِيدُ

 تَوَلَّهَني الهُيامُ الحُلْوُ حَتَّى     لَمَاد بيَ الهُيامُ بِمَا يَمِيدُ 

فَما عَادَتْ كُؤوسِيْ مِنْ هَواكُمْ تُرَوِّينيْ..؟،  أَزِيدُ وَأَسْتَزِيدُ

 دَنَوْتُ، وَقَبْلَ يَوْمِي بَينَ ثَغْرِيْ وَلَثْمِ (مَزَارِ) مَنْ أَهْواهُ بِيْدُ

 عَلَى (بَابِ المُرادِ) نَسْيتُ جُرحِيْ    وَتَسْهِيدِيْ، وَمَا وَسَمَ الحديد

 نَسِيْتُ الحَالِكاتِ مِنَ اللَّياليْ وَمَا اقْتَرفَتْهُ عَادِيَةً ثمود

 عَلَى (بَابِ المُرادِ) غَسَلْتُ جُرحِيْ  فَغَارَتْ مِنْ شَذا جُرحِيْ الوُرُودُ

 نَسِيتُ لِفَرْطِ حُبِّيَ مَا أُعَانِيْ وَأَنْسَتْنيْ المَحَبَّةُ مَا أُرِيدُ 

وَهَلْ إِلاَّ المحبَّةَ مَا أُرِيدُ..؟  وَإِلاَّ لَذْعَها يَهْوَى العَمِيدُ..؟

 سجن أبي غريب / صدام 25/رجب/1411 هـ 10/2/1991 م

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك