المقالات

لا تغفلوا الدعاء ،ولو على الركام..!!


كوثر العزاوي ||

 

ينبغي الأخذ بأسباب الحياة  والالتزام بقوانينها، كما ينبغي عدم الغفلة عن الأخذ وطلب العون من الخالق عزوجل أن يمدّنا بالتَّوفيق والعناية والعطاء الغيبيّ ودرء البلاء عنّا، ل{إن الدعاء والبلاء ليترافقان إلى يوم القيامة} الامام زين العابدين عليه السلام

والابتلاء: سُنة ثابتة ماضية من الله "عزوجل" في جميع خلقه ليختبرَ صِدقَ إيمانهم، وهل أنّ الإيمان مجرّد ادعاء لايتجاوز عضلة اللسان أم أنه ثابت مستقِر في كل الأحوال في الرخاء والبلاء؟!! هلمّوا بنا نتأمّل ثم نَحتَكِم.

قال "عزوجل"

{..أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}العنكبوت: ٢

إذن: هو اختبار وامتحان من قِبل الخالق"عزوجل"منذ بِدء الخليقة، لافرق بين زمان وزمان، فتأمل!

ومِن الإيمان أيضا، أن نعتقد أن اللهَ تعالى حكيم في جميع أفعاله، لا يفعل شيئًا إلّا لحكمة تامّة، عَلِمَها مَنْ عَلِم، وجَهِلَها مَنْ جَهِل، ومن تلك الأفعال،" إنزال البلاء بالعباد من زلزلة وفيضانات وفَقرٍ وجفاف وو.الخ من الرزايا والمصائب، ورغم ذلك، العبد مُلزَم بالإيمان بأنّ الله الخالق العظيم لا يُنْزِل البلاء عبثًا، حاشاه -سبحانه-، وإنما يُنْزله لحِكَمة عظيمة جليلة لاتخلو من مصلحة العباد أنفسهم، وقد بيّنها في كتابه المجيد في مواردَ عديدة، كما زخرت بذلك سُنّة نبيّهِ والنهج القويم للعترة الطاهرة "صلوات الله عليهم".

ومن هنا نفهم، إنّ على الإنسان الذي يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يتعاملَ مع البلاء حين نزوله بالصبر واليقظة وعدم الجزع، إنما بالفَزع إلى الله العظيم لفقرهِ وحاجته اليه، وبما أننا نعيش كارثة الزلزال المروّع الذي ضرب دولتين مسلمَتَين وخلّفَ الدمار والهدم والأضرار والموت بالجملة، كان حريُّ بالمسلمين أن يشكّلوا فِرَقًا نشاهد فيها مظاهر اللجوء إلى الله والدعاء والتضرع في الشوارع والساحات والمساجد والبيوت وحتى على الأنقاض وقرب مصادر الأصوات التي تنبعثُ مستغيثة من تحت الركام لتبادلها أصوات التهليل والتكبير والضراعات والتفجّع وطلب العون من الله، سيما وأنّ حجم الكارثة  تكاد تُذهب بالعقول لولا رحمة الله وإيماننا بأنّ كل بلاءٍ ينزل معه لطف يحيط بأهلهِ، وأنه يحتاج إلى استنزال هذا اللطف الإلهي بالدعاء والانكسار والتضرع إلى الله القادر العظيم، وكما هرع الناس إلى تأمين آليات النجدة ومقتضيات الإغاثة ومستلزمات الإنقاذ بمقتضى التنظيم الآلي المهني الذي يشكّل السبب الرئيسي في محاولة السيطرة على الكارثة واستحصال أقل الخسائر، كان على الناس أيضا أن لاتغفل تأمين أدوات الإنقاذ الروحي الذي لو توفّرت قبل وقوع البلاء لكفى الناس نصف المحنة بلحاظ أن الدعاء يردّ القضاء! ولكن جرى القضاء، وللأسف قد غابت مظاهر اللجوء إلى الله وسط الرعب والذهول، وكأن الغفلة مازالت تخيّم على البشر رغم الآيات الواضحات التي فيها من التذكرة وقرع القلوب وتكسير أقفالها، فكمْ يحتاج الناس الى الرجوع إلى الله وكتابه لتَدَبُّرَ الآيات الصريحة ومعرفة الغاية الإلهية صادحة واضحة ناصعة تدعو وتُدني ذوي الدين لتعرّفهم أي عروة وثقى، وأي حصنٍ قد غفلوا عنه ليسندهم عندما تعجزُ إرادة المخلوق عن انتشالهم! تأملوا ذيول الآيات:

--{وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الانفال٣٣

--﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾

سورة السجدة: ٢١

--{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} الانعام٤٢

فهل من مؤيّد يرى ماأرى من الغاية الربانية بلحاظِ ماجاء في الآيات المباركات، وكأني به "عزوجل" يُلفِتُ نظر قلوب عباده وأذهانهم إليهِ ليُدرِكوا أنهم مقصّرون غافلون عن حقّهِ!! إنهم يعتنونَ بكل شيء ويَهبون من نفوسهم إلى غيره كل ثمين ليتمتّعوا، لكنهم قد نسوُا وينسَوْنَ مصدر الحياة الذي منحَهم كلّ مافيها من نِعَم وجمال وبهارج وقوة واقتدار وبركات وقدرة على الحياة، الى غير ذلك من النعم ما لاحدَّ لها ولا عَدَّ ولا إحصاء!! وهو "جلّ جلاله" يُدلي بعطفهِ ويتمنى لعباده:

{يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}البقرة ١٨٥

{يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ  وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا}النساء ٢٨

{يُرِيدُ ٱللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ  وَٱللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} النساء ٢٦

وقد أبى الله عزَّ وجلَّ أن تجري الأمور إلّا بأسبابها.

١٧-رجب الأصب١٤٤٤هج

٩-شباط٢٠٢٣م

 

 

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك