محمد علي السلطاني ||
لا يخفى على احد ماتتمتع به ايران من إرث حضاري تضرب جذوره في القدم ، إرث اثرى الدنيا بشتى صنوف الأدب العلم والمعرفة، وبطبيعة الحال فأن الحضارة لا تحدها حدود ، فهي كشعاع الشمس ينتشر ضيائه في كل مكان وهذه ميزه تتصف بها اغلب الحضارات .
وما ان طرق الاسلام ابواب بلاد فارس، حتى انصهرت تلك الحضارة وذابت تلك الأمة العظيمة في الإسلام ذوبان حبيبات السكر في الماء .
ومنذ ذلك الحين والايرانييون يرفدون العالم الإسلامي بفحول العلماء والفلاسفة والمفسرين واهل النحو والصرف الذين ارسوا قواعد اللغة ، فما من مذهب من مذاهب المسلمين إلا وتجد ابناء بلاد فارس يتربعون على عرشه بما حباهم الله به من محبة واخلاص للنبي وآله صلوات الله وسلامه عليهم اجمعي، وكانوا مصداق لقول رسول الله " لوكان العلم في الثريا لناله رجال من قارس"، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما قال ، والمتتبع اليوم لا يجد امة تسبق الايرانييون بما قدموه للإسلام من علماء ومفكرين وفقهاء وبطون الكتب ورفوف المكتبات تشهد على ذلك ، حتى امست هذه الأمة وهذه الرقعة الطيبة ملاذأ امنا لأهل العلم ومركزأ اشعاعيأ لامعأ للحضارة الاسلامية.
لذلك لم يروق لإعداد الاسلام ان تبقى هذه الامة منصهرة بالدين، ومندكة بالشريعة، مشكلة سدأ منيعا بوجه الأجندة الاجنبية والمطامع التوسعية للغرب في المنطقة عمومأ وفي ايران على وجه الخصوص .
لذا كان الدعم الغربي لشاهات الحكم البهلوي غير محدود، واستطاع الحكم البهلوي مسخ ومحو الهوية الاسلامية لهذا الشعب العريق اذ بالكاد ان تجد مظاهر التدين واضحة حتى في مراكز المدن ذات الصبغة الدينية.
من وسط تلك الدوامة الغربية المنحرفة التي وضع النظام البهلوي إيران فيها بغية طمس الهوية الاسلامية لهذا الأمة وجعلها مرتعأ للشيطان ، بدأ الإمام الراحل مشروعة التغييري الشامل، وقاد ثورة بشعب اعزل مسلح بالإيمان والتوكل، يقابل نظامأ شرسأ منحرفأ تقف اكبر القوى في العالم ظهيرا له، الا ان ذلك لم يثني العزيمة الراسخة لدى الإمام الراحل طاب ثراه، وكان كجده العباس ثاقب البصيرة صلب الإيمان، وكأن الزمن تكرر حيث برز الإيمان كله للشرك والكفر كله ..!
فروح الله لم يكن عالمأ او فقيهأ تقليديأ كأقرانه ، بل كان مشروعأ محمديأ علويأ حسينيأ لإنقاذ الاسلام ولأيقاض المسلمين من سبات دام قرون ، فالمسلمون لم تقم لهم دولة تجعل من الدين والشريعة منهاج عملي للحياة بعد دولة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وعلى الرغم من الصعوبة البالغة والتعقيد والتحدي الكبير الذي واجه الإمام الراحل في قيام وقيادة الثورة، سيما أن أخذنا بنظر الاعتبار عدم كفاءة الطرفين، أمة ابعدتها مشاريع الغرب عن الثورية والاسلام واغرقتها باللهو والملذات، ونظام بعقيدة غربية مدجج بالسلاح ، إلا أن التحدي الحقيقي الكبير كان بعد نجاح الثورة، ومسك مقاليد الحكم، وإدارة الدولة برؤية وقوانين وأنظمة شرعية تواجه الواقع العملي، وتقدم للعالم نموذج حكم اسلامي حديث يبرهن للعالم ان الدين قادر على قيادة الحياة بكل تفاصيلها.
نعم كان تحدي عظيم، وبارقة آمل تعلقت بها قلوب المؤمنين، تحد في تكييف واستنباط وبناء منظومة حكم إسلامية متكاملة في بناء الدولة، مسؤولية عظيمة لا يتصدى لها إلا من ملئ الله قلبه بالإيمان.
لقد قاد الإمام الراحل الثورة والدولة بنجاح منقطع النظير، وكان شعار ( نحن قادرون ) الذي أطلقه كالشمس الدافئة التي بثت الربيع في ربوع الأمة وأعادت لها مجدها وعزها وكرامتها وصدارتها بين الأمم .
فسلام الله تعالى عليك ياروح الله يا امل المستضعفين ومحقق حلم الأنبياء يوم ولدت ويوم رحلت ويوم تبعث حيا.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha