كوثر العزاوي ||
قد كنت "ياخيري علقم" علقمًا عندما أحدَثْتَ مرارة في حلقوم الصهاينة الأرجاس، كما كنت خيرًا حينما أفتَعَلتَ صدمة أطاحت بأدمغتهم لتجعلَ منهم جرادًا منتشرًا يصدم بعضه بعضا! وكان من الصعب على وسائل الإعلام العبريّة تقبّل النتائج الكارثيّة التي أذلَّت جبروتهم وأطاحت بعنجهيتهم، فكل شيء بات مضطربًا في أرضهم وفضائهم، حتى برامج التلفزة تغيّرت وتلكأت، وبات غزير التحليلات والتقارير تستفزهم ليزيد الشعور عندهم بالإحباط، ويتضاعف الإرباك وهم يتابعون نشر معلومات عن البطل المُنفّذ، ليتبيّن أنّه عملَ بشكلٍ فرديٍّ، كما ترددت الاخبار وذكّرت بنو صهيون بحادثة جدّ البطل خيري الذي قُتِل من قبل اليهود في العام 1998 حينما خرج الجدّ المقدسي من منزله في حيّ الطور بالقدس المحتلة قاصدًا عمله، وفي طريقه اعترضه أحد المستوطنين المتطرفين وقام بطعنه حتى الاستشهاد، وبعد أربع سنوات، في العام 2002 رُزق أحد أبنائه بطفل أطلق عليه اسم أبيه الشهيد، ليكبُر ويحمل على عاتقه الثأر لجدّه.
مساء أمس الجمعة، خرج الحفيد "خيري علقم" من منزله قاصدًا الشهادة، ولم يعترضه أحد ليطعنه إنما مضى ليذيق الأعداء علقمَ عملية بطولية نفذها في القدس المحتلة، فقتل سبعة من المستوطنين بمسدس ثأرًا لجدّه، ولشهداء جنين الذين سالت دماؤهم بجريمة وحشية قامت بها قوات الاحتلال قبل يوم ولكل شهداء فلسطين الذين مضوا على مرّ أعوام طوال، وهاهم اليوم يكبّرون فرحًا بهذه العملية لتصبح الحديث الأبرز الذي يتردد في الأوساط الشعبية، مماأثار هذا الحدث حالة من الغيض والتوتّر الشديد الذي يسود مناطق الضفّة الغربيّة! ولاغرو لمثل فارس جنين أن لاينام عن الثأر حتى ردّ الصاع مزلزلًا لكيان الغصب والغدر والنقض والخيانة، وكأنه يزأر كالاسد الغاضب هاتفًا: أن ارحلوا ياأشباه الناس وإن أبيتم الرحيل صاغرين، فلم ولن تعرفوا للراحة سبيلا، فمن لاأصل له لاسيادة له، ومن لاشرف له لاتاريخ له ولن يكون أبدا، كما ليس لكم حق ولا كرامة في الدفاع عن شرعية وجودكم إذ انتم غاصبون لاوطن لكم وأنتم أعداء الله بلا منازع بل الأشد عداوة للذين آمنوا، ولكم يوم قريب لامحالة قادم، ليظهر الله تعالى أمره ويُطهّرَ الأرض من رجسكم ويقطع دابر الكافرين!
فتحية للشهيد البطل العلقم على الكيان الغاصب، ولكل شهداء الحق، واللعنة على كل مغتصِب وعلى كل من يواليه من دون الله، ومهما كتبنا وقلنا في الشهيد فليس هناك مايرتقي إلى وصفه، ولعل اقلّ مايقال فيه أنه هو ذلك الإنسان الرمز الذي يجعل من دمائهِ وعظامه جسرا ليمرّ الأحرار عليه حيث ضفة السلام والعزة، وعلاوة على الحياة الحقيقية التي تبدأ منذ لحظة الشهادة{ أحياءٌ وَلكِن لاتَشْعُرون}
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha