بـدر جاسـم ||
الطف جرح بليغ في وجدان الأمة، وقارورة دم عبيط بين يديها، لا شك فيه أن سطوة الدولة الأموية وأعلامها الممول، بسعيهم الدائم لتحجيم واقعة كربلاء، ثم محوها من ذاكرة الأمة. لقد تأسست مجالس العزاء، لتبث الحزن والأسى على الامام الحسين (عليه السلام)
بدأ المنبر خطواته الأولى بالرثاء على سيد الشهداء (عليه السلام) كرسالة استنكار في تلك الظروف القاسية، وتذكير مستمر بالإمام الحسين(عليه السلام) وما يحمله من قضية إصلاح، لذا أقام الائمة (عليهم السلام) تلك المجالس، وشجعوا عليها، وافاضوا على الشعراء بالعطايا الجزيلة على رثائهم الامام الحسين(عليه السلام) فلم يكن شاعر جعفري إلا وكانت له بصمة في الرثاء الحسيني، حتى قال الشاعر أحمد شوقي لا يزال الشعر رافضياً.
لم يقتصر المنبر على الرثاء فقط، وإنما تطور مع مرور الوقت، ليكون المدرسة المتنقلة، وقناة إعلامية ممتازة، لقد تصدى المنبر للقضايا الفقهية والعقائد، كذلك المشاكل الاجتماعية والثقافية والسياسية، لذا كان عقبة في طريق الانظمة المستبدة، فقد واجه الخطباء المنع والاعتقال و الاغتيال، إضافة إلى المقيمين للمجالس أيضاً، أن للمنبر تأثير كبير على مستوى الأفراد و الجماعات، لأسباب عديدة منها انتشاره الواسع، و قدسيته لانتسابه للأمام الحسين (عليه السلام) إضافة إلى أنه مصدر موثوق و متنوع الاهتمامات.
أن الخطيب الحسيني بما يحمله من علم، وما يحيط به من معرفة، فسوف ينقل المعلومات التاريخية، ويحصن المتلقي فقهياً وعقائدياً، وبهذا سوف يعطي حق المنبر الحسيني، هنالك الكثير من الخطباء كانوا سفراء للقضية الحسينية، والشيخ الدكتور أحمد الوائلي (رحمة الله عليه) خير مثال في العصر الحديث، لكن هناك دخلاء على المنبر بشكل مقصود، لغرض الحط من هذا الصرح المعرفي، و تجهيل المجتمع أيضاً، فمن خلال استغلال المنبر الحسيني لأجل التكسب، إضافة إلى رثاء الموتى بدل الامام الحسين (عليه السلام) حيث يهيج مشاعر أهل المتوفي، بدل الحث على الصبر و الرضا بقضاء الله وقدره، لذا على الخطباء التسلح بالمعرفة، لغرض أداء دورهم الرسالي، كذلك على أصحاب المجالس عدم فسح المجال للدخلاء، لغرض حرف المنبر الحسيني عن دوره الاصلاحي.
المنبر الحسيني نقل حرارة الطف خلال السنوات، إضافة إلى دموع الامام زين العابدين (عليه السلام) كذلك حرقة مجالس الامام علي الرضا(عليه السلام) لقد كان المنبر صاحب إصرار على أداء دورة في أقصى الظروف، كالإمام الحسين (عليه السلام)
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha