نور الدراجي ||
بناء جيلٌ وتنشئة كادرٌ متكامل ومتوازن في شخصيتهِ الاسلامية، قضيةٌ أرقت شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم ( قدس سره) طوال حياتهُ واقلقتهُ أكثر حينما شاهدَ الحملة الظالمة المستهدفة اتباع اهل البيت ( عليهم السلام) تأخذ ابعاداَ عديدة.
حملاتٌ منظمة يقودها سماسرة وتجار التشكيك المتمرسين في قلب المفاهيم والحقائق وتجهيل المجتمعات، والانتهازيون اللذين يصفقون للباطل مثلما يهتفون للحق، ويقودها ايضاً ذوو الاختصاص في تصدير الفكر الملغوم وتفجيرهُ في الأوقات التي يكون فيها الشيعي الموالي أحوج ما يكون إلى وضوح الرؤية ونقاء المفهوم، مما جعل الشاب الشيعي يفتح عينيه على قائمة من التشكيكات الفقهية والعقائدية والسياسية والاخلاقية، وبالتالي تفتت روحهُ المعنوية وتهميشهُ أو اخراجهُ من ميدان الصراع.
التفتتَ ( قدس سره) إلى نوايا الاستعمار والاستكبار العالمي بأطيافهِ وادرك حجم المؤامرة التي تحاك ضد اتباع أهل بيت العصمة والطهارة صلوات الله عليهم اجمعين، وان الحرب حرب على كل الجبهات والاصعدة دون استثناء، وكالمعهود منهُ في شجاعته وإقدامه على اقتحام مواقع الخطر بروح قتالية عالية، حيث أقامَ ملتقاهُ الاسبوعي في داره بقم المقدسة، وهو في قمة الانشغال بالعمل السياسي وبقضية العراق وتداعياتهُ.
في قم المقدسة؛ يعتلي المنبر ويسترسل في محاضرتهُ التي قد تطول لأكثر من ساعة التي تكون مشحونة بفكر أهل البيت ( عليهم السلام ) وتعاليمهم وبيان وتبين ما يريدهُ الله تبارك وتعالى وما يكرههُ، مضافاً إلى بيان ما يدور في الساحة وعلى كل الأصعدة، ومن ثم إعطاء الموقف العملي المناسب في ذلك الوقت تجاههُ.
وبمرور الزمن أمسى شهيدنا الغالي رمزاً يؤمهُ الباحثون عن الحقيقة ومجلسه ملاذاُ يقصدهُ الواعون والحريصون على سلامة عقيدتهم، فقد أيقنوا انهُ ( قدس سره) يغرس فيهم روح الإسلام المحمدي الأصيل، ويغذيهم بسلاسة طرحهِ وعمق استدلالهُ، لقد كان بحق جنديا وقائدا فذا في معسكر التبيين ( جهاد التبيين) تبيان للمفاهيم الإسلامية السامية في مختلف المجالات، مهمة عظمى عمل بها الأنبياء والاولياء لإنقاذ البشرية من الغزو الفكري والذهني المناهض لتعاليم السماء، وهذا ما يجري في واقعنا المعاصر، وكان مجاهدا وقائدا ثوريا يشهد له القاصي والداني في مقارعة النظام العفلقي الصدامي المقبور.
في الثلاثين من آب ٢٠٠٣ م الاول من رجب ١٤٢٤هج، صَدمَ العالم الإسلامي بانطفاء نور من الانوار المحمدية الحسنية الحسينية و الثائرة، فبعد انتهائهُ من صلاة جمعة وخروجهُ من الصحن الحيدري الشريف تعرض موكب سماحتهُ لعملية تفجير ارهابية، قام بها القتلة بواسطة سيارة مفخخة، أدت الى استشهاده ِ وتناثر اشلاء جسده الطاهر، وسفك دمائهً الزاكية في شهر حرام وبقعةٌ مطهرة، لتروي تلك الدماء النهج الرسالي نهج محمد وآل محمد صلوات الله عليهم اجمعين.
بجريمتهم النكراء، ظنوا ان المسيرة الحسينية الاصيلة ستنكفئ وتتهاوى، لكنهم نسوا او تناسوا، ان شهيد المحراب الخالد السيد محمد الحكيم (قدس سره) حيٌ في ضمائر وقلوب المؤمنين الغيارى على عقيدتهم الحقة، المخلصين لطاعة امام زمانهم والممهدين لدولتهِ العالمية العادلة، وان دمهِ سيكون شعلةٌ وضاءةُ يقتبس منها الأحرار السائرون على نهج الولاية، فسلاماَ على شهيد المحراب الخالد المجاهد في الله حق جهاده ُ في ميادين التبيين ومقارعة الظالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha