اسامة القاضي ||
من عادة الكيان "الإسرائيلي" عبر تاريخه المشؤوم، انه لم يهدد ابدا "اعداءه"، بل ينفذ كل ما يستطيع تنفيذه ضدهم دون ادنى تردد، بل انه في اغلب الاحيان لم يعترف بما نفذ. وكل ما فعله حتى اليوم من عدوان، لم يكن انطلاقا من "قوته الذاتية" فقط، بل من التنسيق الوثيق، ومن الدعم المطلق وغير المحدود، الذي يتلقاه من الغرب وعلى رأسه أمريكا.
منذ سنوات، لم يعد الكيان "الإسرائيلي"، صامتا كما في السابق، عندما كانت طائراته وصواريخه تتحدث بدلا عنه بلغتها الخاصة على الارض، فقد أضحى لا يهدد فحسب، بل أصبح من كثرة تهديداته عنوانا للثرثرة، وثرثرته هذه باتت مادة للسخرية والتندر، حتى في إعلامه وصحافته.
وآخر حفلات الثرثرة لزعماء الكيان الإسرائيلي، كان عريفها، رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، الذي قال في كلمة ألقاها يوم أمس الثلاثاء في معهد دراسات "الأمن القومي الإسرائيلي" التابع لجامعة تل أبيب، ونقلته صحيفة "جروزاليم بوست"، ان :" مستوى الاستعداد لعملية في إيران قد تحسن بشكل كبير، وسأقول أكثر من ذلك، سيكون الجيش الإسرائيلي جاهزا لليوم الذي يتم فيه إصدار أمر بالعمل ضد البرنامج النووي وسينجز المهمة التي يتم تكليفه بها".
ترى ما الذي حصل لـ"إسرائيل"، التي اعتادت تجنب الإعلان عن مسؤوليتها إزاء ما تنفذه من هجمات، ان تثرثر بهذا الشكل البائس، وتتحدث ومنذ اكثر من عقد من الزمن، عن نيتها شن هجمات على ايران، وعن اجرائها مناورات مع امريكا والغرب استعدادا للهجوم على ايران، بل انها باتت تتحدث عن مواعيد تقريبية لهذا الهجوم؟!.
والذي حصل هو ان ايران، جعلت من طائرت وصواريخ "إسرائيل"، تلوذ بالصمت وتبلع لسانها الطويل، وجعلت في المقابل زعماءها يثرثرون. ايران جعلت "اسرائيل" تعرف ولاول مرة حجمها الحقيقي، وانه لم يعد بمقدورها، إتكالا على امريكا والغرب، ان تهاجم وتعتدي، دون رادع، وان تبدأ الحروب وتنهيها بإرادتها هي فقط، فهذا الزمن قد حذفته ايران من تاريخ "إسرائيل" والى الابد.
تعترف اسرائيل من خلال هذه الثرثرة بعجزها وعجز حلفائها على مهاجمة ايران، فالجميع بات يعلم ان مهاجمة ايران، تعني ان على الغرب ان يقيم المآتم على "روح" الكيان المزيف الذي زرعه في قلب العالم الاسلامي، منذ اكثر من سبعين عاما.
السعودية تتباكى على الأقصى .. لولاء الكيان الإسرائيلي لما شنت حربا عدوانية ضد بلد عربي شقيق.؟!
بيان الخارجية السعودية اشار الى وقوفها الى جانب الفلسطينيين، فی الوقت الذي تعرض الفلسطينيون لظلم الاشقاء اضعافا مضاعفة مما يتعرض له من ظلم الصهاينة، فلولا ظلم الاشقاء لما تجرأ مخبول مثل بن غفير ان يتحدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وهو يدنس اقدس مقدساتهم، تحت حماية الحكومة التي يتسابق عرب التطبيع لكسب ودها، وعلى رأسهم السعودية.
ان العالم اجمع، وفي مقدمتهم الصهاينة انفسهم، يعلمون انه لولا تشجيع السعودية لما طبعت الامارات والبحرين والسودان مع الكيان الاسرائيلي، وهذه الحقيقة اعترف بها نتنياهو صراحة، والذي اكد اكثر من مرة ان تطبيع السعودية مع كيانه ليس سوى مسألة وقت.
بل انه لولا السعودية، لما تغولت "اسرائيل" واعتدت بهذا الشكل السافر على سوريا والعراق ولبنان واليمن والفلسطينيين، بل ان المتابع لمواقف وسياسات السعودية من قضايا المنطقة، وخاصة القضية الفلسطينية، لا يفرق مطلقا بين هذه المواقف ومواقف "اسرائيل"، فأعداء "اسرائيل"، هم بالضرورة ، اعدء السعودية، بدءا من حماس والجهاد الاسلامي، ومرورا بحزب الله، وانتهاء با انصارالله والحشد الشعبي.
اما مواقف "اسرائيل" والسعودية من محور المقاومة، فهي مستنسخة، فهناك عداء موحد ضد ايران والاتفاق النووي، وضد سوريا ولبنان واليمن والعراق، وفي المقابل هناك تاييد مشترك ولافت للحصار ضد ايران وسوريا ولبنان واليمن، وللجماعات التكفيرية وعلى راسها "داعش"، وللتطبيع والخضوع امام العنجهية الاسرائيلية، الى الحد الذي ادرجت السعودية المقاومة الفلسطينية واللبنانية، على قائمة الارهاب ، وتصف مقاومتها للعدو الصهيوني بـ"المغامرة" و"العبثية".
اليوم عندما تشجب السعودية "اسرائيل"، فهي تعتقد ان هناك من سيصدق اقوالها وينسى افعالها، بينما حتى الانسان الساذج، يعلم انه لولا دعم السعودية لما وجه سفير الامارات في "اسرائيل" محمد ال خاجه، دعوة رسمية للارهابي المجرم بن غفير للمشاركة في احتفال السفارة الاماراتية بعيد الامارات الوطني، واخذه بالاحضان امام الكاميرات. بل انه لولا "اسرائيل" لما شن محمد بن سلمان حربه العبثية الكارثية ضد بلد عربي شقيق ومسلم، منذ ثماني سنوات، دون ان تكون فيه للسعودية ناقة ولا جملا.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha