المقالات

من البصرة الى برلين..!


عبدالزهرة محمد الهنداوي ||

 

(٨) الاف كيلو متر،  هي المسافة الفاصلة بين مدينة البصرة العراقية، وبرلين الالمانية، ورغم هذه المسافة الطويلة، الا ان المدينتين تتشابهان وتشتركان في بعض صفاتهما،ومنها عدد النسمات ، اذ يبلغ سكان كل منهما نحو (٣) ملايين ونصف المليون نسمة، كما تمثل كل منهما مركزا اقتصاديا وسياسيا وتجاريا مهما للبلدين، وتشترك المدينتان في ان كل واحدة منهما تمثل احدى اكبر ثلاث محافظات او ولايات في المانيا والعراق، وثمة قاسم اخر تشترك فيه البصرة وبرلين الا وهو حرف (الباء - B) فكلاهما يبدآن بهذا الحرف,  الذي يعد الحرف الثاني، في كل من اللغتين العربية,  والالمانية، ولعل هذه المقارنة البسيطة بين البصرة العراقية وبرلين الالمانية، لم تكن بهدف بيان القواسم المشتركة بين المدينتين، ولكن اردت من خلالها التوطئة، لقضية اهم، اذ كان للمدينتين خلال الايام الماضية دورا ذا اثر كبير في المشهد العراقي برمته، بل اكثر من ذلك حتى العربي، وربما العالمي ايضا، فالبصرة قد رسمت صورة جديدة للعراق، عبر النجاح المبهر، وغير المسبوق في تنظيم بطولة خليجي (٢٥)،  ومن خلال هذه الصورة، فُتحت افاق واسعة، ستكون ثمارها كبيرة على العراقيين، ثمار اقتصادية وسياسية وتجارية وسياحية، واجتماعية، تسهم في خلق حالة من الاستقرار الكبير في العراق والمنطقة، ولعل اولى هذه الثمار، تحسّن مستوى الجواز العراقي على مستوى العالم، فقد اذهلت البصرة والبصريون العالم اجمع ، فيما قدموه من  كرم ودقة في التنظيم واجواء مستقرة وآمنة،  الصورة التي رسمتها البصرة، بددت تلك الصورة القاتمة التي رسمها الاعلام العربي للعراق على مدى ٢٠ عاما مضت، فعاد هذا الاعلام، ومن البصرة، ليقدم صورة  العراق الحقيقية، صورة جعلت الدنيا كلها تستشعر عظمة هذا البلد ، وقدرته على العودة لممارسة دوره "الجيواقتصاسياسي"، هذا الدور سينطلق  من البصرة، عبر مينائها الكبير، ودورها المتعاظم الذي سيمثل نقطة عالمية مهمة في التعاملات التجارية  والمصالح الاقتصادية بين الشرق والغرب، وصولا الى اوربا، ومن هناك الى برلين، التي استقبلت رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اذ تعد هذه الزيارة خطوة مهمة في طريق تفعيل التعاون المشترك بين البلدين، لاسيما من جهة القدرات الالمانية الهائلة، وتعطّش شركاتها العملاقة الى العمل والاستثمار في العراق، في مجال الطاقة، ومجالات اخرى كثيرة، ويمكن للعراق ان يستثمر امكاناته فيما يمتلكه من قدرات نفطية وغازية، في ظل ازمة الطاقة التي تشهدها اوربا، متأثرةً بتداعيات الحرب الروسية- الاوكرانية، وهنا يمكن للجانبين وضع آلية مناسبة، يمكن من خلالها الاتفاق على تزويد المانيا بالنفط ، مقابل دخول شركاتها الى الاستثمار في مختلف القطاعات التنموية، وفي مقدمتها الكهرباء، التي مازالت تمثل عقبة كأداء تواجه الحكومة، وتنغص عيش العراقيين في الشتاء والصيف، ولذلك فأن وجود المانيا،  عبر تفعيل مذكرات التفاهم التي جرى توقيعها بين الجانبين خلال زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء، تمثل فرصة مهمة لتغيير المشهد العراقي، من حيث تحسين مستوى الخدمات في مجال الصحة والتعليم والسكن والبنى التحتية، والصناعة التحويلية والزراعة، وتوفير فرص العمل، والخروج من متلازمة ازمة الطاقة الكهربائية على مدى عقود من الزمان.

ولكن في المقابل فاني اعتقد ان هناك الكثير من العقبات التي ستطفو على السطح، لارباك او عرقلة او على الاقل تأخير جني ثمار ماتم غرسه في البصرة وبرلين، اذ من المؤكد  وجود جهات داخلية وخارجية، لايرضيها مثل هذا التطور الايجابي في العراق، لذلك فانها ستسعى الى اثارة المشكلات هنا وهناك، لافراغ ما تحقق في البصرة وبرلين من محتواه.

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك