محمد المالكي ||
في يوم ١١/١/٢٠٢٣ وفي الساعة ٦:٣٠ صباحاً وحتى الساعة ٩:٠٠ صباحاً، بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، توقف الطيران في كامل الولايات المتحدة الأميركية، وتأثرت مطاراتها، بسبب عطل في نظام NOTAMs وهو أختصار ل( Notice to Air Missions) والذي يعرف بنظام تنبيه المهمات الجوية، حسب ما صرحت به إدارة الطيران الفيدرالية FAA، فإن إنقطاع نظام الكومبيوتر، هو ما تسبب بتوقف هذا النظام، فما هو نظام NOTAMs؟
نظام NOTAMs ، هو نظام يقوم بإرسال تنبيهات السلامة التي تخص الطيران، وهو ضروري لتخطيط الرحلات الجوية، من وإلى المطارات حول العالم، وتشارك معلومات بشأن المطارات، من غلق وصيانة ومعلومات عن المعدات والخدمات فيها، وأيضاً المسارات الجوية وقيود المجال الجوي للبلدان، وإضطرابات الإشارات الملاحية، وكل ما هو ضروري للرحلة الجوية من معلومات، ويكون ضرورياً لتجنب المخاطر في الجو أو على الأرض، وعادة تكون على شكل لغة تقنية خاصة، يصعب تحليلها لغير العاملين في مجال الطيران، كالمرحلين الجويين والطيارين والمراقبين الجويين وغيرهم.
وكانت قد صرحت شبكة CNN الأميركية، أن العطل التقني قد تسبب في تأجيل نحو ٤٠٠٠ رحلة، وإلغاء أكثر من ٧٥٠ رحلة أخرى، من وإلى الولايات المتحدة، وهنا نتسائل، هل كان سبب هذا العطل المفاجئ والنادر، هو هجوم سيبراني؟ ففي نفس الوقت الذي توقف فيه الطيران، أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يتابع قضية أيقاف الرحلات، مشيراً إلى أنه "لا دليل على هجوم سيبراني حتى اللحظة"، وقال بايدن: بإمكان الطائرات الهبوط بسلام، لكن لا يمكنها الإقلاع بسبب العطل التقني.
مما لاشكّ فيه، عند إلقاء نظرة سريعة حولنا، في هذا العالم المشتعل، نرى أن القوى العظمى العالمية في صراع محتدم، يكاد أحدهم أن يفني الآخر، فمن الصراع الأميركي الصيني، والصيني الهندي، إلى الصراع الكوري الشمالي مع الجنوبي واليابان، بعيداً إلى الصراع الأوروبي الروسي، حول أوكرانيا، عدا عن الصراع الدولي حول سوريا، وما الحروب الإقتصادية وإنهيار العملات عنّا ببعيد، فنستطيع أن نقول أن المعسكر الغربي و الشرقي، قد بدءا بالتناطح، كثورين هائجين، قد أثارا غباراً قد لا ينجلي، إلّا بهلاك أحدهما.
في ظل هذا الصراع العالمي، الذي قد يتطور إلى حرب عالمية مدمّرة، لا تبقي ولا تذر، بدأت الحروب الصلبة تشتعل في أكثر من جبهة، فأوكرانية والتدخل البولندي، والتحشيد البيلاروسي، وكذلك تصاعد التوترات العسكرية، لصربيا مع كوسوفو، في أوروبا، والصراع الأميركي الأيراني في الخليج، والتصادمات الصينية الهندية على حدود تلك البلاد، إلى التهديدات الكورية الشمالية لجارتها الجنوبية واليابان، وكذلك الصينية التايوانية، ولا ننسى الأتراك والعداء المستمر لأكراد سوريا والعمليات العسكرية هناك، كلها نماذج لما وصل إليه هذا النظام العالمي المتهالك، والذي يوشك أن ينهار.
بعد تصريح رئيس الولايات المتحدة، بايدن، حول عدم وجود دليل، على هجوم سيبراني، في قضية توقف الطيران في أميركا، قد نُبعد عن هذه القضية، أحتمالية معركة إلكترونية سيبرانية، في هجوم قد أدى إلى تعطل هذا النظام، والذي يُعد نادراً، إن لم نقل أنه لم يحصل سابقاً، لكن الغريب في الموضوع أن بعد ساعات من تعطل الملاحة الجوية في أميركا، أعلنت سلطات الطيران المدني في كندا، أن عطلاً مماثلاً قد حصل في نفس النظام، لكنها تمكنت من تجاوز العطل في النظام، حيث لم تؤثر على حركة الطيران.
في ظل تصريحات رئيس الولايات المتحدة، في إبعاد إحتمالية هجوم سيبراني، قد يكون روسياً، نقول على العكس، فإحتمالية هجوم سيبراني هو الأرجح، فقد يكون رداً روسياً على ما تقوم به أميركا، من إدخال أسلحة نوعية وثقيلة، كمساعدات لأوكرانيا، لكن عدم قدرة أميركا على رد هذا الهجوم السيبراني، دفع الرئيس الأميركي بنفسه للتدخل والإدلاء بالتصريحات.
إن خطورة هذا الموضوع، يكمن فيما قد يتعرض له أمن العالم بأجمعه، فقد تتطور الصراعات العالمية، إلى ضرب كل المجالات الحيوية للخصم، وتجاوز كل الخطوط الحمراء، وما كان محظوراً في السابق، قد يصبح بين ليلة وضحاها، مستباحاً.
مستقبل الطيران المدني العالمي في خطر محدق، لاسيما وأنها بالفعل، قد نالت منها مخالب هذا الصراع، فعلى الأنظمة العالمية الحديثة والمتطورة، أن يبدأوا من الآن، بالجعل من الأنظمة القديمة، والتي كانت أقل تطوراً، وكانت لا تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، أنظمة بديلة في حال تطور هذه الصراعات، والتي قد تؤدي إلى توقف تام وكامل للطيران المدني في كل العالم، في حال إشتعال نيران حرب عالمية ثالثة، قد تغيّر ملامح وجه العالم، الذي نعرفه اليوم.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha