كوثر العزاوي ||
أربعة أيام وليالٍ فاطمية مرّت كما البرق في رحاب كربلاء العطاء والوفاء وتحت أفياء "مهرجان روح النبوة العالمي" بنسخته الخامسة، وشعاره الموسوم {السيدة الزهراء ألقُ المآثر وربيعُ المفاخر} الذي تقيمه العتبة العباسية كل عام بذكرى مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء "عليها السلام".
صورٌ ومشاهد وصروح خدمية شامخة ظلّت عالقة في ذاكرتي، وخلاصتها: ثمة منجزاتٍ ضخمة لم يسلِّط الإعلام الضوء عليها إلّا ماأظهرته الأقلام والكاميرات عاشت في قلب الحدث ولامَست وقائعه عن كثب حية نابضة، فقد حقّقت نجاحات فعلية خدمية تنحني لها الرؤوس دهشة وإجلالًا، حيث عمِل أولئك المنشِئون لها والمشرِفون عليها في الظل منذ سنين طوال لايسأل أحدهم أجرًا ولامَدحًا حتى بلغت من الشموخ مايُبهِر القاصد لها والناظر والمتطلّع إلى مرافقها المتنوعة الفاعلة في مجالاتٍ عِدّة، وأنت تحلّ ضيفًا مكرّمًا عزيزًا فتنتقل من محطة إلى أخرى، بدءًا بمجموعة العميد التعليمية بمدارسها ورياضها وكلياتها، مرورًا بجامعة الكفيل وأقسامها العلمية والدينية والإنسانية وحدائقها ذات البهجة والجمال، حتى تحطّ الرحال في فناء مركز الصديقة الطاهرة عليها السلام للنشاطات النسوية، والحق يقال والامانة تُنقل بلا طلب ولا سؤال: أنّ كل صرح من تلك الصروح ينافس الآخر في الفخامة والجمال، والخدمة والتقدير، وكلها بعض من قائمة مشاريع مباركة تتبناها العتبة العباسية المقدسة بإشراف المتولي الشرعي سماحة السيد الجليل
"احمد الصافي" والتي تهدف إلى إلى شحذ الهمم واستنهاض العزائم سيما النساء وماينسجم مع مكانة المرأة في كافة الميادين العملية والمجالات الحيوية التي تتوافق مع تعاليم الدين الحنيف وأهداف ورؤى نهج العترة الطاهرة، ولعلّ أبرز مظهر جدير بالإعجاب والتبجيل هو ذلك الحضور المحض "للمرأة الفاطمية" الزينبية، حيث الاحتشاد المنظّم، واستنفار الطاقات، فهي الإدارة والتنسيق والإشراف والتشريف والخِدمة والتوجيه والحركة الدؤوب!! كما هي ذاتها المرشِدة والعريفة والقارئة والباحثة والمقرِّرة والرئيسة والشاعرة والمراقِبة والمرافِقة، إنها المرأة "القائدة" في فضاء مهرجان "روح النبوة" الخاطف للأبصار، ماأبهرَ تنوّعه الحضور الكرام، وأدهش تنظيمه الضيوف من داخل العراق وخارجه من دول عربية وأجنبية، مايُثبِت
أنِّ النساء في كلِّ مجتمعٍ بشريّ قادرات على أن يجدن الفرصة ويصنعنَ فضاءً حقيقيًا لبذل الجهد والتسابق في مجال التقدّم العلمي والاجتماعي كما هي القدرة على البناء والإدارة، والإرتقاء بمبادئها وقيمها ظاهرًا ناصعًا في زمن تكالبَ فيه الأعداء على مسخ هوية المرأة المقدسة وتهميش دورها الفاعل والمؤثر بعد أن أصبح شغلهم الشاغل ضرب قلب المجتمع وشلّ عقله النابض الذي تمثله "المرأة" من خلال توجيه أجنداته المحمومة عبر مشاريعه المسمومة في موارد مهمّة
وفي جوهر البُنية التحتية للأخلاق!،
ومن هنا ينبغي تسليط الضوء على هذا النجاح الجماعي الكبير الذي حظي بالإعجاب ونال الاستحسان من قِبل شريحة كبيرة من النساء ذوات القامات والمقامات من دول العالَم المختلفة، ونحن مبتهجون فخورون به أيضا، إذ لمسنا ذلك لمس اليد وشاهدنا بأمّ العين وارتأينا من الواجب توثيق الحدث، ولَكَم تمنّينا توسيع الرقعة الجغرافية لتمرير تلك الانجازات النوعية الباهرة خِدمة للأجيال القادمة،
ولأنّ العمل على هذا النحو ضروريًا جدا لما له من قدرة على تفعيل الطاقات وتحريك مكامِن القدرات التي أولاها الباري عزوجل للإنسان إسنادًا للمجتمع ورفد عجلة الإصلاح، علاوة على ملأِ الفراغات وسد النقص المحسوس لدى البعض من النساء عبر أداء المهام الملقاة على عاتقها وقد غفلت عنها لأيّ سبب كان، وبعد أن شاهدنا ولأربعة أيام متتالية ونحن في أجواء وقائع المهرجان الرائعة، عاد لنا الأمل والتفاؤل، بأن هناك من يهتم بشؤون البناء والتغيير، كما أن المرأة جديرة بأن تمارس جميع النشاطات المتعلقة بالمجتمع البشري ونشاطات الحياة المختلفة، وهي القادرة على صناعة الإنسان وتمكين الذوات، وتستطيع أن تأخذ دورها وبكل ثقة والتزام في تنمية وإعداد نفسها والارتقاء بالآخرين في كافة الفروع والتخصّصات العلمية والثقافية والدينية، وماذلك سوى جزء مهم من التمهيد لقيام دولة العدل المنتظَرة، والذي يقتضي مشاركة الجميع نساءًا ورجالًا وبالأخص الادوار التي تلائم طبيعة المرأة المنسجمة مع تعاليم القرآن والعترة الطاهرة"سلام الله عليهم"
«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»التوبة- ١٠٥
٢٢جماد الآخر١٤٤٤هج
١٦-١-٢٠٢٣م
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha