عباس الاعرجي ||
بادئ ذي بدأ ، سأتحدث معكم اليوم وفي هذا المقال بالخصوص ، بصراحة مفرطة ولربما فيه زيادة قليلة عن اللزوم ، رغم أنني من المعجبين بنظرية خير الكلام ما قلَّ ودل .
لأن تجربة غض الطرف المشؤومة عن ما دار ويدور ، وتكميم الافواه والتلويح بإشهار سيف الخروج عن الملة ، التي عشناها سابقاً ، أصبحت ممجوجة ورائحتها تزكم الانوف وبانت عوراتها ، ولا يمكن إطلائها في هذه المرة ، بطلاء الخديعة والدجل والتحايل .
بسبب أن مسار الحياة والتطور وكل ما موجود في هذا الكون ، قد تغير بالكامل وليس بمقدورنا إرجاع ربع عقرب من عقاربه الى الوراء .
فمن منطلق هذا التغير الذي أسعفنا مشكوراً ، بزيادة جرعة إضافية لكنها مركزة من الجرأة في الطرح ، وعدم المبالات للمتصيدين بالماء العكر ، والعابثين بإعدادات قانون السماء .
فسهام حديث اليوم موجه بالدرجة الاولى ، الى الكتاب والنقاد والمثقفين والى من سار على خطاهم ، وبوسعنا أيضاً توسيع دائرة المساهمة والمشاركة لبقية أفراد الشعب ، لو أنهم طمأنونا إنهم ليسوا من صنف الأنعام .
فإلى هنا أعتقد أننا أثقلنا على القارئ ، وقد حان وقت الأستشهاد ببيت القصيد وعذرا لطول الانتظار ، وإن كان الحديث قد ولست متأكداً ، سيهيج المواجع ويرهق الابصار .
فالدولار يا سادتي يعني الاقتصاد ، يعني دورة الحياة ، يعني إما أن يقودنا ونحن العبيد ، أو نقوده ونحن الاسياد .
يا معشر الانس والجن إن ارتفع الدولار وعَلَتْ كفة ميزانه ، وتوارت كفة غريمه الدين تحت الميزان ، فنجوم السماء أقرب لنا ولكم ، من أن ترون ونرى للدين بقية أتباع وأنصار .
الدولار إن ارتفع يا أهلي وناسي ويا بعد بيتي وغلت الاسعار ، غلى بغلائها الطيب والمعشر والبسمة والصحبة والاخوان .
بل سيخيم الحزن وتشب النيران بين جوانح النساء ، وتغادر الضحكة والبراءة والعفوية وجوه الاطفال ، ويحل محلها البؤس والفقر والحرمان ، وسيودعون فرحة العيد ، بإنشودة ... رد يا عيد مالي بجيتك فرحة .
ما تدري عشت حسرات .
كل ساعة انذبح ذبحة .
وما تدري عشت مطرود .
كل مصة بثدي نطحة .
وسترون الناس حيارى يتقاتلون فيما بينهم على أقراص الرغيف ، وتسود المجتمع حالة من الرعب والخوف والانهيار .
وليس هنا مكمن الخطر الذي لا يغتفر ، بل الخطر كل الخطر فيما لو طالت الفترة ، وأصاب الجفاف أشجار العفة والطهارة والشرف ، وازدهرت بالجانب الآخر أسواق النوادي والملاهي واشتد التنافس بينهم بتخفيض الاسعار .
هذه هي الحقيقة وهذا هو الموجود والواقع على أرض الواقع ، وما ترونه في الشارع من مظاهر وسلوك وشعارات دينية ، فهو الكذب بعينه والنفاق بأبهى صوره ، وهي بالتالي محاولات بائسة بمثابة أقراص مخدرة ليس إلا ، وإن عطروها وجمّلوا وجهها الكالح .
فلتعقر أقلام كتاب الثقافة صدقاً وبدون مجاملة أو موارات بُرهة قصيرة من الزمن ، ولتسترخي في غوامدها ، ريثما تجد حلاً لنا بعد الاسترخاء وتختار أيَّ كفتي الميزان تختار .
الدين أم الدولار ...
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha