المقالات

الايزيديين انصاف بعد ظلم طويل


الشيخ الدكتور حيدر الشمري||

 

 مركز تاج الحضارة الثقافي

 

ليس التنوع البشري ظاهرة طارئة في الوجود التكويني للخليقة وانما كل الظواهر على وجه الارض تشير الى اصالة التنوع، ففي كل جنس ثمة تنوع واختلاف، فلا الحيوان ولا النبات ولا الجماد على نوع واحد، وجميع الانواع تنماز بخصوصيتها واختلافها عن الاخرى، وهي تتكامل في مسيرة واحدة، وهذا ما اشار اليه القرآن الكريم بقوله تعالى (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين).

 وان اجمل ما يزين الشعب العراقي اصالة تنوعه، الذي هو ليس صفة طارئة فيه اقتضتها الظروف التاريخية او السياسية او الديمغرافية كما هو في اوروبا وأمريكا، بل ان الجميع قد امتزجت طينته بهذه الارض منذ مئات ان لم نقل آلاف السنين، حتى اصبح جزءاً من هذه الارض وتاريخها واليها ينتمي، ولكل واحد منهم حقوقه وواجباته، وليس وجود الايزيديين ضمن هذه الخارطة البشرية والتنوع الانساني في العراق الا أنموذجا لأصالة التنوع البشري العراقي، وما هذا التنوع الا ميزة تضم الى مزاياه، إذ تعارفوا وتعايشوا على هذه الارض لسنين طوال.

وقد وضع القران الكريم قواعد افضت الى ادارة التنوع البشري، والتعايش السلمي بين هذه المجتمعات المتنوعة، بقوله  تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، هذه الآية التي تتضمن عدة مبادئ كلية تصوغ العلاقات بين بني البشر، إذ هي خطاب إلى الناس كافة، فبعد ان كان الخطاب الى المؤمنين تغير الخطاب الى الناس كافة، وهي تذكر البشر جميعا أنهم خلقوا من ذكر وأنثى وفي هذا إقرار بوحدة الأصل الإنساني الذي يمهد لقبول التعدد والتنوع، وبعد التأكيد على وحدة الأصل الإنساني جاء الإقرار بمبدأ التنوع، فوحدة الأصل لا تقتضي أن يعيش الناس في مجتمع واحد وإنما هم يتفرقون شعوبا وقبائل، وهذا المفهوم هو الذي يؤطر العلاقة بين البشر دون بقية المفاهيم.

وليس هذا فحسب فقد أكد القرآن الكريم على شرعية هذا التنوع واحترامه، وعده منطلقاً اساسياً في العلاقة بين المسلمين وبين غيرهم، إذ قال (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، فهكذا كانت سيرة النبي صلى الله عليه وآله في تعامله مع الذين لم يؤمنوا بدعوته من الاديان الأخرى، اذ لم يجبرهم على شيء الاعتقاد به ولا بشريعته، بل احسن اليهم وجعلهم في ذمة الاسلام، وهكذا كان فعل امير المؤمنين مع الاقليات الدينية التي كانت ايام حكومته، فهو لم يقبل لرجل كبير أن يتكفف ويسأل الناس لكونه غير مسلم، وأمر صاحب بيت المال أن يجري له راتبا شهريا من بيت المال.   

وما قرار الحكومة العراقية بتمليك الايزيديين أراضيهم الا امتثالاً لأمر الله جل وعلا، وعملاً بشريعته، واقتداءً بسيرة النبي صلى الله عليه وآله، ونهج علي بين ابي طالب عليه السلام، فقد كان قراراً وطنياً، أكد للجميع ان الاسلام يقود الحياة، بعد ما عجزت كل الحكومات منذ قرابة 50 عاماً عن انصافهم واعطائهم حقوقهم بتمليكهم أراضيهم التي ولدوا ونشأوا وتربوا عليها.

 

ــــــــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك