المقالات

الاستبداد بالرأي..!         


عباس الاعرجي  ||

 

بسم الله الرحمن الرحيم  .

( قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ) .

 

هذا ما قالته بلقيس ملكة سبأ على أشراف قومها ، طالبةً منهم الإفتاء والمشورة والنُصح ، على ضوء رسالة وردة إليها ،  من نبي الله سليمان .

فالقرآن الكريم كتاب ختم الله به الكتب ، وهو دستور الخالق لإصلاح الخلق ، وقانون السماء لهداية الأرض .

تعددت وسائل القرآن الكريم في إيصال رسالته إلى الناس ، وتنوعت أساليبه في إقامة الادلة والبراهين التي يسوقها لإثبات مقاصده .

وأسلوب القصص في القرآن الكريم ، يُعد من أهم وسائل التواصل والإقناع والتأثير على بني البشر . وما من شيئ أشد أثرا على النفوس من أسلوب القصة ، لذا اعتمد القرآن على إيراد الموعظة وغيرها بنحو القصة ، لأنها تعطي دليلا حسياً وملموسا لمن يسمعها ؛ فالقصة القرآنية منطوية على الحق المطلق لقوله تعالى : ( إن هذا لهو القصص الحق ) وقوله تعالى ( ومن أصدق من الله حديثا ) .

فقد خلّد القرآن الكريم ، ملكة سبأ ، وتعرض لها دون أن يمسها بسوء ، ويكفيها شرفا ، أن ورد ذكرها في كتاب منزل من لدن حكيم عليم  .

فذكرها في آخر الكتب السماوية ، هو تقدير للمرأة هذا أولاً ، ثم إقراره برفض التفرعن واحتكار الرأي ثانياً .

فهي لم تكن كبقية الملوك متسلطة في أحكامها ومستبدة بآرائها ، لا تقبل النقاش او المشاركة ، بل كانت كما أجرى الله على لسانها " ما كنت قاطعة " وهذه الصفة توحي وبقوة بأن ذلك دأبها وعادتها معهم ، فكانت  ديمقراطية بحق في إدارة نظام الحكم ، لا تخاطر بمصالح قومها بالإستبداد ولاتعّرض ملكها لمهاوي أخطاء المستبدين ، فهذه الصفات هي التي أسعفت الملكة بلقيس في كثير من المواقف الصعبة والمحن الشديدة .

ففي هذه الآية دليل واضح وصريح على صحة المشاورة وعدم التفرد بالرأي ، وقد قال الله تعالى لنبيه ( صلوات الله وسلامه عليه) : " وشاورهم في الامر" .

إن ملكة سبأ ما كان لها هذا الشأن العظيم لولا إتصافها بمبدأ ونظرية (حتى تشهدون )  .

فمن هذا المنطلق القرآني ، وبهمة الخيرين والمجاهدين ، وبقوة الإحساس بالمسؤولية ، ندعوا الاحزاب والتيارات والمنظمات الاسلامية كافة، إلى تأسيس مجلس شورى ، كما هو الحال في معظم الدول المتقدمة - يقع على عاتقه رسم السياسات والخطط الآنية والمستقبلية ، للحيلولة دون انهيار وسقوط دولة الشيعة في العراق .

فكما حافظة بلقيس على دولتها بمبدأ ( حتى تشهدون ) سنحافظ نحن أيضا وبكل تأكيد على منجزات وتضحيات وعذابات ال(٥٠ ) سنة الماضية .

فيما لو تمسكنا بهذا المنهج القرآني ، الذي جاء على لسان هذه الملكة .

ولنسعى بكل ما أوتينا من قوة ، إلى لملمة الشمل( اي شمل الأحزاب وغيرها ) وجمع الشتات تحت سقف واحد ، وتحت شعار ( وأمرهم شورى بينهم ) .

وإذا صعب علينا هذا الأمر ، فلنعلنها فصيحة واضحة صريحة ، أنْ ياشيعة العراق ليس لنا من منجي ومنقذ في ظل التقلبات السياسية العالمية ، إلا الانضمام والانصهار تحت خط ولاية الفقيه ، كما نادى بها مرجعنا الشهيد باقر الصدر .

 

ــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك