المقالات

‏ عندما يطرد الوطن أهله..؟!


إيفان العودة ||

 

من الصعب أن نجد تعريفا جامعا مانعا لمعنى الوطن، لأنه مفهوم يتداخل فيه البعد الإنساني والقانوني والمصلحي.. ففيه يشعر الإنسان بدفء الانتماء، ولا يرى ذاته إلا من خلال الانتماء لوطن، يشعر فيه بالكرامة والمساواة والاعتزاز بالذات.. وطن يعتز به مواطنوه، وبه يفاخرون ولصالحه يقدمون أغلى الأثمان، والتضحيات الجسام.

هذا في ظل وطن يساوي بين جميع مواطنيه في الحقوق والواجبات، ويحتضن آمال وتطلعات ساكنته.

لكن عند ما يتحول الوطن إلى غابة، يضطهد فيها القوي الضعيف وتستحوذ القلة فيه على مقدرات البلد، تهمل المصالح العليا للوطن وومواطنيه وتلغى بشبابه في دروب الإهمال والتردي، فعندها فقط تصبح الوطنية والوطن، كلمات جوفاء لا يلتفت إليها الشاب المنبوذ العاطل عن العمل ولا حامل الشهادات العليا، الذي لا يرى فرصة، لأن نتائجها محسومة سلفا، قبل الإعلان عنها.

كما أنها مفاهيم، تصبح ملتبسة بالنسبة للمريض الذي تبيعه الصيدلية جهارا دواء مغشوشا، والفقير الذي يطحنه جشع التاجر الذي لا يرضى من الربح، سوى مضاعفة الأرباح، حتى ولو كانت بضاعته مغشوشة أو منتهية الصلاحية.. ولا خريج الدراسات العليا الذي يحاصره اليأس من الترقي أو تحسين الظروف، لأنه تأكد بالدليل أن المناصب، هي حكر على أوساط وأسر معينة، لا تشترط فيها الكفاءة ولا القوة ولا الأمانة.

واقع دفع بشباب الدول التي لا يحكمها قانون ولا تضبطها معايير ملزمة إلى الهجرة، التي يكون الشباب فيها بين خيارين:

- خيار الوصول بأي ثمن إلى ديار الغرب، بحثا عن فرصة ولو بالوقوع بين مخالب عصابات الإجرام، أو الموت المحتوم.

- أو البقاء في وطن يضطهدهم ويرمي بهم في وحل البطالة، حيث الشعور بالدونية والضياع، الشيء الذي يذكي مرارته، بقاءهم عالة على أسرهم، التي علمتهم وربتهم، وصرفت عليهم الكثير من أجل أن يصبح لهم دور يلعبونه في وطنهم.

واقع يدفع بالشباب المتعلم وغير الحامل لأي شهادة- على حد سواء-  إلى الخيار الأول، الذي يقذف بهم خارج الوطن ولو لحظة واحدة، لأن وطنهم تحكمت فيه نخب، هي عبارة عن مافيا، لا يحكمها ضمير ولا تردعها عقوبات زاجرة.

نخب تبيع مصالح الوطن بأبخس الأثمان ، وتدمر بنيان الدولة ، تحت شعار التحديث والتطوير والإصلاح ومحاربة الفساد.. وفي ظلها ينهار الاقتصاد ويتردى التعليم وتختفي الصحة ويهتز الأمن وتضيع المسؤولية، وتختفي نهائيا مفاهيم الوطن والوطنية..

وعندها يتحول الوطن إلى سجن لمواطنيه، طاردا للكفاءات والخبرات.. فيه تخيب الآمال وتضيع الحقوق ويسود قانون الغاب..

 لذا لا بد من الضرب بيد من حديد(من طرف الجميع) على الفساد الذي دمر التنمية وغيب المعايير، وحول بلادنا إلى وطن طارد لبنيه، تتقاذفهم مافيات المخدرات، فيتحولون الى هياكل بشرية تخلو من معنى البشرية..ومن نجا منهم من مخالب عصابات المخدرات، يجد أمامه عصابات الجريمة المنظمة تتلقفه ليكون عنصرا فاعلا فيها.

 

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك