المقالات

لنتحسس أمر يوسفنا..!


إيمان عبد الرحمن الدشتي ||

 

يعقوب النبي فقد بصره بنحيبه على فراق وليِّ عصره ولده يوسف عليهما السلام، ولم يهجع في البحث عنه ولم يستسلم ولم يستكين، فهل تعاملنا مع وليِّنا بأنفاس موجوعة يعقوبية؟!

خرجتُ إلى باحة الدار فجراً فأحسست ببرودة الطقس، وإذا بفكري يسرح ليتفقد غائبا أبعدته السنون العجاف، وفي مقلتيَّ قد تزاحمت الدموع، فتساءلت: كيف حال إمامي الآن؟ وهل من الوفاء أن لا أستشعر حاله قبل هذا الوقت؟! كيف لجفن  المحب أن يمر عليه الوسن وحبيبه ليله مسهّد؟!

كيف سيكون حالنا لو أن أحد أحبابنا خارج البيت في هكذا أجواء، وهو ليس بكامل عدته الملائمة؟ ألا نتألم إن علمنا أنه ليس على ما يرام؟! فكيف بأغلى الأحباب؟!

نعلم أن إمامنا بلا مأوى! ولا سقفاً يحميه! نعلم أن المصائب من كل صوب تتقاذف قلبه الشريف! ومصيبة هذه الليالي من أعاظمها، حيث يُفجع برحيل جدته الزهراء (عليها السلام) وهي كسيرةُ الضلعِ ملطومةُ الخدِّ مسقطةُ الجنين، وفؤادها خزانة الألم على ترك أبي الحسن وأولادهما، يصارعون الم فراقها بين أناس ما عرفوا حقهم ومنزلتهم! فأي حال فيه إمامنا؟!

أيحقُّ لنا أن لا نتفقده ونسأل عنه، ونحن نعلم أن ذلك يهون عليه أوجاعه ويؤنسه في غربته؟! ألسنا ممنْ إدَّعينا محبته وهو ليس له غيرنا؟ لماذا لا نثبت صدق إدِّعائنا؟!  كم جميل أن نناجيه ليطمئن أن له أعواناً يفزعون له في شدته وألمه؟! لماذا لا نشعره أنه حاضر في وجداننا بأبي هو وأمي؟!

يعقوب النبي على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام لم يستكين ولم ييأس من البحث عن غائبه، كان يوصي المسافرين بأن يستعلموا خبره ويتفقد العائدين من السفر وكله شوق في سماع نبأ عن ضالته، لم يقر له قرار حتى جاءه البشير حاملا عطر قميصه، عطرا سرى في عروقه فأحيا ما قد مات منها، فأبصر جمال الدنيا التي فيها يوسفه.

أئمتنا عليهم السلام، قد ألقوا على عيون عشاق قائمهم قميص الإنتظار معطرا بعطر الأمل، أرشدونا إلى طريقه من خلال ما رووا من أحاديث، أكَّدوا أنه (أرواحنا فداه) منتظِرٌ، لأنصار قادرين معه على تحمل عبئ المشروع الإلهي، ليحوّل دنيانا لأخرى لم يشهد جمالَها أحدٌ قط، فلماذا نغفل عن ذكره ولا نبحث عنه بحث العاشق الولهان بين مفردات تلك الأحاديث؟! أنسينا أن أمره بغتة وستسقط عندها كل بطانة ووليجة؟!

 يا لخزي التائهين الغافلين الضالين عن سبيله! فلربما سيقولون له يوماً "إن لم يتداركوا أنفسهم": (إرجع يابن فاطمة، لا حاجة لنا بك!)

لنكن يعقوبيين في علقتنا بولي عصرنا، نملأ ساعاتنا بشذى رفقته، فهو قريب منا، يسمعنا إذ نناجيه ويجيبنا ويستأنس بنا، لا يحول بيننا وبينه إلا سِتار الغيبة، فلنتحسس أمره لعلنا نوفق للقياه.

 

 

ــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك